* كيف تستطيع النفس الغارفة في ملذات الجسد والمنشغلة بالاشتياقات الإنسانية فقط أن توجه نظرها إلى النور العقلي، خالية من المشاغل...؟ إن عيني الخنزير اللتين تنظران دائمًا إلى أسفل لا تستطيعان رؤية عجائب السماء. وهكذا أيضًا النفس التي يدفعها الجسد إلى أسفل، لا تستطيع أن ترفع بصرها لترى الجمال العلوي، بل تتجه إلى الأشياء الوضيعة الحيوانية.
النفس التي تريد أن تكرس نظرها للتمتع بالمباهج السماوية، تلقي بما هو أرضي وراء ظهرها، ولا تشترك فيما يورطها بالحياة الدنيوية. إنها تحيل كل قوى الحب فيها من الأمور المادية إلى التأملات العقلية في الجمال اللامادي. إن بتولية الجسد تفيد في تحقيق اتجاهات مثل هذه النفس.
تهدف البتولية إلى خلق نسيانٍ كاملٍ للشهوات الطبيعية في النفس، فتمنع عملية النزول المستمر لتلبية الرغبات الجسمية. ومتى تحررت النفس من مثل هذه الأمور لا تخاطر بالمباهج السماوية غير الدنسة لتكون جاهلة غير ملتفتة إليها، وتمتنع عن العادات التي تورط الإنسان فيما يبدو إلى حد ما أن ناموس الطبيعة يسلم به... إن نقاء القلب الذي يسود الحياة هو وحده الذي يأسر النفس حينذاك.