|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يسوع المسيح هو الربُّ اعتادت الرسائل البولسيَّة أن تذكر في بدايتها الله الآب والربَّ يسوع المسيح. ففي الرسالة الأولى إلى كورنتوس نقرأ: »عليكم النعمة والسلام من الله أبينا والربِّ يسوع المسيح« (1: 3). وتتكرَّر العبارة عينها في الرسالة الثانية إلى كورنتوس (1: 2) وفي الرسالة إلى أفسس (1: 2). ونشير إلى أنَّ لفظ »الربّ« kyrios في كلام عن الربِّ يسوع يرد مرّات ومرَّات في الرسائل البولسيَّة. ففي الرسالة إلى رومة وحدها نقرأ العبارة عشرين مرَّة تقريبًا، ولا نقول شيئًا عن سائر الرسائل. هذا ما أتاح لآباء المجمع في نيقية أن يقولوا: »وبربٍّ واحد يسوع المسيح«. ماذا تعني كلمة الربّ kyrios؟ هذا الموصوف اليونانيّ kyrios تكوَّن في القرن الرابع ق.م. انطلاقًا من الصفة التي صارت موصوفًا to kyrios: سيِّد فلان أو فلانة، من له سلطة، السلطان. مثلاً، سيِّد المدينة. وتوسَّع المعنى: السيِّد، مالك العبد، مالك البيت. وما عتَّم هذا اللفظ أن اتَّخذ المدلول الدينيّ: فالإله هو الربُّ kyrios. وما نلاحظ في الشرق هو أنَّ الملك يُدعى الربَّ والإله. ذاك ما قيل عن بطليمس الثالث عشر (51-47 ق.م.): الربُّ الملك الإله. ودُعيَ بطليمس الرابع عشر (47-44 ق.م.) مع امرأته كليوبترا kyrioi theoi megisthoi الربّان الإلهان العظيمان جدٌّا. وفي رومة أُلِّه الإمبراطور. فدُعيَ أوغسطس سنة 12 ق.م. theos kai kyrios kaisar autocrator: الإله والربّ القيصر الحاكم بأمره. وحافظ خلفاؤه على اللقب kyrios وخصوصًا نيرون Kyrios Nero. ومن خلال هذا، نجد الكلام عن العظمة والجلالة وارتباط بالمسكونة oikoumené. هنا نفهم ما قاله لوقا في مقدِّمة خبر ميلاد الربِّ يسوع: »وفي تلك الأيّام صدر أمرٌ من أوغسطس قيصر بأن يُكتَب كلُّ المسكونة« (2: 1). الثورة الأولى بدأت مع الترجمة اليونانيَّة المدعوَّة السبعينيَّة. ما استعملت كيريوس فقط في المعنى العاديِّ والمعروف: سيِّد البيت (قض 19: 22-23) أو الثور (خر 21: 28-29) أو بئر (خر 21: 34)، بل ترجمت المربَّع الإلهيَّ (ي هـ و ه)، بحيث إنَّ إله موسى هو »الربّ« kyrios. قال المزمور 68: 5: اسمه الربّ kyrios onoma autô (مز 148: 13). والله قال عن نفسه: »يعرف المصريّون أنّي أنا الربّ« egô eimi kyrios. وهكذا يصاغ لاهوت بالنظر إلى سيادة هذا الإله القدير والمتسامي، الذي يجب أن يخافه الإنسان ويحبَّه. عرشُه في السماوات (مز 103: 19؛ سي 1: 8). هو »العليُّ على كلِّ الأرض« kyrios hypsistos (مز 97: 9؛ سي 16: 1؛ دا 2: 19)، ومجده يدوم إلى الأبد (خر 16: 7، 10؛ عد 14: 10). إله الشعب العبرانيِّ هو الربُّ الملك، الربُّ الذي يملك إلى الدهر والأبد« (خر 15: 18؛ مز 146: 10). هو الربُّ والله (إر 31: 18؛ با 2: 27؛ 3: 6). هو »الربُّ وإله الآلهة« (مز 50: 1؛ 95: 3؛ 96: 4). وقال المرتِّل: »أنا عرفتُ أنَّ الربَّ عظيم megas، وربُّنا فوق جميع ِpara pantas الآلهة« (مز 135: 5). في الإسكندريَّة بآلهتها المتعدِّدة ومعابدها، أعلن الكتاب المقدَّس أنَّ الله هو الربُّ المتسامي، المتعالي، وهو وحده الله في العالم. والثورة الثانية قام بها بولس الرسول