منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 28 - 03 - 2024, 02:34 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,259,413

بولس المدافع عن النعمة مثال لأوغسطين




بولس المدافع عن النعمة مثال لأوغسطين

بسرٍّ عميق جدٌّا وخلاصيّ، كلُّ سمات الكتب المقدَّسة، بل وجهها، هو هنا لكي ينبِّه هؤلاء الذين يعرفون أن ينظروا إليه عن قرب: »من يفتخر فليفتخر في الربّ.«

هذه الأسطر في المجموعة(46) تضمُّ بقوَّة تعليم الكتاب المقدَّس في تنبيه بولس في 1 كو 1: 31. فالدعوة إلى الافتخار في الله ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالتعرُّف إلى النعمة: »ما هو الذي لك ولم تأخذه؟« (1 كو 4: 7). هذا يدلُّ على أنَّ التعليم البولسيَّ عن النعمة يوجز، في نظر أوغسطين، تعليم الكتاب المقدَّس. كما نعرف بشهادة مصير القدِّيسين المسبق(47) أنَّ هذه الآية التي أوردها القدِّيس قبريانوس ليبيِّن »أن لا نفتخر بشيء، لأنَّ لا شيء لنا«، عملَتْ على اقناع أوغسطين بأوَّليَّة النعمة بشكل جذريّ، ساعة ردَّ على أسئلة سمبليسيانوس. فالتعليم الأوغسطينيُّ حول النعمة يجد ينبوعه في رسائل بولس، كما يدلُّ على ذلك ملفُّ النصوص الكتابيَّة التي ذكرها أوغسطين (رو 5: 1ي؛ 7: 1ب؛ 9: 1ي؛ 1 كو 4: 7؛ 2 كو 3: 6؛ فل 2: 13؛ أف 2: 8؛ 1 تم 2: 4). بولس هو أرفع »من علَّم النعمة« و»كرز بها«. وهو أيضًا لها »الشاهد«. ولا يني أوغسطين يعود إلى مثاله لكي يدافع عنها(48).

أ - المدافع عن النعمة

إنَّ تفحُّصَ أولى تفاسير الرسالة إلى رومة، أتاح لنا منذ الآن أن نكتشف دور بداية التعليم الأوغسطينيِّ حول النعمة. لا مجال هنا لتأويل النصوص البولسيَّة التي تهمُّنا. ولكن لا بدَّ من أن نبيِّن كيف أنَّ أغسطين، في بداية الجدال مع البيلاجيِّين، يتوجَّه من جديد نحو بولس لكي يعمِّق النظرة إلى النعمة ويعمِّقها في وجه البيلاجيِّين. أتوقَّف بسبب المدلول الخاصِّ عند استحقاقات الخطأة والغفران(49) وعند الحرف والروح(50). في المؤلَّف الأوَّل الذي يعود إلى سنة 411-412، وسَّع أوغسطين التعليم حول النعمة في علاقتها بكلام عن الخطيئة الأصليَّة، وقابل بين المسيح وآدم بحسب تعليم رو 5: 12-21. في الروح والحرف (دُوِّن سنة 413) وسَّع التعليم انطلاقًا من تعارض بين الحرف والروح، متوسِّعًا في النظرة البولسيَّة إلى الشريعة، وواهبًا رو 5: 5 مكانة مركزيَّة: »أُفيضَ حبُّ الله في قلوبنا بالروح القدس الذي وُهب لنا«.

