* الحب الذي يحبه الله لا يمكن إدراكه ولا يتغير. فإنه لم يبدأ يحبنا منذ الوقت الذي فيه صُولحنا معه بواسطة دم ابنه، وإنما كان يحبنا حتى قبل تأسيس العالم، لكي ما نصير له أبناء مع ابنه الوحيد الجنس، أحبنا حتى قبل أي وجود لنا. ليتنا لا نتطلع إلى حقيقة مصالحتنا مع الله خلال موت ابنه، ولا نفهمها كما لو تحققت مصالحة الابن لنا معه بهذه الكيفية: أنه قد بدأ الآن يحب من كان قبلًا يبغضهم، كما لو أن عدوًا قد تصالح مع عدوٍّ، فصارا صديقين، واحتل الحب المشترك موضع البغضة، المشتركة. إنما تصالحنا مع ذاك الذي هو بالفعل يحبنا، ولكننا نحن صرنا أعداء بسبب خطايانا.
لتدركوا إني أقول الحق في هذا، فليشهد الرسول القائل: "الله بيَّن محبته لنا، لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا" (رو 5: 8). إذن يحمل الله لنا الحب حتى حين كنا نمارس العداوة ضده، ونفعل الإثم.
قيل له بالحق الكامل: "أبغضت كل فاعلي الإثم" (مز 5: 5). بهذا فإنه بطريقة مدهشة إلهية عندما أبغضناه كان هو يحبنا. فإنه أبغضنا فيما نحن عليه مما لم يخلقنا عليه... إنه يبغض ما قد فعلناه نحن في أنفسنا، ويحب ما فعله هو فينا!
هذا يمكن أن يُفهم بالحق في حالة الجميع، بخصوص ذاك الذي قيل له بالحق: "لا تمقت شيئًا مما صنعت" (حك 11 24).