![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
دروس من حياة يُوسِف ============================== ![]() دروس من حياته أ. المهم ليس أحداث الحياة وظروفها، بل رد فعلنا أمامها: إن رد فعل المؤمن تجاه الأحداث التي يمر بها في حياته، هي التي تكشف عن حقيقة إيمانه وأمانته، وتلعب دوراً كبيراً في حياته الروحية الحاضرة والمستقبلة. فلو أمعنّا النظر جيداً في حياة يوسف وتصرفاته في كل المواقف التي مرّ بها، سنلاحظ مدى إدراكه لكل المباديء التي يجب ان يرتقي اليها المؤمن الحقيقي، ليكون جديراً بلقب البنوّة التي منحها الله له. حتى سبق عصره في ذلك، فنراه يطبق "وصايا الله حتى قبل اعلانها لموسى بفترة، ويعيش مجسداً لمباديء وتعاليم العهد الجديد قبل ظهورها بحوالي الفي سنة". فما هو ياتُرى سرّ نجاح يوسف وتمكنه من فعل كل ذلك؟!.. بالتأكيد انها "المحبّة" التي كشف عن ادراكه لعظمتها من خلال تعامله معها في حياته باعتبارها "طبيعة الله نفسه، وسرّ تجسده، والوصية الاولى والعظمى في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، وأولى ثمار الروح القدس" أما كيف؟!.. فلابد من ان علاقة المحبة والشركة التي كانت تربطه بذلك الاب الارضي، وتلك الاوقات الطويلة التي قضاها معه وهو يحدثه عن ابيه السماوي "إله آبائه واجداده الوحيد" وعن محبته وكل تعاملاته ووعوده معهم، كان لها أثرها الكبير في ان يصبح على دراية ومعرفة شخصية اكثر بذلك الاله والاب، وان تغرس تلك المعرفة بالتالي جذورها العميقة في نفس وروح يوسف، فيرتبط به بعلاقة شركة حية، لتتفجر في داخله ينابيع من المحبة والغيرة والاخلاص لذلك الإله ولكل من حوله، والتي كان لها اثرها الكبير في حياته وردود افعاله تجاه احداثها التي عكسها في النواحي التالية٠٠ - أمانته واخلاصه: احدى الصفات الجميلة التي ميّزت يوسف ولم يتخلى عنها اينما ذهب ورغم كل الظروف التي مرّ بها، هي امانته واخلاصه المملوء من الغيرة. ففي بيت ابيه تجلى ذلك الاخلاص واضحا في علاقته بابيه واخوته، فرغم كونه الابن المدلل والمحبوب لدى والده، فهو لايستغل تلك المحبة وذلك الدلال في فعل ما يريده هو، بل نراه مطيعا لوالده بمحبة فائقة لكل وصف، مؤدياً بإخلاص لأي مهمة يطلبها منه، فعندما كلفه بمهمة الذهاب الى شكيم ليسأل عن سلامة إخوته، لم يكتفي بالذهاب إلى هناك، والعودة الى والده ليخبره بعدم وجودهم، بل نراه يجدّ في البحث عنهم حتى لو تاه أو ضل الطريق، وعندما علم بأنهم إرتحلوا الى دوثان ذهب وراءهم، مؤكداً اخلاصه لهم ايضا رغم كل ما اتسموا به من أعمال النميمة الرديئة وما حملوه من بغضة وحسد له، ونجد ذلك الإخلاص الأخوي واضحا في تعبيره القائل لمن وجده ضالاً في الحقل: "أنا طالب إخوتي" (تك 17,13:37).. وفي بيت فوطيفار، المصري الذي اشتراه من الاسماعيليين، كان يمكن ليوسف كعبد أن يرى موقفه ميئوسا منه، ومع ذلك لم يتخلى عن اخلاصه وامانته بل كان يبذل أقصى جهده ليخدمه بأعمق ما يمكن أن يكون له من الولاء، حارصاً أن يكون نموذجاً مثالياً للخدمة، وسرعان ما ظهر لسيده اجتهاده وموقفه الايجابي فرقّاه وجعله مديرا لبيته (تك 6,1:39).. أما لفرعون مصر، فقد اثبت يوسف بانه مستشار أمين، حيث لم يقف عمله عند تفسير الحلمين بل قدم له مشورة صالحة بحكمة الهية، راسماً له سياسة لخدمة الشعب، مطالباً إياه