"فقامت هي وكنتاها ورجعت من بلاد موآب .. وسرن في الطريق للرجوع"
(را 1: 6، 7)
نعم هناك فرصة للرجوع بعد الابتعاد، ولكنها لا تأتى إلا بعد أن نعرف ابتعادنا ونتائجه، بعد أن نعرف أن طرقنا الخاصة لا تفضي إلا إلى الموت. عندئذ فقط ننحني باتضاع أمام وجه الله، وتعرف قلوبنا المسكينة أنها لن تجد الخبز إلا عنده.
ما أجمل التدريبات التي كانت لقلب نعمى المسكينة، لقد تركت بيت لحم لاعتقادها أنها كانت هناك فقيرة، وأن مستقبلاً رائعاً ينتظرها في موآب، ولكن سرعان ما اكتشفت أن العالم والشيطان يطلبان ثمناً غالياً نظير ما يقدمانه. "إني ذهبت ممتلئة وأرجعني الرب فارغة" (ع21). لقد كانت قبلاً في بيت لحم يهوذا، لها زوجها وابناها ولها ميراث وسط شعبها، كان اسمها نعمى "مسرتي"، وكانت تلتمس رحمة الله، ولكنها الآن قد صارت "مُرّة". لقد نضبت كل ينابيعها الطبيعية، وأظلم وجهها من تجربتها الـمُحزنة، ولم تستطع أن تتكلم إلا عن أحزانها، عن تقدمها في الأيام وقد باتت لا معين لها. ولم تجد على لسانها مجرد كلمة طيبة تشجع بها كنتيها المحبوبتين وقد صارتا أرملتين أيضاً. إننا عادة ندرك قيمة ما كنا نملكه بعد أن نخسره بسبب أخطائنا.
"أبعد طريقك عنها، ولا تقرب إلى باب بيتها، لئلا تعطى زهرك لآخرين وسنينك للقاسي" (أم5).
أليس هذا وصفاً دقيقاً لِما يحدث عندما نبتعد عن الرب، ونترك المكان الذي اختاره؟ إن كثيرين لم يستطيعوا أن يعبّروا عن حالتهم إلا بمثل هذه الكلمات، فهل نشعر نحن بالامتيازات الثمينة التي وُهبت لنا؟؟
نعم هناك عودة، عندما نتعلم تحت تأديب الله أننا خسرنا كل شيء، فتستعيد قلوبنا الحزينة ذكرى تلك الأيام التي كنا فيها أغنياء. حينئذ يفتح لنا الله باباً للرجوع، فهو لا يعطى خبزاً في موآب، بل في بيت لحم فقط، ولكنه يسمح أن تصل لنعمى أخبار وهى في بلاد موآب عن افتقاد الرب لشعبه، وأنه أعطاهم خبزاً. إن حضوره الشخصي هو في بيت لحم ليس إلا، ولكنه في عنايته يسخّر كل الأشياء من حولنا ليشجع قلوبنا للرجوع إليه