![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() أن الأب بوفيوس يخبرنا فيما بين الأشياء الأخرى عن أمرأة رديئة السيرة أسمها هيلانه. فهذه اذ أتفق لها يوماً ما بطريق الصدفة، أن تستمع في الكنيسة عظةً مختصةً بالوردية، فلما خرجت من المعبد الإلهي أشترت مسبحةً من مسابح الوردية، الا أنها حملتها خفيةً كيلا يراها أحدٌ، ثم شرعت فيما بعد تمارس صلاة هذه المسبحة، ومع أنها كانت تتلوها من دون عواطف العبادة، فمع ذلك قد أفاضت البتول القديسة في قلبها عذوبةً وتعزيةً بهذا المقدار عظيمةً عندما كانت تصلي بها، حتى أنها ما عادت تعرف تهمل تلاوتها، وبذلك قد حصل عندها تكرهٌ ونفورٌ من سيرتها القبيحة، بنوع أنها لم تعد تحتمل توبيخ ضميرها الشديد، أو تجد راحةً لأفكارها القلقة. ومن ثم شعرت بنفسها منجذبةً بأغتصابٍ الى أن تمضي تعترف بخطاياها في منبر التوبة. كما فعلت حقاً بتوجعٍ وندامةٍ قلبيةٍ بهذا المقدار عظيمةٍ، حتى أن معلم أعترافها قد أستوعب من ذلك أنذهالاً، فبعد نهاية الاعتراف ذهبت أمام هيكل والدة الإله، لكي تقدم الشكر لمعينتها هذه المقتدرة، وهناك أكملت صلوة الوردية، فالأم الإلهية قد تنازلت لأن تخاطبها من تلك الأيقونة قائلةً لها: يكفيكِ يا هيلانه ما قد أغظتِ به الله لحد الآن، وما أهنتيني به، فمنذ هذا اليوم فصاعداً غيري سيرتكِ، وأنا سأهبكِ جانباً ليس بقليلٍ من أنعامي: فهيلانه الخاطئة المسكينة قد أمتلأت خجلاً وأنذهالاً وأجابتها هاتفةً: أيتها البتول الكلية القداسة، أنني بالحقيقة قد عشت لحد هذا الوقت خاطئةً أثيمةً شقيةً دنسةً، ولكن أنتِ من حيث أنكِ قادرةٌ على كل ما تشائين، فعينيني لأني أهبكِ ذاتي بجملتها. وأريد أن أصرف ما بقي من حياتي في أعمال التوبة وفاءاً عن مآثمي. ثم خرجت من الكنيسة وبمعونة والدة الإله قد وزعت كل ما كانت تملكه على الفقراء والمحتاجين، وشرعت تمارس أفعال التوبة الأشد صرامةً. فأي نعم أن التجارب قد نهضت لمحاربتها ووثبت عليها بقوةٍ كلية. الا أنها أي هيلانه لم تكن تغفل عن الألتجاء المتصل الى معينة التائبين، وبذلك كانت دائماً تنتصر على أعدائها الجهنميين، وقد حصلت على انعامٍ وافرةٍ فائقة الطبيعة، حتى أنها فازت بأوحيةٍ وجلياناتٍ سماوية وبروح النبوة أيضاً. وأخيراً قبل نياحها بأيامٍ وجيزة، قد أنذرتها والدة الإله مخبرةً اياها عن وقت خروجها من هذه الحياة. ولما جاءت الساعة قد حضرت اليها هذه الأم الإلهية عينها مع ابنها الحبيب لتعزيتها، وعند أنفصالها من الجسد قد شوهدت نفسها بصورة حمامةٍ بيضاء جزيلة الجمال، قد تراقت متطايرةً الى السماء لتمجد الله في السعادة الأبدية سرمداً.* |
![]() |
|