475 - كان كل طموح زكا العشار وشهوة قلبه أن يسقط نظره ُ حتى من بعيد على المسيح . ركض الرجل القصير ، أمسك بذيل ردائه ِ باسنانه وجرى ، جرى بخطواته القصيرة السريعة . وصل الى شجرة الجميز الباسقة المرتفعة على جانب الطريق وتسلقها بجهد ٍ وعزم ، ركب أحد فروعها وباعد بين أوراقها وأعد لنفسه ِ فتحة ً يستطيع أن يختلس النظر منها . وجاء المسيح محاطا ً بجموع ٍ كثيرة يعوقون سيره ويزحمونه من كل جانب ، ثم وقف ، وقف تحت الجميزة ورفع نظره ُ الى فوق يبحث عنه بين الاوراق والفروع والاغصان ورآه ، وجده يختبئ في الشجرة . ناداه باسمه وقال : " يَا زَكَّا ، أَسْرِعْ وَانْزِلْ ، لأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَمْكُثَ الْيَوْمَ فِي بَيْتِكَ " ( لوقا 19 : 5 ) وهرول الرجل نازلا ً . أسرع ونزل وقبله فرحا ً ، أعطى نصف أمواله ورد ما أخذه أربعة أضعاف . وقال يسوع : " الْيَوْمَ حَصَلَ خَلاَصٌ لِهذَا الْبَيْتِ ......... لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ " . الله يبحث ويطلب ويسعى وينادي ويدعو ويذهب الى الخاطيء لكي ينجيه ويخلصه وينقذه . يقول الرب بلسان اشعياء النبي : " قُولُوا لابْنَةِ صِهْيَوْنَ : «هُوَذَا مُخَلِّصُكِ آتٍ. هَا أُجْرَتُهُ مَعَهُ وَجِزَاؤُهُ أَمَامَهُ وَيُسَمُّونَهُمْ : «شَعْبًا مُقَدَّسًا»، «مَفْدِيِّي الرَّبِّ». وَأَنْتِ تُسَمَّيْنَ : «الْمَطْلُوبَةَ» ، «الْمَدِينَةَ غَيْرَ الْمَهْجُورَةِ» اشعياء 62 : 11 ، 12 ) المطلوبة ، الله لا يبحث فقط بل في نعمته يبحث ويطلب . جاء ليطلب ويخلّص . حين يطلب الباحث عن الذهب ذهبا ً ، يذهب الى منجمه ويحطم ويجمع الحطام والتراب ، يضعها في صفحته وينبش باصابعه ويفتش ويبحث بعينيه وقلبه يطلب الذهب . عند الغروب والراعي يقود خرافه آخر اليوم الى الحظيرة اكتشف ان خروفا ً ناقص ، أعاد عد الخرفان مرة ً أخرى واحد اثنان ثلاثة ، تسعة وتسعين ، تسعة ٌ وتسعين خروفا ً فقط ، وما ان اكتشف ان هناك خروفا ً قد ضل حتى ترك التسعة والتسعين خروفا ً ورائه وذهب ، ذهب الى الحقول والجبال ، الى الوديان والكهوف ، الى النهر ، الى نبع الماء ، الى البرية . كانت الشمس قد غربت ولف المكان كله ظلام ، أخذ ينادي ويدعو ويرفع صوته ويصرخ . كان يطلب الخروف الضال ، ذهب الى كل ظل ٍ حسبه خروفه ، دخل كل كهف ٍ توقع وجوده فيه . وبعد أن تمزقت أطرافه وتهرأت وجد خروفه الذي كان يطلبه ، ودعا الاصدقاء والجيران وفرحوا معه بعودة الضال ( لوقا 15 ) . ما أعظم أن تكون مطلوبا ً من الله .