04 - 12 - 2012, 11:18 AM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
لا تخدعك ينابيع العالم فكلها جافة
" تركوني أنا ينبوع المياه الحية ، لينـقروا
لأنفسهم آباراً، آباراً مشققة لا تضبط ماء"
( إر 13:2)
إنَّ العالم قد اخترع لنفسه ينابيع كثيرة للهو والمسرات، ولكنها كلها ينابيع جافة، كاذبة ومضلة، وهي أشبه بالسراب الذي يراه السائر في الصحراء ماء، وبعد أن يركض نحوه يتحقق أن ما رآه، إنَّما هو وهم وخيال.
فالعالم منذ أن وضع في الشرير، مملوء من السراب الخادع، والوهم الكاذب، وكم من نفوس سارت وراء خداعه، ولم تستيقظ إلاَّ بعد أن تألمت وأدركت حقيقة ضلالتها، فسارت في طريق الحياة الحقيقي، الخالي من الغش، فنجت ووصلت إلي بر النجاة، وكم من نفوس سارت وراء خداعه ولم تستيقظ، فختمت حياتها باليأس والهلاك.
من أمثلة الينابيع الجافة:
++ شهوات الجسد
كان سليمان الحكيم ملكاً غنياً ومقتدراً.. وقد ساعدته ظروفه علي التمتع بكل ما في الحياة، فيقول: " جَمَعْتُ لِنَفْسِي أَيْضاًفِضَّةً وَذَهَباً وَخُصُوصِيَّاتِ الْمُلُوكِ وَالْبُلْدَانِ، اتَّخَذْتُ لِنَفْسِي مُغَنِّينَ وَمُغَنِّيَاتٍ وَتَنَعُّمَاتِ بَنِي الْبَشَرِ سَيِّدَةًوَسَيِّدَاتٍ.. وَمَهْمَا اشْتَهَتْهُ عَيْنَايَ لَمْ أُمْسِكْهُ عَنْهُمَا لَمْ أَمْنَعْ قَلْبِي مِنْ كُلِّ فَرَحٍ "، لكنه عاد وقال: " ثُمَّ الْتَفَتُّ أَنَا إِلَى كُلِّ أَعْمَالِي الَّتِي عَمِلَتْهَا يَدَايَ وَإِلَى التَّعَبِ الَّذِي تَعِبْتُهُ فِي عَمَلِهِ فَإِذَا الْكُلُّ بَاطِلٌ وَقَبْضُ الرِّيحِ وَلاَ مَنْفَعَةَ تَحْتَ الشَّمْسِ! " ( جا 2: 8-11).
وعلي نهج سليمان لازال الكثيرون يركضون اليوم وراء شهوات الجسد، لكنهم للأسف يرجعون فارغين، لأنَّ من يركض وراء أيّ شهوة جسدية، لا يجني سوي مرارة النفس وأمراض الجسد وضياع المال.. هذا بالإضافة إلي ما يجنيه البنون من فقر وأمراض وسمعة رديئة..
فلا سعادة تجنيها من شهوات الجسد، سواء كانت تلك الشهوة نجاسة يرتمي الجسد في أقذارها.. أو استباحة يقود إليها ميل الجسد الفانيّ.. وهذا هو اختبار الخطاة عقب كل مرّة ينساقون فيها وراء أحلام الشهوة، فجميعهم يعترفون بأنّهم كانوا يركضون وراء سراب كاذب، عادوا منه وهم يحملون في نفوسهم مرارة الاختبار القائل:باطل الأباطيل الكل باطل.
++ الغني
ينبوع ثانٍ من الينابيع الجافة، يخدع الناس ببريقه!! وهذا أيضاً اختبره سليمان فيقول: " جَمَعْتُ لِنَفْسِي أَيْضاً فِضَّةً وَذَهَباً وَخُصُوصِيَّاتِ الْمُلُوكِ وَالْبُلْدَانِ " ( جا2: 8،7)، ولكن النهاية: باطل الأباطيل الكل باطل!!
ومع أنّ ينبوع الغني جاف وليس فيه ما يروي، إلاَّ أنَّ صنم التمثال الذهبيّ، صار معبود الكثيرين اليوم، وأصبحت الثروة هي نقطة إرتكاز آمالهم، ولأجل المال أهمل الكثيرون واجبات العبادة، وبسبب حب المال صار الإخوة أعداء!!
والحق إنَّ من يبحثون عن سعادتهم في المال متوهمون!! فها هو سليمان يعلن للجميع أنَّه سراب كاذب وينبوع جاف! فيقول: " مَنْ يُحِبُّ الْفِضَّةَ لاَ يَشْبَعُ مِنَ الْفِضَّةِ وَمَنْ يُحِبُّ الثَّرْوَةَ لاَ يَشْبَعُ مِنْ دَخْلٍ، هَذَا أَيْضاً بَاطِلٌ ( جا 10:5).
فالمال وإن كانت تراه العين وتلمسه اليد، إلاَّ أنَّه عاجز عن أن يلمس القلب من الداخل، حيث مركز السلام الحقيقي والسعادة الحقيقية، كما أنَّ المال تذكرة سفر تستطيع أن تسافر بها إلي أيّ بلد في العالم إلا السماء، بالتوبة أولاً ثم أعمال المحبة... تستطيع أن تدخل هذا البلد العظيم.
++ التسالي
ينبوع ثالث من الينابيع الكاذبة الجافة، إلتجأ إليه سليمان عندما حاول إدخال السرور إلي قلبه، والوصول إلي السعادة، فيقول: " بَنَيْتُ لِنَفْسِي بُيُوتاًغَرَسْتُ لِنَفْسِي كُرُوماً، عَمِلْتُ لِنَفْسِي جَنَّاتٍ وَفَرَادِيسَ وَغَرَسْتُ فِيهَا أَشْجَاراًمِنْ كُلِّ نَوْعِ ثَمَرٍ، عَمِلْتُ لِنَفْسِي بِرَكَ مِيَاهٍ لِتُسْقَى بِهَا الْمَغَارِسُ الْمُنْبِتَةُ الشَّجَرَ.. ثُمَّ الْتَفَتُّ أَنَا إِلَى كُلِّ أَعْمَالِي الَّتِي عَمِلَتْهَا يَدَايَ وَإِلَى التَّعَبِ الَّذِي تَعِبْتُهُ فِي عَمَلِهِ فَإِذَا الْكُلُّ بَاطِلٌ وَقَبْضُ الرِّيحِ وَلاَ مَنْفَعَةَ تَحْتَ الشَّمْسِ! " ( جا 2: 4-11).
إن أفضل ما قيل عن ينابيع العالم، أو الشهوات المادية، أو ملذات العالم الفانية.. إنها لا تشبع ولا تُشبع، آلاماً تسبقها وآلاماً تلحقها، فكل شهوة يطيعها الإنسان، تلهب فيه شعوراً بالتعطش، إذ يطلب المزيد كالماء المالح الذي لا يروي، وفي نفس الوقت يُضاعف الشعور بالعطش.. وفي ذلك يقول السيد المسيح: " كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هَذَا الْمَاءِ يَعْطَشُ أَيْضاً " ( يو13:4).
|