جاء في قوانين البابا بطرس خاتم الشهداء (قانون 9):
[(الذين أثاروا المقاوم في اندفاع لكي يُلهِب نار الضيق فينعمون بالاستشهاد).
الذين كانوا كمن في نومٍ وقد وثبوا فجأة ليثيروا المقاوم، الذي كان كمن طال به زمان المخاض، هؤلاء يجرون على أنفسهم تجارب كهجعات البحر وفيض أمواج بلا حصرٍ، مُشعِلين نار (جمر) الأشرار ضد إخوتهم... هؤلاء نلتزم أن تكون لنا معهم شركة، لأنهم سلكوا هكذا من أجل المسيح، وإن كانوا لم يصغوا لكلماته. فقد علَّمنا أن نُصَلِّي لئلا ندخل في تجربة، لكن نجنا من الشرير (مت 6: 13).
لعلهم لم يعرفوا أن ربّ البيت ومُعَلِّمنا الأعظم كثيرًا ما كان ينسحب بعيدًا عن الذين ألقوا له شباك، بل وأحيانًا لا يسير علانية بسببهم. وفي وقت آلامه انسحب ولم يُسَلِّم نفسه لهم منتظرًا مجيئهم إليه بسيوف وعصي، قائلًا: كأنه على لص خرجتم بسيوف وعصي لتأخذوني (مت 55:26)، وهم أسلموه إلى بيلاطس (مت 2:27).
وما حدث معه تكرر مع تلاميذه المتمثلين به، متذكرين كلماته الإلهية التي نطق بها ليثبتنا وقت الاضطهاد قائلًا: "احذروا من الناس، لأنهم سيسلمونكم إلى مجالس وفي مجامعهم يجلدونكم" (مت 17:10). يقول إنهم يسلموننا ولا نُسَلِّم نحن أنفسنا. إنكم تُقدَّمون أمام ولاةٍ وملوكٍ من أجلي، لا أنتم الذين تُقَدِّمون أنفسكم. إنه يريدنا أن نعبر من موضعٍ إلى موضع حيث يوجد المضطهدون وذلك من أجل اسمه.
مرة أخرى يقول "متى اضطهدوكم في هذه المدينة، فاهربوا إلى أخرى" (مت 22:10)، وكأنه يريدنا ألا نقحم أنفسنا على خدام الشيطان وأتباعه، حتى لا نكون نحن علة موتهم المضاعف ولا ندفعهم إلى القسوة دفعًا، فيرتكبون أفعالًا ميتة، لكنه يريدنا أن ننتظر ونحذر بالسهر والصلاة لكيلا ندخل في تجربة (مت 41:26).
اقتفي إسطفانوس (الشماس الشهيد) الأول أثر السيد، فاحتمل الاستشهاد عندما ألقى العُصاة القبض عليه في أورشليم، ورجموه بعد تقديمه أمام مجمع. لقد تمجد من أجل اسم المسيح، مصليًا: "يا رب لا تُقِم لهم هذه الخطية (أع 59:7).]