|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فمَثَلُ ذلكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ سافَرَ وترَكَ بَيتَه، وفَوَّضَ الأَمرَ إلى خَدَمِه، كُلُّ واحدٍ وعمَلُه، وأَوصى البَوَّابَ بِالسَّهَر. تشير عبارة "كَمَثَلِ رَجُلٍ سافَرَ" في الأصل اليوناني ὡς (معناها يُشبه) إلى حال الكنيسة من وقت صعود المسيح إلى السَّماء إلى وقت مجيئه الثَّاني، لأنَّه غير ظاهر لعينها وكأنَّه مسافر عنها. تعتبر الحياة رحلة سفر، والرَّجُل المُسافر يُمثل السَّيد المسيح، صاحب البَيت أي الكنيسة. أمَّا عبارة " السَّفَر " فتشير إلى رحلة الحياة. في هذا المثل، يسوع المسيح هو الذي سافر عند صعوده إلى السَّماء عام 33مٍ بعد أن أتمَّ الفِداء "لِيَحصُلَ على المُلْكِ ثُمَّ يَعود" (لوقا 19: 12). أمَّا عبارة "ترَكَ" فتشير إلى تشديد النَّص على غياب السَّيد المسيح أكثر منه على مجيئه. والأمر واضح أكثر في نص لوقا الإنجيلي المُوازي لهذ النَّص "كونوا مِثلَ رِجالٍ يَنتَظِرونَ رُجوعَ سَيِّدِهم مِنَ العُرس، حتَّى إِذا جاءَ وقَرَعَ البابَ يَفتَحونَ لَه مِن وَقتِهِم. طوبى لأُولِئكَ الخَدَم الَّذينَ إِذا جاءَ سَيِّدُهم وَجَدَهم ساهِرين "(لوقا 12: 36 -37). أمَّا عبارة "بَيتَه" فتشير إلى أهل البَيت أو العائلة (تكوين 12: 17) أو العشيرة (لوقا 2: 4) أو ما يقتنيه الإنسان (1ملوك 13: 8)، وتدل هذه الكلمة في إنجيل مرقس على الجماعة. وهي أقدم كلمة نتحدّث فيها عن الجماعة أي الكنيسة. أمَّا عبارة "فَوَّضَ الأَمرَ" في الأصل اليوناني δοὺς τὴν ἐξουσίαν (أعطى السَّلطان) فتشير إلى إعطاء يسوع لرسله السُّلطة لإنشاء كنيسته على الأرض، ثم لخَدمِ الكنيسة الذين جاءوا بعدهم يُسيِّرون أمور تلك الكنيسة وَفقَا ما تركه فيها من توصيات. وذلك السُلطان ليس سلطانَا مطلقًا، لأنَّه يسوس الكنيسة ويُرشد معلميها ومُدبِّريها بكلامه وبروحه. أمَّا عبارة " خَدَمِه" فتشير إلى رسله أولا ثم المؤمنين؛ أمَّا عبارة "كُلُّ واحدٍ وعمَلُه" فتشير إلى رجل يرحل من بلده تاركاً بيته بين يدي خَدَمِه، ويكلّف كل واحد منهم بمُهمَّةٍ مختلفة. كل شخص لديه مهمة في منزل سيده ولا يمكن لأحد أن يحل محل آخر في القيام بالمسؤولية التي أوكلها إليه سيده. هكذا يعطي الرَّبّ لكلِّ مؤمنٍ عملاَ مكلّف به، ومسؤوليته، ولكلِّ منهم مكانه، وذلك كي يُمجِّد الله ويُضيء كنورٍ في العَالَم، ويكون كالمِلح فيه، وشاهدًا أمينًا للمسيح قولا وفعلا فيأتي بأثمار كثيرة. أنَّ دعوة كل شخص هي جزء من رسالة الله العظيمة، حيث يقوم الجميع، كلٌّ بحسب عمله بالمساهمة فيها. أمَّا عبارة "أَوصى البَوَّابَ بِالسَّهَر" فتشير إلى التَّركيز على البَوَّاب، لان مهمّته هي السَّهر، أي التَّرقُّب من يأتي إلى البَيت، خاصة قدوم سيِّده وينبَّه النَّاس في الوَقْت المناسب. وهذا التَّمييز بين الخدم ضروري في البَيت، لانَّ الذين يعملون داخل البَيت لا يمكنهم مراقبة ما يكون خارجه. ويحّدد لوقا الإنجيلي مهمّة البَوَّاب أن يفتح الباب لسيّده عندما يعود، فيتمكن من الدّخول إلى بيته (لوقا 12، 36)؛ وأمَّا مرقس الإنجيلي الموجَّه كلامه إلى الرُّومان فيرسم لهم صورة البَوَّاب الذي يحرس منزل أحد النبلاء الرُّومان؛ وأمَّا متى الإنجيلي الذي يكلم اليهود فقد أطلق على البَوَّاب اسم "الخادِمَ الأَمينَ العاقِل" كما جاء في إنجيله " فمَن تُراه الخادِمَ الأَمينَ العاقِل، الَّذي أَقامَهُ سَيَّدُه على أَهلِ بَيتِه، لِيُعطيَهُمُ الطَّعامَ في وَقتِه؟" (متى 24: 45). ويضرب لنا يسوع مثلَ ربِّ البَيت ليساعدنا في تعريف السَّهر على انه لا يعني إهمال واجباتنا بل تأديتها بأمانة منتظرين من الرُّبّ أن يمتحن عملنا في يومٍ من الأيام، كما يؤكد ذلك بولس الرَّسول " سيَظهَرُ عَمَلُ كُلِّ واحِد، فيَومُ اللّه سيُعلِنُه، لأَنَّه في النَّارِ سيُكشَفُ ذلِك اليَوم، وهذِه النَّارُ ستَمتَحِنُ قيمةَ عَمَلِ كُلِّ واحِد" (1 قورنتس 3: 13) " لأَنَّه لابُدَّ لَنا جَميعًا مِن أَن يُكشَفَ أَمرُنا أَمامَ مَحْكَمةِ المسيح لِيَنالَ كُلُّ واحِدٍ جَزاءَ ما عَمِلَ و هو في الجَسَد، أَخيرًا كانَ أَم شَرًّا" (2 قورنتس 5: 10). |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|