ربما تظن أن وجود داود في قصر شاول كان امتيازاً. لكن لا يوجد امتياز بغير تضحية، فلقد دفع داود ثمن هذا الامتياز. ترك غنمه التي يحبها، وترك الطبيعة الجميلة التي كان يرى الله فيها. ترك بيت أبيه والأرض التي نشأ فيها، ترك حريته التي كان يتمتع بها في الخلاء الواسع مع أغنامه.
ولا شك أن يسى أب داود كان بين الحزن والفرح. هل يفرح لأن زيارة صموئيل النبي لبيته أثمرت، وشقَّ داود ابنه طريقه إلى العرش؟ أو هل يحزن لأن داود سيتركه ويترك رعاية الغنم؟ على أن شعور داود بدا واضحاً من المزامير التي كتبها يقول فيها: «ٱلرَّبُّ نَصِيبُ قِسْمَتِي وَكَأْسِي. أَنْتَ قَابِضُ قُرْعَتِي. دَرِّبْنِي فِي حَقِّكَ وَعَلِّمْنِي. لأَنَّكَ أَنْتَ إِلٰهُ خَلاَصِي. إِيَّاكَ ٱنْتَظَرْتُ ٱلْيَوْمَ كُلَّهُ. مَا أَعْظَمَ جُودَكَ ٱلَّذِي ذَخَرْتَهُ لِخَائِفِيكَ وَفَعَلْتَهُ لِلْمُتَّكِلِينَ عَلَيْكَ تُجَاهَ بَنِي ٱلْبَشَرِ. تَسْتُرُهُمْ بِسِتْرِ وَجْهِكَ مِنْ مَكَايِدِ ٱلنَّاسِ. تُخْفِيهِمْ فِي مَظَلَّةٍ مِنْ مُخَاصَمَةِ ٱلأَلْسُنِ. مُبَارَكٌ ٱلرَّبُّ لأَنَّهُ قَدْ جَعَلَ عَجَباً رَحْمَتَهُ لِي فِي مَدِينَةٍ مُحَصَّنَةٍ» (مزامير ١٦: ٥، ٢٥: ٥، ٣١: ١٩-٢١).
أيها القارئ، هناك قصد من خلقك، فقد رسم الله برنامجاً لحياتك. حاول أن تعرف الخدمة التي يريدك الله أن تقدمها له. كن مستعداً أن تدفع الثمن، ولكن ثق أن الله لا بد أن يجازيك، فإن تعبك لن يكون باطلاً في الرب.
ما أجمل ما قال الإنجيل المقدس عن المؤمنين: «لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ ٱللّٰهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا» (أفسس ٢: ١٠). لقد سبق الله أن أعدّ لك عملاً صالحاً لتقوم به، وهو مستعد أن يجهزك لذلك. هل أنت مستعد لتؤدي ما يكلفُك به الله؟