منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 30 - 08 - 2023, 11:54 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,315,103

آرميا النبي | انهيار نفسية إرميا إلى حين

انهيار نفسية إرميا إلى حين:

10 وَيْلٌ لِي يَا أُمِّي لأَنَّكِ وَلَدْتِنِي إِنْسَانَ خِصَامٍ وَإِنْسَانَ نِزَاعٍ لِكُلِّ الأَرْضِ. لَمْ أَقْرِضْ وَلاَ أَقْرَضُونِي، وَكُلُّ وَاحِدٍ يَلْعَنُنِي.

شعر إرميا النبي بالضعف الشديد، فمن جهة كانت كلمة الله كنارٍ في قلبه، لم يحتمل برقة مشاعره ما سيحل بشعبه من قحطٍ ودمارٍ، وحين التزم أن ينطق بها ظنه الشعب أنه قاسي القلب، عنيف، غير وطني. هنا اشتهَى إرميا لو لم يُولد.
"ويل لي يا أمي،
لأنكِ ولدتني إنسان خصام،
وإنسان نزاع لكل الأرض.
لم أقرض ولا أقرضوني،
وكل واحدٍ يلعنني" [10].
يعلق العلامة أوريجينوس على العبارات السابقة، قائلًا:
[أما بالنسبة للكلمات: "ويل لي يا أمي..."، فإنني أعتقد أن تلك الكلمات لا تناسب أي نبي آخر ولا توافقه مثلما تناسب إرميا. لم تبدأ نبوة معظم الأنبياء إلا بعد زمنٍ معينٍ، فبعدما تابوا ورجعوا عن خطيتهم أقامهم الله ليتنبأوا، أما إرميا فكان يتنبأ منذ طفولته. ويمكننا أن نستعين بمثال من الكتاب المقدس؛ إن إشعياء لم يسمع من الله تلك الكلمات: "قبلما صورتك في البطن عرفتك وقبلما خرجت من الرحم قدستك. جعلتك نبيًا للشعوب" (إر 1: 5)، كما لم يقل إشعياء للرب: "إني لا أعرف أن أتكلم لأني ولد" (إر 1: 6). بل حينما رأى الرؤية التي يقول عنها في نبوته، نظر وقال: "ويللي إني هلكت لأني إنسان نجس الشفتين، وأنا ساكن بين شعب نجس الشفتين، لأن عيني قد رأتا الملك رب الجنود" (إش 6: 5)، ثم يقول بعد ذلك: "فطار إليّ واحد من السرافيم وبيده جمرة... ومس بها فمي وقال إن هذه قد مست شفتيك فانتُزِع إثمك وكُفِّر عن خطيتك". إذن بعدما ارتكب إشعياء الخطايا ثم تاب عنها أصبح مستحقًا أن يأخذ الروح القدس ويتنبأ. تجد أشياء مشابهة بالنسبة لأنبياء آخرين. أما إرميا فلم يكن مثلهم: كان لا يزال في المهد حينما أخذ روح النبوة وتنبأ منذ الطفولة. لذلك عنه قيل: "ويل لي يا أمي لأنكِ ولدتني إنسان خصام وإنسان نزاع لكل الأرض".
لكن يقول أحد المفسرين الذين سبقوني في تفسير هذا النص كان إرميا يوجه هذه الكلمات ليس لأمه حسب الجسد، وإنما للأم التي ولدت الأنبياء. من هي التي ولدت الأنبياء إلا حكمة الرب؟ ذكر الإنجيل كذلك أبناء للحكمة: "والحكمة تبررت من جميع بنيها" (لو 7: 35).
إذًا مكتوب: "ويل لي يا أمي (الحكمة) لأنكِ ولدتني إنسان خصام (محكوم عليه)". فمن أنا حتى لا أولد إلا ليكون محكومًا عليّ وأكون مُخاصمًا من الناس بسبب عتابي ولومي لهم، وبسبب تعاليمي التي أعلمها لكل سكان الأرض؟].

