يعلمنا الوحي الإلهي الذي سُمع الآن أن لا نخاف مما يخيف، وأن نخاف مما لا يخيف. فقد لاحظتم عند قراءة الإنجيل أن ربنا يسوع المسيح قبل موته لأجلنا يريد أن يجعلنا ثابتين، ناصحًا إيانا أن لا نخاف وأن نخاف، فقد قال "لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَلَكِنَّ النَّفْسَ لاَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا" (مت 10: 28) . انظروا في أي موضع ينصحنا بعدم الخوف، ولتنظروا في أي موضع ينصحنا بالخوف، "بَلْ خَافُوا بِالْحَرِيِّ مِنَ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُهْلِكَ النَّفْسَ وَالْجَسَدَ كِلَيْهِمَا فِي جَهَنَّمَ" (مت 10: 28) لهذا فلتخف من عدم الخوف! قد يبدوا أن الخوف حليف للجُبن، وأنه من صفات الضعيف لا القوي، ولكن انظروا ما يقوله الكتاب المقدس " فِي مَخَافَةِ الرَّبِّ ثِقَةٌ شَدِيدَةٌ" (أم 14: 26). إذن فلتخف من عدم الخوف، أي نخاف بحكمة من عدم الخوف بكبرياء. إن الشهداء القديسين الذين بمناسبة تذكارهم المقدس نقرأ هذا الفصل من الإنجيل، لم يخافوا مما يخيف لأن في مخافتهم من الله لم يهابوا بشرًا.
القديس أغسطينوس