|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ذرية إبراهيم ومفهوم الحرية (ع 30-41): 30 وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ بِهذَا آمَنَ بِهِ كَثِيرُونَ. 31 فَقَالَ يَسُوعُ لِلْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ: «إِنَّكُمْ إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلاَمِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تَلاَمِيذِي، 32 وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ، وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ». 33 أَجَابُوهُ: «إِنَّنَا ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ، وَلَمْ نُسْتَعْبَدْ لأَحَدٍ قَطُّ! كَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ: إِنَّكُمْ تَصِيرُونَ أَحْرَارًا؟» 34 أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ. 35 وَالْعَبْدُ لاَ يَبْقَى فِي الْبَيْتِ إِلَى الأَبَدِ، أَمَّا الابْنُ فَيَبْقَى إِلَى الأَبَدِ. 36 فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الابْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا. 37 أَنَا عَالِمٌ أَنَّكُمْ ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ. لكِنَّكُمْ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي لأَنَّ كَلاَمِي لاَ مَوْضِعَ لَهُ فِيكُمْ. 38 أَنَا أَتَكَلَّمُ بِمَا رَأَيْتُ عِنْدَ أَبِي، وَأَنْتُمْ تَعْمَلُونَ مَا رَأَيْتُمْ عِنْدَ أَبِيكُمْ». 39 أَجَابُوا وَقَالُوا لَهُ: «أَبُونَا هُوَ إِبْرَاهِيمُ». قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لَوْ كُنْتُمْ أَوْلاَدَ إِبْرَاهِيمَ، لَكُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ إِبْرَاهِيمَ! 40 وَلكِنَّكُمُ الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي، وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللهِ. هذَا لَمْ يَعْمَلْهُ إِبْرَاهِيمُ. 41 أَنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ أَبِيكُمْ». فَقَالُوا لَهُ: «إِنَّنَا لَمْ نُولَدْ مِنْ زِنًا. لَنَا أَبٌ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ». ع30-32: "آمن به كثيرون": ولكن إيمانهم لم يكن كافيا، بل يعتبر مجرد قبول، بدليل حث المسيح إياهم في الآية 31 بالثبات في كلامه. وتدل الأعداد القادمة من نفس الأصحاح على انقلابهم السريع على المسيح. "تعرفون الحق": تدركون من أنا، فأنا هو "الطريق والحق والحياة" (ص 14: 6). وهذا الحق - أي أنا - هو الوحيد المحرر من عبودية الشهوات والخطية، بل المخلص الوحيد من عقوبة الخطية.. ع33: أي إننا أبناء لإبراهيم الحر، والذي لم يكن عبدا لأحد، وبالتالي نحن أحرار.. نلاحظ الآتي: أولًا: أنهم لم يفهموا ما قصده المسيح روحيا، بل انصرفوا لمعنى الحرية السياسى بأنهم ليسوا عبيدا لأحد، وكانت بنوتهم لإبراهيم موضع فخرهم الجسدي أمام الأمم. ثانيا: أنهم، حتى على مستوى الفهم السياسى المادي، وقعوا في مغالطة تاريخية، وهي أنهم كانوا مستعبدين بالفعل لممالك كثيرة، مثل بابل وأشور وبلاد اليونان وكذلك الحكم الروماني المواكب لعصر المسيح. ولهذا الفهم القاصر والمغلوط، استنكروا على المسيح كيف يدعوهم للحرية.. غير مدركين دعوة خلاصه؟! ع34: "الحق الحق": أسلوب تكرار للتأكيد، استخدمه المسيح كثيرًا. والمعنى هنا، إنكم لا تدركون ما عنيته: بالحق يحرركم. ولهذا، في إيضاح