وهو عَالَ الملك عند إقامته في محنايم لأنه كان رجلاً عظيمًا جدًا
( 2صم 19: 32 )
إذ تقع هذه الكلمة «مَعِي» في آذاننا، ألا تُذكِّرنا بلغة مُماثلة من فم ابن داود وهو يُخاطب الآب على مسمَع من تلاميذه قائلاً: «أَيُّهَا الآبُ أُرِيدُ أَنَّ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي يَكُونُونَ مَعِي ... لِيَنْظُرُوا مَجْدِي» ( يو 17: 24 ).
بيد أن بَرْزِلاَّي يُثير اعتراضًا إزاء ما عرضه عليه داود، فإنه لم يُقدِّم ما قدمه طمعًا في مُجازاة، مع أنه جدير بها. أما أن يوجد في البلاط الملَكي فذلك أمر لا يناسب شخصًا نظيره، لأن تقدُّمه في الأيام يَحول دون تمتعه بمسرَّات ومباهج بيت الملك (ع34، 35). لمَّا كان داود في البرية محتاجًا إلى خدمة بَرْزِلاَّي، لم يكن ذلك العائق - ضعف قواه بسبب تقدُّم الأيام - ليقف في طريق تقديم تلك الخدمات بنفسه. أما عن الذهاب إلى أورشليم – كنوع من المُجازاة عن خدمته – فذلك ما كان يحس بَرْزِلاَّي أنه ليس كفؤًا له. على النقيض من مألوف البشـر، فإنهم يتعلَّلون بكل أنواع العِلَل لتجنب الخدمة، ويطمَعون كل الطمع في الجزاء! لكن بَرْزِلاَّي لم يكن من هذا الطراز.