كما يليق بخدام اللـه بالصبر الجزيل بالأحزان بالشدائد بالضيقات وتوابع ذلك والرب يقول: من يصبر إلي المنتهى يخلص. وأيضاً بصبركم اقتنوا أنفسكم وفي فصل آخر يقول: من وثق بالرب فخزى أم من يثبت في كلامة فخذل أو من استغاث به فأعرض عنه .
لأنه إن كان الناس ذوو الفهم والعقل اليسير يعرفون أن يختبروا ويميزوا كم ثقل يحمل كل واحد من الحيوان من بغل أو جمل وعلي حسب ذلك يحملونه،
والفاخوري إذا جبل الأواني وأحكمها إن لم يدخلها الأتون لتحمى وتيبس فلا توافق لاستعمال الناس، ويعلم أيضاً كم يحتاج أن يتركها في النار حتي تستوى ولا يتركها فيها زيادة عن الواجب لئلا تحترق وتتلف ولا يتركها أقل من ذلك لئلا تكون غير نافعة.
فإن كان الناس في الأشياء البالية والظاهرة اقتنوا مثل قدر هذا التمييز والمعرفة فكم أولى باللـه الذي لم يزل في علمه غير مدروك وفي فهمه لا يقاس وهو ذو كل حكمة يعلم كم تحتاج النفوس التي تؤثر أن ترضيه وتشتاق أن تنال الحياة الأبدية من الامتحان والتجارب وتصبر بشهامة ونشاط ورجاء علي كل حزن إلي النهاية وحينئذ تصير مختبرة وموافقة لملكوت السموات.