ويل لي يا أمي

حديثه هنا لا يستلزم أن والدته كانت على قيد الحياة، وأنه يخاطبها، إنما يعلن بطريقة مجازية كيف أنه إن كان قد دُعي للخدمة وهو بعد في الأحشاء (إر 1: 5) رُفض أيضًا منذ البداية. إنها صرخة ليست موجهة إلى أمه بل إلى الله الذي دعاه للخدمة.
يصور لنا إرميا النبي كيف عاش في جوٍ رهيبٍ، فقد تحالف الأنبياء الكذبة مع الكهنة ضده، وأثاروا الملك وكل القيادات حتى الشعب ضده، فضاقت نفسه فيه، وحسب يوم ميلاده كأنه يوم ويلٍ.

إنسان نزاع لكل الأرض

صار إرميا موضع نزاع العالم الذي حوله، ليس من يسنده ولا من يقبل كلمات الرب التي ينطق بها إلا تلميذه وكاتبه باروخ وربما قلة قليلة جدًا تكاد تضيع وسط التيارات المضادة. شعر أن الكل يلعنوه بدلًا من أن يباركوه، ليس من ينطق بكلمة بركة لأجل اخلاصه! دخلوا معه في خصومة، وقدموا ضده اتهامات لمحاكمته. كان إرميا رجل سلام لكنه إذ نطق بالحق تحول إلى رجل خصام، لأنه لم يكن ممكنًا أن يداهنهم على حساب خلاص نفوسهم وشركتهم مع الله.
هذا هو إحساس الكثيرين عندما يخدمون الرب، فيجدوا عدو الخير قد هيّج العالم الذي حولهم ضدهم! ما حدث لإرميا رجل السلام يحدث لمن يكرز بإنجيل السلام، وكما يقول السيد المسيح: "لا تظنوا إني جئت لألقى سلامًا على الأرض؛ ما جئت لألقى سلامًا بل سيفًا. فإني جئت لأفرق الإنسان ضد أبيه، والابنة ضد أمها، والكنّة شد حماتها. وأعداء الإنسان أهل بيته" (مت 10: 34، 36؛ لو 12: 49، 51).
إن كان إرميا قد هدد بالتأديبات الإلهية، لم يتكلم من واقع إنسان يعيش في حياة مترفة مدللة، وإنما كرجل آلامٍ وأتعاب، إنه مُجرب يعرف مرارة الألم.
غير أننا نجد في هذه العبارة ظلًا لموقف السيد المسيح الذي وُلد كإنسانٍ وهو ابن العلي، فهاجت الممالك ضده، وتآمر الملوك والرؤساء معًا، وتحالفت قوى القيادات على قتله وأثاروا الشعب طالبين صلبه... حيث "اللعنة" (تث 21: 23؛ غل 3: 13). رأى المرتل بعين النبوة ثورة العالم ضد السيد المسيح، فقال: "لماذا ارتجت الأمم وتفكرت الشعوب في الباطل. قام ملوك الأرض وتآمر الرؤساء معًا، على الرب وعلى مسيحه" (مز 2: 1-2). في هذا يحمل إرميا ظل السيد المسيح الذي قيل عنه: "لأنه في ما هو قد تألم مُجربًا يقدر أن يعين المجربين" (عب 2: 18).
يقول العلامة أوريجينوس:
[يذهب أطباء الأجساد إلى المرضى حتى إلى فراشهم ولا يَكُفون عن بذل كل جهدهم، كما تتطلب منهم مهنة الطب، ليشفوا المرضى. وهم في ذلك يرون مناظر فظيعة ويلمسون أشياءً تثير الاشمئزاز؛ وأمام أوجاع الآخرين لا يحصدون لأنفسهم سوى الأحزان؛ حياتهم غير مستقرة أبدًا. لا يوجَدون أبدًا مع أناسٍ أصحاءٍ، وإنما دائمًا مع المجروحين والمفلوجين والمصابين بالقروح والصديد والحميات وكل أنواع الأمراض. إن أردنا أن نمارس الطب، علينا أن نقوم بكل ما تتطلبه منا هذه المهنة التي اخترناها، نقوم بها بدون اشمئزاز ولا إهمال عندما نلتقي بأي نوع من أنواع المرضى الذين ذكرناهم...