بالجمع في أيام الشبع، وتخزين خُمس المحصول السنوي لمدة سبع سنوات لاستخدامه في أيام الجوع (تك 36,33:41).. والأهم من كل ذلك هو ان يوسف قبل وبعد كل شيء، كان مخلصاً غيوراً لالهه، مجسدا ذلك الاخلاص في مواقف سنذكرها لاحقا في موضوع تقواه٠ - محبته وغفرانه: بالرغم من ان يوسف تعرّض للخيانة والهجر من عائلته التي طالما احبها واخلص لها، ورغم ان الجروح في مثل حالته تكون بالغة الشدة في الأعماق لانها جاءت من اخوته، وما اعمق واقسى جرح الاخوة الذين عندما حنّو عليه لتذكرهم فجأة بانه اخوهم من لحمهم ودمهم، وعندما ارادوا ان يتحاشوا وقوع ذنب قتله عليهم، تحولوا من فكرة قتله، إلى بيعه عبداً بلا رجاء أو حرية أو أمل (تك28,26:38)، لكن ذلك الحب لم يتأثر سلبا بكل ما وجده في اخوته من بغض وحسد وكره، وكل ما قاساه في عبوديته وسجنه، عاكسا ذلك الحب في غفرانه الكامل لهم عند اللقاء بهم وبكاءه لمجرد تصورهم بانه ريما سينتقم منهم بعد كل ما فعلوه معه، ولكن دهشتهم كانت كبيرة عندما علموا بان بوسف لم يصفح عنهم فحسب ولكنه وعد ان يعتني بهم وبعائلاتهم مجسداً بذلك ادراكه لخطة الله في حياته (تك:15,1:45)٠ - عفته وطهارته: أما موقف يوسف من التجربة الجنسية التي تعرض لها، جعلته رمزاً ونموذجا للعفة والطهارة التي تقف امامها الكنيسة بأجيالها بكل اجلال وتقدير، فقد جاء موقفه ليثبت بانه مهما كانت الاسباب التي يقدمها المؤمن، عند فشله في تجربة من نفس النوع، هي اعذار واهية لا مبرر لها. فهل يوجد هناك ظروف اصعب واقسى من الظروف التي مرّ بها يوسف والتي كان يمكن له ان يقدمها كمبررات تدفعه للخطيئة، فلنتخيل موقفه وهو شاب صغير في مقتبل العمر(17) سنة، يؤخذ فجأة وعنوة من بيت ابيه وحضنه المحب الدافيء، ليباع عبدا اجيرا، ويعاني من قساوة العبودية ويعيش حياة الذل والهوان. قبل ان يرفعه سيده ليجعله وكيلا على بيته ويوليه على كل ماله، دون ان يستغل ذلك المنصب والمسؤولية عندما تاتي بعدها زوجة سيده وتحاول اغواءه بارتكاب الخطيئة معها، ولكن بالقول الشهير الذي نطق به يوسف مقاوما تلك التجربة " كيف اقترف هذا الشر العظيم وأخطيء الى الله" (تك9:39). اثبت مدى محبته وغيرته لالهه. وهكذا تجنب يوسف امرأة فوطيفار بقدر ما استطاع، ورفض عروضها، واخيراً هرب منها. معرضا حياته للموت كي لايدنس جسده بها، وبذلك تمكن من الحفاظ على عفته وطهارته رغم كل الظروف والمعاناة، ورغم الوعيد والتهديد. - نقاوته وتقواه: ان كل اعمال يوسف وتصرفاته اكدت عدم تأثره بالأساليب الوثنية في مجتمعه الجديد، فلو تخيلنا الصدمة الحضارية التى واجهها وهو شاب في مقتبل العمر، يعيش حياة البدو، مرتحلا مع عائلته بين المراعي، ليجد نفسه فجأة في أعظم مجتمعات العالم حضارة، مصر بأهرامها العظيمة وبيوتها الجميلة، وشعبها الرفيع الثقافة، ولغة جديدة. لتَوقَعنا منه الكثير من التغيير والزلات والاخطاء. ولكنه استطاع ان يميز رغم ما وجده فيهم من مهارة وذكاء، عماهم الروحي بعبادتهم لآلهة بلا عدد تنتمي الى كل مظاهر الحياة ليتمكن من اختيار الاساليب والعلوم التي تمنحه الحكمة التي تساعده في اتمام مشيئة الله في حياته بتنفيذ الخطة التي سبق وان اعدها له. تاركا كل المظاهر المفسدة الاخرى ليحافظ على استقامته التي اثبتت تقواه، مجسداً اياها في مواقف عدة ابرزها، اولهم: ردّه على إمرأة سيده