258 - حين يبحث الباحثون عن الماس يعثرون عليه في اعماق المناجم ، يجدونه اسود اللون ، قبيح الشكل ، مختلطا ً بالكثير من الشوائب ، ويخرجونه ويسلمونه الى من يعالجه ويصقله ويجهزه ، ويستخدم في ذلك ادوات ثقيلة وحادة ، يدق ويكسر ويقطع ، يضرب بالمطرقة في عنف ويشق الحجر ويقسمه ويعيد الضرب مرات كثيرة . من يرى ذلك يتصور ان هذا افساد للحجر واتلاف له وتشويه ، لكن الايام تمر والطرقات تستمر والقطع والشق لا يتوقف حتى يظهر الحجر لامعا ً صافيا ً يخطف البصر وتبدأ عملية التكسير . يكسر الصائغ الحجر الى احجام مناسبة ويصنع بمطرقته زوايا كثيرة . يصغر الحجر ويتضائل حجمه لكنه يزداد بريقا ً ويرتفع ثمنه ، وتوضع القطعة الصغيرة من الماس في خاتم عروس تتحلى به أو تنضم الى مثيلات لها تشكل قلادة تلتف حول عنق جميل او تتوسط تاجا ً يوضع على رأس ملك عظيم . بدون الصقل والتهذيب ، بدون القطع والكسر والتشذيب لا يصبح الماس ماسا ً ، بدون ذلك يبقى حجرا ً اسود قبيح الشكل لا قيمة له ولا ثمن . هكذا يصنع بك الرب ، يمد يده يلتقطك وحولك شوائب تشوهك ، وتمتد يده اليك يطرق ويطرق ويشق ويمزق ويقطع ويكسر ، ويتصور البعض ان هذا افساد واتلاف وتشويه وقتل ، لكن الله لا يصنع بك ذلك ابدا ً ، الله يصنع منك حجرا ً غاليا ً ، ثمينا ً نادرا ً ، يريدك ان تتوسط تاج الملك ، ملك الملوك ورب الارباب في المجد . في وسط الام ايوب ومعاناته وعذابه يقول : يَدَ الرَّبِّ صَنَعَتْ هذَا." ( ايوب 12 : 9 ) . عرف ان كل ما تصنعه يد الله ، تصنعه لتصقله وتهذبه ليزداد جماله ولمعانه وتألقه ويصبح مناسبا ً ليتوسط تاج الملك .
قد تتوالى عليك الطرقات ، لا ترتعب . هذه الطرقات والتجارب والشدائد سوف تنزع عنك الغلاف الاسود . وقد تخترق جسدك سكين حادة ، تقطع وتهذب وتصقل . هذا التقطيع لتزداد الزوايا العاكسة للضوء بك لتتلألأ . الصدمات التي تصدمك هي التي تقوم بعمليات الصقل والتهذيب والقطع لتضاعف محاسنك ولتظهر مواهبك ولتكشف قدراتك وامكانياتك لتعلو تاج الملك . الله لم يخلقنا مرة واحدة ويتركنا بل في كل يوم يستمر يشكلنا ويستخدم لذلك تجارب وضربات وصقلا ً وتهذيب حتى نكتمل ونصبح على الصورة الجميلة التي يريدها لنا .