|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الأنبا بولا الذى سمى باسمه الدير، معروف برئيس المتوحدين أو أول السواح، عاش متوحدا سنوات طويلة فى حياة رهبانية خفية وسط البرية لا يعلم عنه أحد سوى الله الذى كان يعوله بغرابٍ يقدم له نصف خبزة يوميًا لعشرات السنين التى امتدت إلى ثمانين سنة تقريبا، حسبنا تذكر المراجع التاريخية المسيحية. ولمن لا يعرف فإن درجة السياحة هى الدرجة السادسة فى تسلسل الرقى الروحى للراهب وتعلوها الدرجة السابعة والأخيرة التى هى درجة الرؤيا، والآباء السواح هم من ماتوا كلية عن العالم وازدادت محبتهم للصلاة حتى يصيروا كما قال الكتاب: "أما أنا فصلاة". ولد الأنبا بولا فى مدينة الإسكندرية حوالى سنة 228م. ولما توفى والده ترك له ولأخيه الأكبر بطرس ثروة طائلة، فأراد بطرس أن يغتصب النصيب الأكبر من الميراث. إذ اشتد بينهما الجدل أراد القديس أنبا بولا أن يتوجه إلى القضاء. فى الطريق رأى جنازة لأحد عظماء المدينة الأغنياء، فسأل نفسه إن كان هذا الغنى قد أخذ معه شيئًا من أمور هذا العالم، فاستتفه هذه الحياة الزمنية والتهب قلبه بالميراث الأبدى، لذا عوض انطلاقه إلى القضاء خرج من المدينة، ودخل فى قبر مهجور يقضى ثلاثة أيام بلياليها طالبًا الإرشاد الإلهى، ظهر له ملاك يرشده إلى البرية الشرقية، حيث أقام بجبل نمرة القريب من ساحل البحر الأحمر، وعاش أكثر من 80 سنة لم يشاهد فيها وجه إنسانٍ، وكان ثوبه من ليف وسعف النخل، وكان الرب يعوله ويرسل له غرابًا بنصف خبزة كل يوم، كما كان يقتات من ثمار النخيل والأعشاب الجبلية أحيانًا، ويرتوى من عين ماء هناك. وتشير الكتب التاريخية المسيحية أيضا إلى لقاء شهير جمع بين الأنبا بولا والأنبا أنطونيوس، وحسبما ذكر الأنبا أرميا فى مقالة صحفية، فإنه حدث أنه ذات يوم شعر (أنبا أنطونيوس) فى أعماقه أنه أول من سكن الصحراء ليتعبد لله، لكن ملاك الله أرشده أنه يوجد من سبقه إلى الحياة فى البرية: إنسان لا يستحق العالم وطأة قدميه، وأنه من أجل صلواته التى لا تتوقف يرفع الله عن العالم الجفاف ويهب له مطرًا ويأتى بالنيل فى حينه، رغِب "أنبا أنطونيوس" أن يرى ذلك الإنسان الذى شهِدت له السماء، فانطلق فى الصحراء بإرشاد من الله مسيرة يوم حتى وصل مغارة "أنبا بولا": فكان لقاء "أب الرهبان" و"أول السواح". ويضيف الأنبا أرميا أنه فى اللقاء، قص "أنبا بولا" قصة حياته لـ"أنبا أنطونيوس"، وصارا يتحدثان عن أعمال الله العظيمة فى الكون، ومع البشر. وعند الغروب، جاء إليه الغراب كالمعتاد حاملًا إليه قوت يومه ولكنه هذه المرة خبزة كاملة بدلًا من نصف خبزة! فعندما رأى "أنبا بولا" ذلك، قال: "الآن علمتُ أنك رجل الله: حيث لى أكثر من ثمانين عامًا يأتينى الغراب بنصف خبزة، أمّا الآن فقد أتى بخبزة كاملة، وهكذا فقد أرسل الله إليك طعامك أيضًا". ثم قام الاثنان ليصليا، وفى نهاية حديثهما طلب "أنبا بولا" من "أنبا أنطونيوس" أن يسرع إليه بالحُلة الكهنوتية التى للبابا "أثناسيوس الرسولى" التى أهداها له الملك "قسطنطين" لأنه سينتقل من هذا العالم قريبًا. ورحل القديس الأنبا بولا فى سنة 343م، وتبارك مكان عبادته ونسكه فأصبح ديراً كبيراً. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|