وهي تحاول اغواءه" كيف اقترف هذا الشر العظيم وأخطيء الى الله" (تك 9:39). ثانيهم: اغتنام كل فرصة لاعلان اسم الله لمن حوله، وتوجيه انظارهم اليه، خاصة فيما يتعلق بالاحلام، التي كان ينسب الفضل في تفسيرها دائماً الى الله الذي وهبه إياها ، مانحا كل المجد لاسمه القدوس، ليظهر ذلك جلياً في قول فرعون عنه وهو يوليه على كل ارض مصر"هل نجد نظير هذا رجلاً فيه روح الله؟" ( تك44,37:41). وثالثهم: خطته التي رسمها لتعيش عائلته في مصر منفصلة عن تأثيراتها الوثنية المفسدة، طالبا من اخوته باخبار فرعون بانهم رعاة ليتمكنوا من الاقامة في "ارض جاسان" الجزء الشمالي الشرقي من مصر، والأنسب بقعة لذلك الغرض، حيث يرعون الماشية بعيداً عن المصريين، وفي عزلة منهم، لأن المصريين كانوا يعتبرون رعاية المواشي دنساً ورجساً، وبالتالي يأبون الاختلاط بها وبرعاتها. وبذلك استطاع تأمين العيش لعائلته في مصر دون التأثر بمعالمها الوثنية (تك 34,33:46). أما رابعهم: فمرتبط بعظامه التي يريدها أن تُنقَل مع شعب الله، عندما يفتقدهم الله في يوم من الأيام (تك25:50). وكان ذلك دليلا على جانب اخر فيه وهو ايمانه الكبير بان الله سيتمم ما وعد به شعبه، فذُكِرَ إسمه مع قائمة ابطال الايمان في الرسالة الى العبرانيين "وبالإيمان، استند يوسف على وعد الله بإخراج بني إسرائيل من بلاد مصر، فترك وصية بأن ينقلوا رفاته معهم (22:11). - صبره وايمانه: كما ذكرنا سابقا يشير الكتاب الى ان يوسف كان في السابعة عشر من عمره عندما اوحى له الله في حلمين متتاليين بانه قد اعد له خطة لحياته يقوده من خلالها الى المجد ليخضع الكل له، وبالرغم من ان اخوته بسبب غيرتهم منه قد باعوه عبداً في نفس الفترة، ليواجه رحلة ثلاثين يوما في الصحراء، مقيداً بالسلاسل سائراً على قدميه، ليعاني بعدها الكثير من الصعوبات، قبل ان تتحقق تلك الاحلام، حيث بلغ الثلاثين من عمره عندما اصبح حاكما على مصر، اي انه قضى احدى عشرة سنة عبدا، وسنتين في السجن لذنب لم يرتكبه، بل عقابا له على فعله الشيء الصالح، دون ان يتفوه بكلمة من شأنها ان تسيء الى سيده او زوجته الذين احبهما واخلص في خدمتهما، وتحمل فترة السجن دون ان يشعر باليأس، بل بذل اقصى جهده في القيام باي عمل يُسنَد اليه مهما كان صغيرا، عاكسا بذلك صبره وايمانه بوعود الله وامانته مهما طال انتظاره.. وقد نسيه من ساعدهم، دون ان يفقد الامل واثقا بان الله الذي رافقه في كل خطوة لن ينساه ولن يتركه حتى تتحقق تلك الاحلام التي من خلالها تتحقق مشيئة الله في حياته. الا يثير دهشتنا واعجابنا بعد كل ما ورد اعلاه بان يوسف وبالطريقة التي بها عاش حياته قد نفّذ كل وصايا الكتاب حتى قبل اعلانها؟!. وبالتالي فلا عذر لنا نقدمه مهما كانت الظروف من حولنا لنعيش على هوانا حسب شهوة الجسد ونموت بخطايانا، بعد كل ما فعله الله من اجلنا والطرق التي استخدمها في توصيل رسالته ومحبته، والتي اخرها بذل ابنه الوحيد لكي لايهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية. ب. يمكن، بمعونة الله، أن يتحوّل أي موقف الى الخير، حتى عندما يقصد به الآخرون الشر: إن الاحداث الاولى ومسبباتها في قصة يوسف بكل تلك الوحشية والقساوة التي جرت بها، تدعو قارئها الى الذهول للوهلة الاولى، حتى يتهيأ اليه وكأنّ الله غائب عن كل تلك الأحداث! فهل كان ذلك