|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قال بولس الرسول لأهل كورنتوس: سوف تُغسَلون بل اغتسلتم. في الماضي. ولا قال: سوف تقدَّسون. بل »قدِّستم« في الماضي. سبق الربُّ وعمل فيكم الأعمال العجيبة. أمّا التقديس فيعني الانفصال المرتبط بالتكريس. نكرِّس موضعًا لله فيصبح مفصولاً عن الاستعمال الدنيويّ. ويكرَّس الكاهن فلا تعود حرِّيَّته له بأن يفعل ما يشاء. وكذا نقول عن الراهب والراهبة، بل عن المؤمنين. فبطرس حين أعلن محبَّته للربّ، قال له الربّ: في الماضي كنتَ تذهب حيث تريد... والآن يأخذونك إلى حيث لا تريد (يو 21: 18). بالعماد، بالاعتماد، ينتقل المعمَّد الجديد من عالم إلى عالم. مرّات يقول الرسول: كنتم. أمّا الآن فلا: »لا تملك الخطيئة في جسدكم σωματι المائت لكي تطيعوا شهواته، ولا تجعلوا من أعضائكم سلاحًا في سبيل الخطيئة... فلا يكون للخطيئة سلطان عليكم بعد الآن...« (رو 6: 12-14). إذا كان المدلول الأوَّل للقداسة يعني الانقطاع عمّا هو دنيويّ والانفصال، فالمدلول الإيجابيّ يجعلنا تجاه ديناميَّة، تجاه سرٍّ وبهاء حيث نرى ما هو فوق الطبيعة، فيحسُّ الإنسان برهبة وسحر معًا، ويشعر أنَّه صغير أمام تجلّي العظمة الإلهيَّة. أمّا المعمَّد فيعرف أنَّه مدعوٌّ إلى هذه القداسة، إلى أن يتجاوب مع هذه القداسة التي منحه الله إيّاها. لهذا كان »الاغتسال« لا بالماء فقط، بل بالماء والروح، والمسيرة إلى البرِّ والطاعة والمحبَّة: »كونوا قدّيسين لأنّي أنا قدّوس« (لا 19: 2؛ 20: 26). تبرَّرتم. وهكذا نصل إلى البرّ δικαιοσυνη الذي هو عطاء مجّانيّ من لدن الله. فأعمال البشر، ولاسيَّما أعمال الشريعة، لا تبرِّر الإنسان، بل هي لقاء مع الربِّ الذي سبق وبرَّرنا. لهذا كان الفعل هنا في صيغة المجهول εδικαιωθητε: بُرِّرتم. أي الله برَّركم، جعلكم أبرارًا. فالبرُّ يجعلنا في طريق الخلاص، في »النجاة« من الغضب الاتي. تلك مرحلة أولى. وفي مرحلة ثانية، البرُّ الحقيقيّ نعمة يمنحها الله الآن. من هنا تكون الحياة المسيحيَّة برّ الله وارتباطًا بالخلاص والملكوت. حياة البرِّ تقوم في إرضاء الله، والدخول في حياة حميمة معه. هنا نأخذ في عين الاعتبار أمرين: وضعُ الخطيئة حيث البشر غاطسون، يجعلهم غير قادرين على الدخول والمشاركة مع الله. هم لا يستطيعون أن يتحرَّروا من النظرة المشوَّهة، من الضعف، من فساد الإرادة. والأمر الثاني هو أنَّ الله حرٌّ كلَّ الحرِّيَّة. فلا أحد يُكرهه أو يُقنعه لكي يعمل بهذه الطريقة أو تلك. فإذا أردنا أن نجد حظوة لديه، فهذا عطاء يتعلَّق به وحده(15). ولكنَّنا في العماد دخلنا في هذه الحياة مع الله، فقال لنا الرسول: »فالذين سبق فاختارهم، سبق فعيَّنهم ليكونوا على مثال صورة ابنه حتّى يكون الابنُ بكرًا لإخوة كثيرين. وهؤلاء الذين سبق فعيَّنهم، دعاهم أيضًا، والذين دعاهم برَّرهم أيضًا، والذين برَّرهم مجدَّهم أيضًا« (رو 8: 29-30). أجل، ذروة التبرير التي ننال من الربِّ تصل بنا إلى المجد (آ18) بعد أن كان لنا التبنّي وافتداء أجسادنا. وكلُّ هذا يكون »باسم الربِّ يسوع المسيح وبروح إلهنا« (1 كو 6: 11). |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|