العلامة أوريجانوس
[أتعتقد أن ربنا -الكاهن الحقيقي- يتنازل ويأخذ منيّ أنا أيضًا نصيبًا من محتوى البخور الرقيق ليحمله معه إلى الآب؟! أتظن أنه يجد فيَّ قليلًا من الشعلة والمحرقة المنيرة فيتنازل ويأخذ هذا الفحم المملوء بخورًا ويقدمه للآب رائحة ذكية؟! طوبى لمن وجد عنده فحم المحرقة ملتهبًا بالنار المنعشة فيحكم عليه أنه مستحق أن يوضع على مذبح البخور! طوبى لمن كان قلبه رقيقًا وروحانيًا لديه الفضائل المذكاه فيتنازل الرب ويملأ يديه ليقدم للآب منه رائحة ذكية! وبالعكس الويل للنفس التي انطفأ فيها نار الإيمان وبردت فيها شعلة المحبة، إذ يأتي كاهننا الحقيقي ليطلب منها الفحم الملتهب المضيء ليقدم بخورًا للآب فلا يجد إلاَّ رمادًا يابسًا ونارًا منطفئة! هذا هو حال الذين يبتعدون عن كلام الرب وينسحبون منه حتى لا يسمعون فيلتهبوا بالإيمان عند سماعهم للكلمات الإلهية ويحترقوا بالحب. أتريد أن أظهر لك النار النابعة عن كلمات الروح القدس التي تشعل قلوب المؤمنين؟ إسمع داود النبي يقول في المزمور [كلام الرب ألهب قلبي] (مز 119: 140). أيضًا مكتوب في الإنجيل أن كلوباس بعدما تحدث معه الرب قال: "ألم يكن قلبنا ملتهبًا فينا إذ كان يكلمنا في الطريق ويوضح لنا الكتب؟!" (لو 24: 32). وأنت أيضًا من أين تأتيك الحرارة؟ كيف تجد فحم النار في داخلك إن لم تحترق دومًا بكلام الرب وتلتهب بكلمات الروح القدس؟! إسمع داود أيضًا يقول: "حَمِيَ قَلْبِي فِي جَوْفِي. عِنْدَ لَهَجِي اشْتَعَلَتِ النَّارُ" (مز 39: 3)].