ياترى نفس ما تهيأ ليوسف في بداية الامر؟! فالكتاب لايذكر إطلاقاً أي كلمة تفوه بها في تلك البداية سوى الأحلام التي رواها لهم؟! وهل تساءل ياترى وهو في أعماق البئر، او عند بيعه بقيمة عبد، بشأن تلك الأحلام ووعود الله في تحقيقها؟!. لانعلم، فربما نعم، وربما لا.. ولكن ما عرفناه بعدها من خلال كل الاحداث الاخرى التي تلاحقت ولمسه الجميع، هو تأثيرعلاقة الشركة الحية التي ربطت يوسف بالهه، ونتائجها الايجابية في موقف كل منهما بالنسبة للآخر، فمن جهة الله فقد كان أميناً وحافظاً لوعوده مع يوسف فكان معه ولم يتخلى عنه من البداية وحتى النهاية، فاول آية وردت عنه منذ لحظة وصوله الى مصر كانت "وكان الرب مع يوسف فكان رجلا ناجحا" (2:39) لتتكرر بعدها ايات بنفس المضمون ولعدة مرات، مؤكدة حضور الله في حياته بكل ظروفها واحداثها، مؤيدا له بروحه القدوس ومانحا اياه حكمة وقوة للتغلب عليها واتمام خطته من خلالها. ولكنه باعتباره الخالق، فاحص الكلى والقلوب، وبمعرفته السابقة بمدى تحمل يوسف، كان قد حدد توقيتاً مناسبا لتدخله وبالطريقة التي تضمن مساعدة يوسف من جهة، واتمام مشيئته من جهة اخرى. وذلك ما أكده يوسف بنفسه وهو يشير الى مساندة الله له، عند تسمية ابنيه الذين انجبتهم له زوجته "أسنات" بنت "فوطي فارع" كاهن أون، والتي سبق وان زوّجه اياها فرعون. حيث دعا اسم البكر "مَنَسَّى" قائلاً: "لأن الله أنساني كل مشقتي وكل بيت أبي". أما الثاني فدعا اسمه "أفرايم" قائلاً: "لأن الله جعلني مثمراً في أرض مذلتي" (تك52,50:41)، أما من ناحية يوسف فبقي مؤمناً أميناً لله نقياً ثابتا في مواقفه محافظا على كل الخصال الجيدة التي تميز بها، والمشار اليها سابقاً، بل ومعيدا للنظر في جوانب اخرى من شخصيته بعد كل تعاملات الله معه. وهكذا ثبت ليوسف بانه حتى ولو ان اخوتة أرادوا التخلص منه، الا ان خطة الله قد تحققت من خلال اعمالهم الشريرة، وبالتالي فان خبراته في الحياة علمته ان الله يخرج الخير من الشر، للذين يتكلون عليه... اما الخير الذي عملته كل الاشياء مجتمعة في حياة يوسف فقد لمسناه في عدة امور منها... - زيادة معرفته بالرب: حيث كانت معرفته به سابقا مبنية عل كل ما سمعه من ابوه في صغره، اما بعدها فقد اختبره شخصيا بكل صفاته وعرف انه فعلاً " إله المحبة، والنعمة، وكل التعزية، والرحمة، والسلام، والرجاء". - تصحيح وتعديل الجوانب السلبية في بعض مواقفه: فقد كانت كبرياء شبابه، سبباً في احتكاكه باخوته، وجسّد ذلك في موقفين اولهما، طريقة تعامله مع اخوته، وعدم إدراكه من أن هناك أشياء يعرفها الإنسان، ولكنه من الحكمة ألا يقولها إلا في الحين الذي تصبح فيه الضرورة ماسة لذكرها. وثانيهما: طريقتة غير الناضجة في تكلمه عن نفسه وعن احلامه وافتخاره بها. ولكن بعد ما فعله الله في حياته فقد تبدلت تصرفاته في مواقف مشابهة، فمن ناحية صراحته لم يعد يتفاخر بمركزه الرفيع امام اخوته، حيث صمت ولم يعلن عن حقيقته لهم عند لقاءه بهم وتعّرفه اليهم، لمعرفته بان الوقت لم يكن قد حان بعد لفعل ذلك (تك 9,8:42)، وفي موقف آخر وهو في السجن كشف عن الصدق لرئيس السقاة، ولكن بالصورة التي بلغت النضوج والحكمة في عرض الرواية، دون انزلاق عاطفي أو زلة لسان (تك15:40). اما بالنسبة لاحلامه فقد اصبح ينسب فضل تفسيرها الى الله موجها نظر الجميع اليه ومعطياً