"لما كانت عشية ذلك اليوم وهو أول الأسبوع وكانت الأبواب مغلقة حيث كان التلاميذ مجتمعين..جاء يسوع.. في الوسط"
(يو 20: 19 )
ما أجمل تلك العشية، عشية يوم القيامة، وهى تُرينا السيد وهو يوفى نذره الذي نذره على عود الصليب لله "أخبر باسمك أخوتي وفى وسط الكنيسة أسبحك". ففي يوم الجمعة ذهب إلى الصليب بالبكاء حاملاً مبذر الزرع، ولكنه الآن قد جاء في وسط حزمه بالترنم. ففي يوم الجمعة كانت الآلام التي للمسيح، أما الآن فقد جاءت الأمجاد والأفراح التي بعدها، وأعظم هذه الأفراح نجدها في الاجتماع إلى اسمه في أول الأسبوع. وفى هذا النص نجد حيثيات الاجتماع ونجد أيضاً مميزاته.
1 - في العشية: إنها الساعة التي نكس فيها المسيح الرأس مُعلناً أنه قد كمل العمل. وهى نفس الساعة التي يُذبح فيها خروف الفصح، ونفس ساعة الـمُحرقة المسائية، والتي انشق فيها الحجاب ففتح الطريق إلى الأقداس.
2 - أول الأسبوع: إنه يوم الأحد. هو ذات اليوم التي تُردد فيه حزمة الباكورة، وهو اليوم الثامن بداية الخليقة الجديدة. فقد نُحّى تدبير قديم، وها نحن أمام إشراقة عهد جديد.
3 - الأبواب مغلقة: اجتماع منفصل عن العالم الخارجي بكل ما فيه من تشويش وشرور. اجتماع منفصل عن كل تيارات العالم الفكرية والفلسفية، كما كان القدس قديماً لا يُسمح فيه بنافذة، ولا يكون فيه إلا نور المنارة وهو شخص المسيح في الوسط.
4 - التلاميذ مجتمعين: فهم الآن مجتمعون بعد أن كانوا مشتتين كخراف لا راعى لها حول مركز واحد؛ هو شخصه الكريم، بعدما كانت لهم اتجاهات متفرقة.
5 - يسوع في الوسط: كالغرض والمركز الأسمى لاجتماع التلاميذ، مركز الكون في المستقبل، فهو تبارك اسمه دائماً في الوسط.
6 - أراهم يديه وجنبه: أعلن لهم غرض الصليب أنه أصبح لهم "سلام مع الله" وأراهم الدليل على ذلك وهما؛ اليدان اللتان وضعت إحداهما على الله والأخرى عليهم، والجنب الذي انبثق منه الدم ليكفر عن الخطية، والماء ليطهر.
7 - فرح التلاميذ إذ رأوا الرب: وهذه كانت نتيجة الاجتماع. كما أنه أرسلهم إلى العالم كما أُرسل هو من قِبَل الآب إلى العالم.