والأسئلة التي طرحها »مَرسلاّن« تشرح بسهولة الإيرادات العديدة من الرسالة إلى رومة، التي نجدها في استحقاقات الخطأة(51). فحين أراد أوغسطين أن يردَّ على الذين يقولون »إنَّ آدم نفسه خُلق بحيث يكون مائتًا، ولو لم يخطأ، لا عقابًا على خطيئة، ولكن بضرورة طبيعته« (1/2: 2)، عاد بشكل صريح، في بداية الكتاب الأوَّل إلى 2 كو 5: 24؛ رو 8: 10-13، لكي يبيِّن أنَّ جسد الإنسان يمكن أن يكون مائتًا دون أن يُفرَض عليه أن يموت، لو لم تكن الخطيئة هناك. ثمَّ ضمَّ 1 كو 15: 21-22 إلى رو 5: 12، ليُثبت أنَّ نتيجة الخطيئة هي موت الجسد. إنَّ التفسير البيلاجيَّ لما في 5: 12 الذي يعارض نتيجة الخطيئة كما يعارض انتقاله بالتناسل، قاده إلى شرح رو 5: 12-21 شرحًا طويلاً (1/9: 9-15، 20)، ساعة لا يكاد النصُّ يرد في مؤلَّفات سابقة للجدال. وأخيرًا الاعتراضات المتعلِّقة بعماد الأطفال، جعلت أوغسطين »يكدِّس« الشهادات الكتابيَّة، خصوصًا تلك المأخوذة من بولس الرسول التي (كما قال) هي عديدة إلى درجة بأنَّه »دوَّن رسائل كثيرة وسهر بعناية كبيرة لكي يُبرز نعمة الله ضدَّ الذين يتشامخون بأعمالهم الصالحة وإذ يجهلون برَّ الله ويريدون أن يقيموا برَّهم، لا يخضعون لبرِّ الله« (رو 10: 3). وعالج الكتاب الثاني الطروحات البيلاجيَّة المتعلِّقة باللاخطأ impeccantia. عندئذٍ حاول أوغسطين أن يبيِّن مستندًا بشكل خاصٍّ إلى رو 7: 24-25 (2/12: 17)، إلى إقرار بولس الشخصيِّ في فل 3: 6-16 (2/13: 20)، أنَّ برَّ الإنسان يلبث ناقصًا على الأرض، وأنَّه ما من إنسان بلا خطيئة إلاَّ »الوسيط الوحيد بين الله والبشر، يسوع المسيح« (1 تم 2: 5). وأخيرًا، ناقش الكتابُ الثالث بعض تفاسير بولس التي قرأها بولس في شروح(52) بيلاج، وخصوصًا شرح رو 5: 12-13 و1 كو 7: 14 (3/2: 2-11، 19).

هذه الطروحات المتعلِّقة بالخطيئة الأصليَّة وبعماد الأطفال حرَّكت، على ما يبدو، جدالات في قرطاجة سنة 413، بحسب العظة 294(53). ينبغي بلا شكٍّ أن ننسب إلى هذه الجدالات المنظار الجديد الذي وسَّعه أوغسطين في الروح والحرف. فهذا المؤلَّف قدَّم قراءة إجماليَّة للرسالة إلى رومة، ليُثبت أنَّ الإنسان لا يقدر أن يكون بارٌّا بدون النعمة، أي بدون موهبة الروح (القدس). أمَّا البيلاجيُّون فاعتبروا أنَّ الإنسان يبلغ إلى البرِّ بقوَّة إرادته وبفضل الفرائض الإلهيَّة (2: 4-5، 8).

أمَّا أحد الأهداف الجوهريَّة لدى أوغسطين، فهو أن يوضح وضع الشريعة، ويحدِّد في أيِّ معنى يؤكِّد بولس في رو 3: 20 »أنَّ ما من بشر يتبرَّر بالشريعة قدَّام الله«. أمَّا بيلاج فماهى في تفسير رو 3: 20-21 بين أعمال الشريعة و»الختان والسبت واحتفالات أخرى« من هذا النوع، وقاوم أولئك الذين »يستغلُّون هذا المقطع ليلغوا أعمال البرّ« (في شرح رو 3: 20). ردَّ أوغسطين على مثل هذا التفسير، فبيَّن، مستندًا إلى رو 7 أنَّ »الحرف الذي يقتل« لا يدلُّ على الفرائض الطقوسيَّة وحدها، بل أيضًا على الشريعة بحيث تحرِّم الخطيئة، لأنَّها تضيف الشهوة وتزيد التعدِّي على الشرّ« (الروح والحرف 13: 21-25). وعطاء النعمة أي »الروح المحيي« يتيح لنا وحده أن نحبَّ الشريعة وبالتالي أن نتمَّها (الروح والحرف 14: 26-19: 32). ورأى فيها أوغسطين العهدَ الجديد الذي تنبَّأ به إر 31: 31-34: »الشريعة التي كتبها الله في القلوب«، ليست سوى الحضور الباطنيِّ للروح الذي يفيض المحبَّة فيبدِّد المخافة ويملأ بالفرح، »ويصنع فينا الإرادة والعمل بحسب إرادته« (فل 2: 13؛ الروح والحرف 19: 33-25: 42). تلك هي النعمة التي »تبرِّرنا« أي تجعلنا أبرارًا فتنقلنا من الخطيئة إلى البرّ (الروح والحرف 26: 45).

ب - المعترف بالنعمة

لا ينحصر الرفدُ البولسيّ، في نظر أوغسطين، في تعليمه. فوجه بولس هو شهادة ساطعة لما هي النعمة. عاد أوغسطين مرارًا إلى معنى اسم بولس Paulus. فاللفظ اللاتينيُّ يعني »القليل« peu. إن كان الرسول اتَّخذ اسم بولس فلأنَّه »آخر الرسل« (1 كو 4: 9). وتفسير 1 كو 15: 9-10 هو مناسبة دائمة لإظهار التعارض بين صِغر بولس (أنا أصغر الرسل) والعمل الذي قام به: »اشتغلتُ أكثر منهم كلِّهم...«. قال هذا ليبرز ما استطاعت نعمةُ الله أن تفعل في ذلك الذي هو وضيع. ذكر أوغسطين مرارًا اهتداء بولس في أع 9، وما اهتمَّ يومًا بأن يقابل مختلف أخبار سفر الأعمال، بل شدَّد على قدرة النعمة التي جعلت، في لحظة واحدة، من المضطهد كارزًا ومبشِّرًا. فإن استطاع المسيح أن يشفي »مريضًا« مثل بولس، فمن يقدر أن ييأس من فنِّ هذا الطبيب.

