|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فسأَلوه: ((مَن أَنتَ إِذاً؟ أَأَنتَ إِيلِيَّا؟)) قال: ((لَستُ إِيَّاه)). ((أَأَنتَ النَّبِيّ؟)) أَجابَ: ((لا! )) تشير عبارة " مَن أَنتَ إِذًا؟ " إلى سؤال وفد السّنهدريم عن هوية يُوحَنَّا المَعْمَدان؛ أمَّا سؤال " أَأَنتَ إِيلِيَّا؟" فتشير إلى اعتبار اليهود أن إيليا النَّبي لم يمتْ بل انتقل إلى السّماء قبل ذلك بنحو 900 سنة (2 ملوك 2: 11)، وأنه يعود ليُعلن نهاية العَالَم بحسب بنبوءة ملاخي، وليُعِدَّ الشَّعب للقاء المسيح من خلال لمِّ شمله في الوَحدة والأمانة (متى 17: 11)، ويَحضّ النَّاس مرة أخيرة على التَّوبة قبل الدَّينونة العَامة (متى 11: 14)؛ وكان الكتبة يعلمون أن إيليا ينبغي أن يأتي قبل المسيح (متى17: 10) ثم سيره مع المسيح على الأرض ومسحه إياه وتعميد النَّاس عمومًا وفقا لقوله تعالى. وهذا الاعتقاد الخاطئ ناشئ عن سوء فهم سفر ملاخي (4: 5). ولقد جاء في التَّلمود أن إيليا النبي سوف يظهر قبل المسيح. فهناك مجيء أول (ملاخي 1:3) يسبقه فيه يُوحَنَّا المَعْمَدان، ومجيء ثانٍ (ملاخي 5:4) يسبقه فيه إيليا، فأشار يسوع لمجيء المعمدان كسابق له في مجيئه الأول ولكن بروح وقوة إيليا واكتفى بذلك. ويًعلق القديس أوغسطينوس "لو أنه قال: "أنا إيليا" يكون ذلك بمعنى أن المسيح قادم فعلًا في مجيئه الثَّاني للدَّينونة، وليس في مجيئه الأول ليُحَاكم... لقد جاء كرمزٍ (لوقا 1: 17) حيث يأتي فيما بعد إيليا بشخصه اللائق به، أمَّا الآن ففي شبهه (بروحه) جاء يُوحَنَّا". أمَّا عبارة "لَستُ إِيَّاه" فتشير إلى جواب يُوحَنَّا الجريء والصَّريح في قوله "لست أنا" أي لست شخص إيليا بالذات، والإنجيل يتكلم هنا مَجازيًا قاصدًا "روح" إيليا لا "ذات" إيليا، وذلك بحسب قول الملاك لزكريَّا عن ابنه يُوحَنَّا "يَسيرُ أَمامَه وفيهِ رُوحُ إيليَّا وَقُوَّتُه" (لوقا 1: 17). وأمَّا سؤالهم "أَأَنتَ النَّبِيّ؟ فيشير إلى "النَّبي" الذي تنبأ عنه موسى بقوله " يُقيمُ لَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَبِيًّا مِثْلي مِن وَسْطِكَ، مِن إِخوَتكَ، فلَه تَسْمَعون" (تثنية الاشتراع 18: 15)، وهذه النبوة استخدمها بطرس (اعتمال الرُّسل 3: 22) وإِسْطِفانُس (أعمَال الرُّسل 37:7). وكان انتظار نبي في الأزمنة الأخيرة، الذي ما بعده نبي، منتشرًا في البيئات اليهودية. ويُعلق القديس يُوحَنَّا الذَّهَبي الفم " لم يقولوا ليُوحَنَّا: أنبي أنت؟ أي هل أنت واحد من الأنبياء؟ لكنهم سألوه قائلين "النَّبي أنت؟" بإضافة أداة التَّعريف. بمعنى هل أنت النَّبي الذي أخبر عنه موسى (تثنية الاشتراع 18: 15)؟ أنكر هذا المعنى، ولم ينكر أنه نبيٌ، لكنه أنكر أنه هو ذاك النَّبي". وكان من المعتقد لدى الكثيرين أنَّ النَّبوءة ستعود إلى الظهور مع مجيء المسيح (يوئيل2: 28؛ وملاخي 3: 1). أمَّا كلمة "لا" فتشير "لا النَّافية" فتدل على جواب يُوحَنَّا الصَّريح القاطع. نفى يُوحَنَّا أن يكون النَّبي المُنتظر على مثال موسى النبي. وقد استنتج بعضهم خطأ، أن " النَّبي" هو ذاك الذي ظهر في بلاد العرب في أواخر القرن السّادس وأوائل القرن السّابع بعد الميلاد. ويظهر بطلان هذا الاستنتاج من سؤال هؤلاء الفرِّيسيين أنهم كانوا يقصدون نبيًا يأتي قبل المسيح ليُهيئ الطَّريق له، وأمَّا نبي العرب فقد ظهر بعد المسيح. وواضح أيضًا أن نبي العرب ظهر للعرب لا لليهود، ولم يستمع اليهود لرسالته. أمَّا المسيح فقد قيل فيه عند المَعْمودِيَّة: "هذا هُوَ ابنِيَ الحَبيب، فلَهُ اسمَعوا" (مرقس9: 7) كما ورد في كلام موسى "فلَه تَسْمَعون" (تثنية الاشتراع 18: 15). ومما يسترعي الانتباه في هذه الآية أن جواب يُوحَنَّا كان في كل مرة يزداد اقتضابًا واختصارًا فمن قوله " لَستُ المسيح " إلى قوله " لَستُ إِيَّاه "، إلى قوله "لا". فشَهَادَةٌ يُوحَنَّا تُعلن انه ليس المسيح أو إيليا أو النَّبي الذي تنبأ عنه موسى. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مزمور 118 | لاَ أَمُوتُ بَلْ أَحْيَا |
(متى 11: 3) أَأَنتَ الآتي، أَم آخَرَ نَنتَظِر؟ |
(لوقا 21: 7) فسأَلوه: يا مُعلّم، ومَتى تكونُ هذه |
أَأَنتَ المسيحُ ابنُ المُبارَك؟ |
أَ أَنتَ هوَ سَيِّدي إِيلِيَّا؟ |