|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لا تتبع أهواءك، بل اكبح شهواتك [29]. في حديثه عن ضبط النفس، يُحَذِّرنا من الانحراف نحو الشهوات والأهواء وحياة الترف، كما يُطَالِبنا بالتعقُّل في مجابهة المسئوليات المادية. v إن كان الذين تلزمهم الضرورة أن يعبروا بحارًا واسعة، هؤلاء متى كانوا متيقظين يحافظون على حياتهم، لأنه حتى وإن كانت الأمواج هائجة أثناء إبحار قواربهم، فإنهم يُنقذون أنفسهم بأن يمسكوا بأي شيء على الشاطئ. أما إن كانوا سكارى، فإنهم وإن قاموا بمحاولات لا حصر لها لكي يسبحوا إلى الشاطئ، فإن الخمر يغلبهم، فيغرقون وسط الأمواج ويفارقون الحياة. هكذا النفس أيضًا إن سقطت بين أمواج هائجة وسط دوامة تيارات الحياة، فإنها بجهادها الذاتي لا تقدر أن تتغلَّب على محبة الجسد، كما تعجز عن أن تعرف (بذاتها) أنها نفس إلهية خالدة مرتبطة بجسد مادي قابل للموت مملوء بالشهوات... وإن هذا هو محك لاختبارها، فإن سمحت لنفسها أن تتلوَّث بالشهوات الجسدية، فإنها تهلك ويكون هلاكها وخروجها من دائرة الخلاص نتيجة إهمالها وسكرها بالجهل واستخفافها بالصلاح. إن الجسد كنهر غالبًا ما يبتلعنا بالملذات الدنيئة. v العالم تصونه العناية الإلهية، إذ لا يوجد مكان لا تُدرِكه هذه العناية. والعناية الإلهية هي تنفيذ مواعيد الكلمة الإلهية، الذي يهب شكلًا للمادة التي يتكوَّن منها هذا العالم، وهو المهندس والفنان لهذا كله. فالأشياء ما كان يمكن لها أن تأخذ جمالها لولا فطنة قوة الكلمة الذي هو صورة الله (الآب) وعقله وحكمته وعنايته. v النفوس التي لا يلجمها العقل، ولا يسيطر عليها الذهن، ويقمع شهواتها من لذَّات وآلام، ويُدَبِّرها ويُوَجِّهها (توجيها سليمًا)، هذه النفوس تهلك كالحيوانات العجماوات. لأن عقولهم تسحبها الشهوات، كما تسحب الخيول الجامحة سائقيها. v تجد الخطية لها عونًا في المادة، ويصير الجسد عرشًا لها. أما النفس العاقلة فإنها إذ تفهم هذا، تُلقي عنها عبء المادة، وتنهض من تحت ثقلها، وتدرك الله القدير، وتغسل الجسد بحرصٍ من غير أن تأتمنه، إذ هو عدو لها وخصم. بهذا يتوّج الله النفس، إذ تغلب الشهوات والشرور. v الإنسان الحُرّ هو ذاك الذي لا تستعبده الملذات (الجسدية)، بل يتحكَّم في الجسد بتمييزٍ صالحٍ وعفةٍ، قانعًا بما يعطيه الله، مهما كان قليلًا، شاكرًا إياه من كل قلبه. عندما يأتي كل من العقل المحب لله والنفس إلى الفهم، عندئذ يسهل ترويضه (الجسد) ولو بغير إرادته، ويمكن للنفس بواسطة العقل أن تخمد كل حركة حيوانية. v الذين لا يقنعون بالكفاف، بل يطلبون المزيد (بشهوة)، يستعبدون أنفسهم للشهوات التي تقلق وتدخل فيها كل الأفكار الرديئة والهواجس، أي كل ما هو شرير، مع إنه يلزمنا أن نحصل على أشياء صالحة جديدة. وكما أن الثياب المغالى في طولها تعوق المسافرين عن السير، هكذا الرغبة المغالى فيها نحو المقتنيات تعوق النفس عن أن تجاهد وتخلص. القديس أنطونيوس الكبير |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|