الأنبياء مثل أطباء الأرواح، يقضون كل وقتهم حيث يوجد المحتاجون إلى الشفاء، لأنه "لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى" (لو 5: 31). ما يقاسيه الأطباء من المرضى المعاندين، يقاسيه أيضًا الأنبياء والمعلمون من الذين لا يريدون أن يُشفوا. يرجع سبب كراهية الناس لهم إلى فرضهم علاجًا يخالف ما يتمناه المرضى، يمنعون عنهم اللذات والشهوات التي يريدونها، لذلك يُصّر هؤلاء المرضى في عنادهم على عدم أخذ الأدوية المناسبة لمرضهم. يهرب المعاندون من الأطباء، بل وكثيرًا ما يسيئون إليهم ويهينوهم ويشتمونهم ويفعلون بهم كل ما يمكن أن يفعله الأعداء. يغيب عن ذهنهم أن الطبيب يأتي كصديقٍ وليس كعدوٍ. لا يرون سوى الجانب المؤلم من نظام العلاج واستخدام المشرط، دون أن يروا النتيجة التي تعقب الألم. يكرهون الأطباء كما لو كانوا لا يحملون إليهم سوى الآلام، ولا ينظرون إلى هذه الآلام كمرحلة من مراحل الشفاء.
كان ذلك الشعب الذي يسمي نفسه شعب الله مريضًا، مصابًا بكل أنواع الأمراض. أرسل الله إليهم الأنبياء مثل الأطباء، أحدهم إرميا.
وجه إرميا عتابه للخطاة راغبًا في رجوعهم عن طرقهم. كان ينبغي أن ينصتوا إلى هذه الكلمات، لكنهم اتهموا النبي أمام القضاة والحكام، فكان متورطًا في قضايا مستمرة، اتهمه هؤلاء الذين كان يقوم برعايتهم، أي الذين كان يوجه لهم كلمات نبوته، لكنهم لم يُشفوا بسبب عنادهم. أمام كل هذا كان إرميا يقول: "فقلت لا أذكره ولا أنطق بعد باسمه، فكان في قلبي كنارٍ محرقةٍ محصورة في عظامي" (إر 20: 9).
مرة أخرى يقول حينما يرى نفسه دائم التعرض للقضايا وللاهانات والشكاوى وشهادات الزور: "ويللييا أمي لأنك ولدتني إنسان خصام". يريد أن يقول عن نفسه، أنه بدلًا من أن يدين الناس على خطاياهم، إذا به يُدان ويُحكم عليه، وبدلًا من أن يقاوم وينازع صار هو نفسه "إنسان نزاع لكل الأرض"].
[لا أستطيع أن أجد تفسيرًا لكلمتي: "لكل الأرض". لم يصر إرميا إنسان نزاع بالنسبة لكل الأرض، إلا إذا قلنا أن "كل الأرض" يقصد بها كل أرض اليهودية، لأن نبوة إرميا لم تصل إلى كل الأرض حينما كان يتنبأ. لكن أليس من الأفضل أن نفعل كما فعلنا في أجزاء سابقة، فنطبق هذا الكلام على السيد المسيح بدلًا من إرميا؟ توقفت في البداية عند الكلمات التي تقول: "أنظر. قد وكلتك هذا اليوم على الشعوب وعلى الممالك لتقلع وتهدم، وتهلك وتنقض، وتبني وتغرس"، لم يفعل إرميا شيئًا من هذا كله، وإنما السيد المسيح هو الذي قلع ممالك الخطية وهدم أعمال الشر، وأقام بدلًا منها مملكة الحق والعدل في نفوسنا. هكذا أيضًا تصلح هذه العبارة لتطبيقها على السيد المسيح أكثر منها على إرميا، ففي نظري يوجد العديد من العبارات التي يمكن تطبيقها على المخلص، لا سيما تلك العبارة التي نحن بصددها "إنسان نزاع لكل الأرض"].