كل المجد لاسمه القدوس (تك 8:40 ; 16:41). - تمجيد اسم الله وجعله معروفا بين الامم: وذلك ما جسده في تصرفاته وردود افعاله التي ذكرناها بالتفصيل سابقا. - تحقيق خطة الله من خلال احداث حياته: فقد ارسله الله امام اخوته وعائلته ليحفظ حياتهم ويخلّص مصر من المجاعة التي حدثت حينها، ويقيم له أمة فيها يعدّها ليأتي المسيح من نسلها، ويكون بالتالي مصدراً للحق والخلاص لكل العالم. - جعله أكثر تشبهاً بالمسيح: وهو اهم واسمى الغايات، وذلك ما بدا واضحا من كل اوجه الشبه التي تطرقنا اليها ايضا بالتفصيل سابقا، سواء ما ظهر منها كمواصفات في شخصيته وتعاملاته مع الاخرين، او ما تعلّق منها باحداث حياته ومجرياتها، بل وحتى الاسم الجديد الذي أطلقه عليه فرعون مصر بعد ان خلّص بلاده من المجاعة فدعاه "صَفْنَاتَ فَعْنِيحَ" ومعناه بالمصرية القديمة "مخلّص العالم أو حافظ الحياة" (تك45:41). حيث قدم للعالم في وقته الخبز المادي، كما قدم الرب يسوع نفسه خبزا روحيا للحياة الابدية لكل من يتناول منه. وبالتاكيد لم يكن كل ذلك ليحدث لو ان يوسف لم يسلم ذاته كليا لله خالقه، واضعا فيه كل ثقته ورجاءه سامحا له باعادة تشكيله ليكون مشابها لصورة ابنه. ومن كل ذلك نتعلّم بان الله قد يسمح احيانا للمؤمنين الذين يحبونه ان يعيشوا احداثا مرة وظروفا قاسية مجتازين خلالها تجارب واختبارات متنوعة لأسباب عديدة، وكأنه يدخلهم الى مدرسته الخاصة يعلمهم فيها ويدربهم روحياً، فتدريبه من خلال التجارب المتنوعة هو طريقه الكامل لكل أولاده، وكل ما يسمح به أن يأتي علينا هو من قلبه الملئ بالحب لنا لأنه مكتوب "من يحبه الرب يؤدبه". ولكن ذلك لا يعني ان الله يستمتع بأن يري مؤمناً متألماً لانه لا يحب ذلك، إلا أنه يعلم جيداً ان ذلك ضروري جداً لأجل نموهم روحياً ولأجل مجده ايضاً، فنراه يتدخّل في الوقت المناسب وبالاسلوب المناسب، فقد جاء في كورنثوس الاولى"لم يصبكم من التجارب إلا ما هو بشري. ولكن الله أمين وجدير بالثقة، فلا يدعكم تُجَرَبونَ فوق ما تطيقون، بل يدبر لكم مع التجربة سبيل الخروج منها لتطيقوا احتمالها" (13:10).. ومن كل ذلك نعلم أيضاً بأن هدف الله النهائي لنا كمؤمنين هو، أن يجعلنا مشابهين صورة ابنه، لاننا كلما نزداد شبهاً به نكتشف ذواتنا على حقيقتها، الصورة التي خلقنا لنكون عليها. وذلك ما أعلنه لنا الرسول بولس بقوله "وإننا نعلم أن الله يجعل جميع الأمور تعمل معا لأجل الخير لمحبيه، المدعوين بحسب قصده.لأن الذين سبق فعرفهم، سبق فعينهم أيضا ليكونوا مشابهين صورة ابنه ليكون هو البكر بين إخوة كثيرين. والذين سبق فعينهم، فهؤلاء دعاهم أيضا. والذين دعاهم، فهؤلاء بررهم أيضا. والذين بررهم، فهؤلاء مجدهم أيضا" (رو30,28:8).. فيا لها من بركة ونعمة تدعونا الى الفرح، ونحن نكتشف اهتمام الله بمجدنا، ويالها من مسؤولية تلك الملقاة على عاتقنا كمؤمنين، بدعوتنا لنكون اولاداً لله واخوة للمسيح، فيعمل من خلالنا لتحرير الخليقة من عبودية الفساد الى حرية المجد التي لأولاد الله. لذلك فما علينا سوى قبول دعوته والتجاوب لعمله فينا بالمثابرة والجهاد كما فعل يوسف. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
نقاط القوة والانجازات في حياة يُوسِف |
دروس لنا من حياة ايليا |
دروس من حياة يشوع |
دروس من حياة يونان |
دروس من حياة يونان |