|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المسيح سلامنا (2: 11- 22) رأينا فيما سبق التوافق بين جزئَي ف 2، بين 2: 1- 10 و2: 11- 22. فالمقطوعة الثانية أمينة للنموذج الذي عرفناه. في الوسط، الاحتفال الكرستولوجي مع نشيد السلام (آ 14- 18): "لأنه هر سلامنا، هو الذي جعل من الشعبين واحداً". وقبل هذا النشيد وبعده، نجد تعليمين في صيغة المخاطب الجمع، يُوجّهان إلى القرّاء. فالتعليم الأول (آ 11- 13) يتذكّر وضع استبعاد أولي: كنتم غرباء، أجانب. والتعليم الثاني (آ 19- 22) ينقل الإنجيل إلى وضع استدخال أخير. "لستم بعد غرباء ولا نزلاء، بل أنتم مواطنو القدّيسين". وهكذا يقودنا النصّ من الازدواجية والقسمة إلى الوحدة. إن الاحتفال (آ 14- 18) الذي يُنشد عمل التحوّل فينا، يبدأ بعبارة (لأنه هو) تميّز كو 1: 15، 17: الذي هو صورة الله... الذي هو رأس الجسد. للمرّة الأولى في أف، يسوع هو الفاعل (نقض الحاجز، أزال الناموس، صالح). إنّ موضوع هذه القصيدة يبدأ مع آ 13 (أنتم الذين كنتم قبلاً بعيدين، قد صرتم قريبين بدم المسيح)، ثم يتوسّع منطلقاً من الصليب الذي يُذكر في النهاية: "بالصليب الذي به قتل العداوة". هذا هو الموضوع الذي أعلن منذ ف 1: جمَع العالم عبر المصالحة التي تضع ختمها على وحدة في الكنيسة تضمّ المسيحيين الآتين من العالم اليهوديّ وأولئك الآتين من العالم الوثنيّ. إنّ تعداد ما فعله المسيح يرد في أفعال في صيغة الحاضر أو في صيغة اسم الفاعل. فالفعل المشرف (هو سلامنا) تسنده أربعة أسماء فاعل تتوالى: صنع، نقض، أزال، قتل. والهدف: لكي يخلق- لكي يصالح. ونتوقّف بشكل خاصّ عند وجهتين. هناك القطب المركزي (آ 14- 18) ومحطتان من هنا وهناك (آ 11- 13، آ 19- 20). هناك حرف الجر "إن" الذي يعني: في، ب. وهناك لفظة "واحد". فالسلام يتمّ في المسيح، في دمه (آ 13)، في جسده، في بشريّته (آ 14)، فيه (آ 15). وذلك من أجل إنسان واحد (آ 15)، جسد واحد (آ 16)، روح واحد (آ 18). تشكّل مفردات "صليب، دم، بشرية (أو: جسد)" معالم تدلّ على تجذّر الميثاق الجديد. معالم محدّدة، ولكن بُعد ما حصل يبقى بلا حدود: فالبشريّة كلها هي معنيّة بها. كانت الأمم "بحسب الجسد"، "بفعل اليد في الجسد" (آ 11)، كانت "بدون مسيح"، محرومين من المواطنية، غرباء، بلا إله (آ 12). ولمّا صار المسيح سلامنا (آ 14- 18)، صاروا في الروح (آ 22). وكان الهيكل الذي لم تصنعه يد إنسان (آ 21). والمسيح حجر الغلقة (آ 20). صاروا مواطنين، أهل البيت، وحقّ لهم الإقتراب من الآب (آ 19). إنّ أساس هذه النظرة الواسعة التي تقود "من الجسد" (آ 11) إلى "الروح" (آ 22)، نجده في كو 1: 19- 22: "فيه ارتضى الله أن يحلّ الملء كله... وأنتم الذين كنتم من قبل غرباء وأعداء... قد صالحكم". أمّا الوجهة الثانية فهي وجهة التعارض والنقائض. هناك "نحن" (المتكلّم الجمع) و"أنتم" (المخاطب الجمع). هناك "قبل" (آ 11، فيما مضى) و"الآن" (آ 13)، وتعارض بين ماضٍ من الحرمان والاستبعاد، وحاضر مليء بالمستقبل والمشاركة والوحدة (ق 2: 2؛ 3: 5- 10؛ 5: 8). وبجانب هذا العنصر الزمانيّ يدخلنا إيراد أشعيا في العنصر المكاني: "بعيدين" و"قريبين". وهكذا نصل إلى الهدف عينه. كان الأفق أفق الخطيئة ونعمة الخلاص على طريق المعمودية التي ينالها المؤمن. فامتدّ إلى المجال الإجتماعي مع مدلول "الانتماء" و"عدم الانتماء" مع استعارات جغرافيّة أو هندسيّة: حاجز، مدينة، بناء... وتُبرز نهايةُ المقطع كل ما يتعلّق بالبيت والسكن: مواطن، أهل، عائلة، أساس، حجر الغلقة، هيكل، تنسيق، مسكن... وهذا البناء ليس مزجاً ولا خليطاً: البناء هو تجمّع يكون فيه كل جزء في مكانه: الأساس، القمّة، اللحمات، الحجارة. هذا هو مسكن المسيح على الأرض. هذه هي الكنيسة. كل هذا يقود النصّ إلى المجدلة، إلى السلام والوحدة. المسيح يقوم في نهاية المحطّة الأولى: "أما الآن في المسيح يسوع" (آ 13). والآب في نهاية المحطّة الثانية: "التوصّل إلى الآب" (آ 18). والروح في نهاية المحطّة الثالثة: "مسكناً لله في الروح" (آ 22). إنطلق الكاتب من كو 1: 20- 22 فأعاد كتابته. أخذ كل عنصر من نواة كو الموجزة فتوسّع فيه. هناك "غرباء وأعداء" (كو 1: 21). صرنا أمام مقولة عامة صيغت بالنظر إلى استبعاد تجاه شعب الله، شعب إسرائيل. وهكذا صارت المصالحة جمعاً بين فئتين. هناك "جسد بشريّته" (كو 1: 23). تحوَّل إلى جسد واحد غابت عنه الفوارق بين فئة وفئة. هناك تقدمة لله في القداسة (كو 1: 22). صار الجميع قريبين، أولئك الذين كانوا بعيدين والذين كانوا قريبين. والنداء لنُبنى ونثبت في الإيمان، تحوّل إلى صورة عن بناء، عن خليقة جديدة مع أساساتها التي هي الرسل والأنبياء، وحجر الغلقة يسوع المسيح. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
المسيح هو سلامنا |
المسيح صانع سلامنا |
المسيح سلامنا |
المسيح هو سلامنا (أف 2: 14) |
المسيح هو سلامنا |