في أوَّل ما نعرف من كتب العهد الجديد. فأعطى لقب الربِّ ليسوع المسيح. ففي سنة 51، دوَّن الرسالة الأولى إلى تسالونيكي فكتب: »بولس وسلوانس وتيموتاوس، إلى كنيسة التسالونيكيّين، في الله الآب والربِّ يسوع المسيح« kai kyrio Iesou Christô. ثمَّ أضاف العبارة عينها في الآية ذاتها: »نعمة لكم وسلام من الله أبينا والربِّ يسوع المسيح« (1 تس 1: 1). وعاد وقال في آ3: »نذكر أمام إلهنا وأبينا ما أنتم عليه بربِّنا يسوع المسيح«. بالنسبة إلى الشعب اليهوديِّ، أعلن بولس أنَّ يسوع هو كيريوس، هو يهوه، الإله الذي هو. أو كما قال اليونان: الكائن. أنا هو »الكائن« egô eimi hô ôn. ممّا يعني المساواة التامَّة بين ما قيل عن الله وما يُقال عن يسوع المسيح. سوف يقول »النؤمن«: إله من إله، نور من نور، إله حقٌّ من إله حقٍّ«. رفض الشعب اليهوديُّ أن يعلن يسوع عن نفسه أنَّه »الله«، وأرادوا أن يرجموه أكثر من مرَّة. مرَّة أولى، قال لهم يسوع: »الحقَّ أقول لكم: قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن« (يو 8: 58). أو: أنا هو. وماذا كانت ردَّة الفعل: »رفعوا حجارة ليرجموه«. ومرَّة ثانية قال: »أنا والآب واحد« (يو 10: 31). فجاؤوا بحجارة ليرجموه. وبولس شدَّد على أنَّ يسوع هو الملك الإلهيّ والمسيح الآتي من أجل خلاص البشر. لهذا كتب تلميذه القدّيس لوقا موردًا كلام الملاك: »وُلد لكم اليوم في مدينة داود مخلِّص هو المسيح الربُّ« sôter hos estin christos kyrios (2: 11). وطرح الشعب الرومانيُّ: من هو الربُّ وسيِّدُ المسكونة؟ هل هو الإمبراطور؟ وجاء الجواب: كلاَّ. ففي مشهد الميلاد، الطفل الإلهيُّ هو سيِّد المسكونة، لا ذاك الذي اعتبروه حاملاً السلام على الأرض بعد الحروب العديدة التي خاضها. حامل السلام هو ذاك الذي أنشده الملائكة: »المجدُ لله في العلى وعلى الأرض السلام« (آ14). والله أراد أن يجمع في ابنه »في المسيح كلَّ شيء، ما في السماوات وما على الأرض« (أف 1: 10). وقال بولس في الأولى إلى تيموتاوس: »صادقة هي الكلمة ومستحقَّةٌ كلَّ قبول أنَّ المسيح يسوع جاء إلى العالم ليخلِّص الخطأة الذين أوَّلهم أنا«. أجل، لخلاص العالم كلِّه. وفي هذا نقرأ إنجيل يوحنّا: »هكذا أحبَّ الله العالم حتّى بذل ابنه الوحيد« (يو 3: 16). وبما أنَّنا في الإطار اليوحنّاويّ، نلاحظ هذا الصراع بين المسيحيّين الذين يعلنون يسوع كيريوس، الربَّ، وبين السلطة الرومانيَّة التي تعتبر الإمبراطور هو كيريوس الذي يجب أن يُخضع له الجميعُ ويسجد ويقدِّم البخور. فمنذ بداية سفر الرؤيا يرد فعل إيمان بالمسيح: »هوذا يأتي مع السحاب (كابن الإنسان، دا 7: 13؛ مت 24: 30)، وستنظره كلُّ عين، والذين طعنوه (يو 19: 34)، وينوح عليه جميع قبائل الأرض (زك 12: 10، 14). أنا الألف والياء (أي البداية والنهاية، مخطوط جبل أتوس، القرن التاسع)، قال الربُّ الإله، الكائن والذي كان والذي يأتي، القادر على كلِّ شيء« (1: 7-8). ماذا بقي لأوغسطس الذي وُلد سنة 63 ق.م. وتوفِّي سنة 14 ب.م. والذي حكم من سنة 27 ق.م. إلى سنة 14 ب م؟ له بداية وله نهاية. ثمَّ إنَّ قدرته تقف عند حدٍّ من الحدود، أمّا الابن فلا حدود لسلطانه .pantokrator لهذا دعاه سفر الرؤيا: ملك الملوك وربُّ الأرباب (19: 16) basileus basilôen kai kyrios kyriôn. وسبق وقال: »ملك الربِّ الإله القادر على كلِّ شيء« (آ6). وربط سفر الرؤيا كلامه بما قيل عن »يهوه« في ترجوم العهد القديم، الذي هو من الأزل إلى الأبد: »الكائن والذي كان والذي يكون« فيسوع هو »الذي يأتي« erchomenos ممّا يدلُّ على المجيء الثاني. »يهوه« العهد القديم هو يسوع المسيح، الربّ. وكيريوس، اسم الإمبراطور، صار اسم يسوع المسيح، الحمل الوديع، »ربُّنا الذي صُلب« (رؤ 11: 8) وقيل عنه: »صارت ممالك العالم لربِّنا ومسيحه فيملك إلى أبد الأبدين« (آ15). نلاحظ صيغة المفرد »يملك«، لا المثنّى: فما يعمله الآب يعمله الابن أيضًا، كما قال يوحنّا (يو 5: 19). وأخيرًا، يسوع المسيح هو وحده الربُّ تجاه »أرباب« مزعومين. قال الرسول إلى أهل كورنتوس: »يُوجَد آلهة كثيرون وأرباب كثيرون« (1 كو 8: 5). هم يُسمَّون هكذا، يُقَال عنهم. فمن هم هؤلاء الكثيرون؟ آلهة الوثنيّين وأبطالهم. وفي أيِّ حال، سوف يدعوهم الرسول: الشياطين: »ما يذبحه الأمم (للأوثان) إنَّما يذبحونه للشياطين« (1 كو 10: 20). تجاه هذا الاعتقاد في العالم اليونانيّ، أعلن الرسول إيمان الكنيسة: »أمّا نحن فلنا إله واحد، الآب الذي فيه جميع الأشياء، ونحن له، وربٌّ واحد، يسوع المسيح الذي به جميع الأشياء ونحن له« (1 كو 8: 6). ما قيل عن الآب قيل عن الربِّ يسوع: واحد heis. ثمَّ ta panta (كلُّ الأشياء) هي للآب والابن. فالآب خلق كلَّ شيء بالابن، على ما نقرأ في الرسالة إلى كولوسّي: »به خُلق كلَّ شيء« (1: 16). بربِّنا يسوع المسيح لنا السلام مع الله بعد أن تبرَّرنا بالإيمان (رو 5: 1). آمنّا، تعلَّقنا بالربِّ، غابت العداوة بيننا وبين الله، فعرفنا السلام مع الله وملء البركات، بيسوع صار لنا الدخول إلى النعمة والثبات فيها، بانتظار المجد الذي نرجوه منذ الآن (آ2). فلم يبقَ مجال للخوف ولا للارتياب، بل نحن »نفتخر بربِّنا يسوع المسيح الذي نلنا به الآن المصالحة« (آ11). في الماضي، ملكت الخطيئة وحملت إلينا الموت، أمّا الآن فلنا النعمة والحياة وكلُّ هذا »بيسوع المسيح ربِّنا« (آ21). ويُفهمنا الرسولُ دور الربِّ في عبورنا من الموت إلى الحياة في هذه الرسالة عينها: »احسبوا أنفسكم أمواتًا عن الخطيئة ولكن أحياء لله بالمسيح يسوع ربِّنا« (رو 6: 11). في الماضي، كانت أجرة الخطيئة الموت، أمّا الآن »فهبة الله حياة أبديَّة بالمسيح ربِّنا« (آ23). في هذا الإطار نفهم أنَّ الخلاص يرتبط بالاعتراف بيسوع المسيح. »فإن اعترفتَ بفمك بالربِّ يسوع، وآمنتَ بقلبك أنَّ الله أقامه من بين الأموات، خلصت« (رو 10: 9). والرسالة إلى تيطس تعلن في بدايتها: »نعمة ورحمة وسلام من الله الآب والربِّ يسوع المسيح مخلِّصنا« (1: 4). أجل، الربُّ يسوع »خلَّصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس الذي سكبه بغنى علينا« (تي 4: 5-6). |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الصلاة أساس الوحدة، دعا إليها الربُّ يسوع |
«الربُّ قوتي» |
الربُّ مُعينْ |
هو الربُّ! |
"ليعطك الربُّ الوفاق وفقاً لمشيئته، صلّوا من أجلي أنا الشقي لكي ينير الربُّ عينيَّ الحقيتين لأن له ا |