لم أقرض ولا أقرضوني

أراد السيد المسيح أن يقرض البشرية حياته ويقترض حياتهم، يدخل معهم في ميثاق حب، يقبلونه ميراثًا لهم، ويقبلهم نصيبًا له، لكنهم رفضوا هذا الميثاق، وعوض الحب صار "كل واحدٍ يلعنني" [10].
ربما يقصد بقوله "لم أقرض ولا أقرضوني" [10]، أنه لم يدخل معهم في معاملات مادية، التي غالبًا ما تسبب نزاعات حتى بين الأقرباء والأصدقاء، لكنهم خاصموه بلا سبب. ليس لديه زوجة ولا أولاد لكي يترك لهم ميراثًا، إنما يزهد كل شيء، مع هذا كانوا يلعنوه!
يعلق العلامة أوريجينوس على العبارة: "لم أقرض ولا أقرضوني" أو "لم اصنع صلاحًا ولم يفعل لي أحد صلاحًا"، قائلًا:
[بما أن المرضى لم ينصتوا إليه حينما نصحهم كطبيبٍ، قال: "لم أفعل صلاحًا"، وبما أنه كان يقرض أمواله الروحية، ولم يريد الذين كان يتوجه إليهم ليعمل معهم الخير وليجعلهم مدينين له بما يسمعونه منه الإصغاء إليه، قال: "لم أُقرض ولا أقرضوني"].
[يوجد في الواقع نصَّان مختلفان لتلك الآية: ففي النسخ التي تتطابق مع النص العبري: "لم أُقرض ولا أقرضوني"...
كان إرميا يكرز بالكلمة، لكن لم ينصت أحد إلى كلامه. كان مثل طبيب يبدد أدويته بسبب عناد مرضاه الذين لا يريدون اتباع علاجه ولا أخذ أدويته.
كطبيبٍ يقول: "لم أفعل صلاحًا ولم يفعل لي أحد صلاحًا". ربما يرجع سبب التناقض في هذه الآية (لأن إرميا فعل صلاحًا) إلى شعور الحب والوِدّ الذي يحمله الإنسان الذي عُمِلَ معه الصلاح تجاه الإنسان الذي عَمَل له هذا الصلاح. ينتج عن هذا أن الذي يَكرز بالكلمة يأخذ هو أيضًا صلاحًا من كلمته (أي يحصل على حب السامعين له). وكما هو مكتوب: "طوبى لمن يتكلم مع أذنٍ تسمع". أعظم صلاح يمكن أن يجنيه المعلم من السامعين له هو أنهم ينمون ويتقدمون حتى يكون له ثمر فيهم (رو 1: 13). إذ لم يحصل إرميا على ذلك الثمر (الصلاح) من اليهود، قال: "لم يفعللي أحد صلاحًا".
يوجد أيضًا صلاح آخر يمكن أن يحصل عليه كل معلمٍ متى كان تلاميذه أذكياء. إذ يمكن للمعلمين أن يصبحوا أكثر قوة وتتناقل تعاليمهم بواسطة الناس إذا كان السامعون أذكياء ولا يكتفون بمجرد سماع التعاليم إنما يتفاعلون معها ويسألون أسئلة ويستفسرون عن كل جوانب التعاليم التي يسمعونها.
لنفسر نفس الآية من النسخ الأكثر صحة "لم أصر مدينًا لأحد ولا صار أحد مدينًا لي". الإنسان الذي يعطي الجميع حقوقهم، الجزية لمن له الجزية، الجباية لمن له الجباية، الخوف لمن له الخوف، والإكرام لمن له الإكرام (رو 13: 7)، والذي يؤدي جميع واجباته بصورة لا تجعله مدينًا لأحدٍ، والذي يكرم والديه كما يليق، ويكرم إخوته كما يليق بهم، ويكرم أولاده والأساقفة والكهنة والشامسة والأصدقاء ويعطي لكل إنسانٍ كرامته، مثل هذا الإنسان يمكنه أن يقول "لم أصر مدينًا لأحدٍ". أما عبارة "ولا صار أحدليمدينًا" أفسرها كالآتي:
يقول إرميا: كنت أبحث عن مصلحتهم، كنت أحاول أن أعطيهم الغنى الروحي، أما هم فلم يقبلوا كلامي، بل رفضوه حتى لا يصيروا مدينين لي، بذلك "ولا صار أحد لي مدينًا".
بذلك يكون من الأفضل للسامع أن يقبل المال الروحي المُقَدَّم من المعلم وأن يكون مدينًا، عن ألا يكون مدينًا ولا يستفيد من التعاليم].
رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
آرميا النبي | استرعى انتباه إرميا النبي الآتي
آرميا النبي | بأمرٍ إلهي نزل إرميا النبي إلى وادٍ منخفض
آرميا النبي | كأّن الله يعاتب إرميا النبي
آرميا النبي | لا يقف إرميا النبي وحده يُرثى هذا الشعب
آرميا النبي | تمتع إرميا النبي بتقديس الله


الساعة الآن 03:21 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025