ورأى أوغسـطــين أيضًـا فــنَّ الطـبيـب في »شـوكـة الجسـد« (أو: اللحـم): sulumits hDa التي يشتكي منها بولس (2 كو 12: 7-10) التي هي أيضًا دواء ضدَّ الكبرياء (مز 59: 2، 5). فإن احتاج بولس، بمحبَّته الكبيرة، إلى طبيب، فمن يقدر أن يحسب نفسه بلا خطيئة؟ في سياق الجدال الأنتيبيلاجيّ، شدَّد أوغسطين على ضعف بولس، وهو ضعفُ يقرُّ به بولسُ نفسه. والذين يقولون إنَّ بولس لا يتكلَّم باسمه الشخصيِّ في رو 7: 15 (لا أفعل ما أريد، بل ما أكرهه إيَّاه أفعل)، قدَّم له أوغسطين في الخطبة 154 (3: 4-4: 5) فل 3: 12-14 الذي قد يفسِّره بعضهم طلبًا للاموت (= للخلود) لا للكمال. عندئذٍ أورد 2 كو 4: 7 (نحمل هذا الكنز في آنية من خزف) كما أورد 2 كو 12: 7 (ولئلاَّ أرتفع بفرط الإيحاءات وأتكبَّر). ما يُقرُّ به بولس هنا هو »ضعف نفسه« (أو: ضعفه الذاتيّ).

ولاحظ أوغسطين أنَّ بولس لم يخف من الاستشهاد، بل رغب فيه (2 تم 4: 6؛ فل 1: 23). ولكنَّه كان يفضِّل أن يرتدي الخلود وعدم الموت، دون أن يُعرَّى من الجسد (2 كو 5: 4). وأتت ثقتُه »لا من نفسه، بل من ذلك الذي وهب له كلَّ شيء«. وأخيرًا، ذكر أوغسطين »إكليل البرّ« (2 تم 4: 7-8) الذي استحقَّه بولس، وأضاف حالاً متوجِّهًا إليه: »أجل الإكليل الذي يحقُّ لك واجب لاستحقاقاتك، ولكنَّ استحقاقاتك هي مواهب من عند الله« (بيلاج 14: 35).

الخاتمة

كانت قراءة بولس حاسمة بالنسبة إلى أوغسطين. ولكن لا بدَّ من القول أيضًا أنَّ التفسير الأوغسطينيّ لبولس أثَّر تأثيرًا كبيرًا على الغرب. كيف نفسِّر مثل هذا التأثير؟ اعتبر بعضهم أنَّ النهج الذي استعمله أوغسطين في كرازته يمكن أن يشرح هذا الوضع: فأوغسطين جعل بولس يتكلَّم وتحاور معه، وأدخل عند الضرورة شخصًا ثالثًا. وهكذا صارت قراءة بولس القراءة التي يدافع عنها بولس نفسه. وفي تفاعل دقيق قوَّتْ سلطة بولس سلطة أوغسطين وسلطةُ أوغسطين سلطةَ بولس. ولكنَّ هذه الطريقة التي بها جعل أوغسطينُ بولسَ يتكلَّم، تكشف بدورها تصاحُبًا بين هذين الكبيرين. عرف أوغسطين نفسه في خبرة بولس وفي النهاية تماهى معه. لهذا فقراءة أوغسطين لبولس لا يمكن إلاَّ أن تحرِّك الفكر وتفتح الطريق إلى آفاق جديدة تمتدُّ امتداد الكنيسة.(54)
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
نلاحظ أن كثيرًا من رسائل القديس بولس الرسول تبدأ بهذه النعمة أو تنتهي بها
اسئلة دينية محيرة واجابتها مع أباء الكنيسة (ج1)† اسئلة للبابا شنودة والانبا رافئيل وابونا بولس جورج
موسيقى ترنيمة لولا النعمة اورج+عود عزف بولس باسيلي
إن سرعة بديهة بولس مثال للقوة التي وعد بها يسوع
كتاب التربية عند آباء البرية | آباء الكنيسة كمربين القمص أثناسيوس فهمي جورج


الساعة الآن 06:32 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024