جديد، يواجه المسيح اليهود بما قصده، وهو أن كل إنسان غير تائب ويحيا حياة الخطية، هو عبد وليس حرا، بصرف النظر عن نسبه أو انتسابه أو وصفه السياسى؛ فالمعمودية والحرية مقياسها عند الله بخلاف الناس، فهي إما الخطية أو التوبة. وبالتالي، كم من قديسين سُجنوا وتم نفيهم، ولكن حياة البر والتوبة جعلت منهم أحرارا.. "عبد للخطية": هذه الكلمة تصور لنا بشاعة سلطان الخطية، كسيد شرير، يتحكم في إرادة الإنسان، الذي لا يملك حولا ولا قوة أمام هذا السيد. والتوبة الصادقة، والعودة إلى حضن الله، هما طريق الحرية الحقيقي من نير هذه العبودية. ع35: أما النتيجة، فإن العبد المستعبَد لهذا السيد الشرير، لا يبقى في البيت طالما الخطية هي سيده، فلا مكان للعبيد بين الأبناء. أما الابن، أي المسيح، فبقائه شيء طبيعي، فهو الوارث لكل بيت أبيه.. ع36-37: "إن حرركم الابن": وإن كان المسيح هو مصدر الحرية الحقيقية الوحيد، إلا أنه وضعها في أسلوب شرطى: "إن حرركم". وهذا الشرط لا يعود على مشيئة المسيح في منح الحرية، لكن يعود على اليهود في قبولهم لهذا الخلاص من عدمه، بمعنى آخر: لديكم الحرية الحقيقية الممنوحة من الابن، فهل تقبلوها؟ أما من الناحية الجسدية (ع37)، فأنا أعلم أنكم ذرية إبراهيم. ولكن هذه البنوة الجسدية صارت قاصرة جدا، ولا تعني شيئًا عند الله، بدليل عدم قبولكم لكلامى وإيمانكم به، بل بدلًا من هذا - وأنا العالم لفكر قلوبكم - تطلبون موتى؛ وقد كرر المسيح هذا الكلام في (ص 7: 19) من حيث رغبتهم في قتله، وعبارة "كلامى لا موضع له فيكم"، تقابل ما قاله في (ع31) "إن ثبتم في كلامى"، وهذا معناه أن المسيح كان يعلم أولًا أنهم لم ولن يثبتوا في كلامه! ع38: "أنا أتكلم بما رأيت عند أبى": (راجع يو 5: 19-20) "وأنتم تعملون": أي أن المسيح هنا ينكر بنوتهم لإبراهيم، وينسب بنوتهم للشيطان، فطلبهم قتله هو مشيئة الشيطان نفسه, وبالتالي، ليس لهم أن يدّعوا إنهم أبناء إبراهيم، طالما أن عملهم يتمشى مع مشيئة أب آخر، وهو إبليس. ع39-40: يلفت السيد المسيح نظرنا هنا إلى مبدأ هام، وهو أن الإنسان لا يُقَيّم بما يدعيه عن نفسه، ولكن بالأعمال التي يعملها. فمثلا، ليس كافيا أن نقول: إننا كنيسة تذخر بالقديسين. ولكن، هل لنا جهاد وأعمال آبائنا القديسين؟ ولهذا، فالمسيح ينكر على اليهود ثانية ادعاء بنوتهم لإبراهيم، بسبب أعمالهم التي تتنافى مع هذا الانتساب. والخلاف هنا، هو أن إبراهيم آمن ووثق في كلام الله، وتبعه بكل قلبه. أما من يدعون إنهم أبنائه، فإنهم يرفضون كلمات الحق والحياة من فم الإله نفسه، بل يطلبون قتله. ع41: إذ نفى المسيح على محدثيه بنوتهم لإبراهيم، مما أغاظهم جدا، لافتخارهم بهذا النسب، جاء ردهم في نقطتين: الأولى: إننا لسنا أولاد زنا، أي أنسابنا محفوظة إلى إبراهيم، بل إلى آدم، ولم نختلط بالأمم ولم نتزاوج منهم؛ وكان اليهود يعتزون دائما بحفظ سجلات أنسابهم عن ظهر قلب. الثانية: إنهم رفعوا بنوتهم إلى الله مباشرة، وهو الأعلى من إبراهيم، وهو الآب الواحد لنا جميعا. ملاحظة: بالرغم من هذا الافتخار بالبنوة الكاذبة، ونفى تهمة الزنا، إلا أن تاريخ الكتاب المقدس يخبرنا أن هذا الشعب كثيرا ما زاغ وزنا جسديا مع بنات الأمم وتزاوج منهم، وكذلك زنا روحيا بترك الله، وعبادة آلهة الأمم على المرتفعات وتقديم ذبائح لها (راجع نح 13: 23؛ إر 3: 6-10)، مما عرضهم لعقوبات الله التي كانت أصعبها أسرهم وتشتيتهم. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|