كما يشتاق الأيَّل إلى جداول المياه
كذلك تشتاق نفسي إليك يا الله
شرح وتفسير المزمور الأول
مقدمة وتمهيد
(1) مقدمـــــــــــة
قبل أن نشرح المزمور الأول الضابط مسيرة التقوى، والمرشد الصالح للنفوس التي تعلَّق قلبها بالله الحي، ينبغي أولاً أن نكتب مقدمة سريعة عن المزامير.
فسفر المزامير يُعرف في العبرية باسم تهليم - תהלים أي "الحمد والتسبيح أو التهليل"،
أما في اليونانية فيُعرف باسم إبسالموس ψαλμός بمعنى أغنية مقدسة أو مزمور أو تأتي بلفظة ψάλλω – Psallo أي يُرتل [ترتيلة أو مديح]، ويُرتل يعني حُسن التناسق في وزن الكلام وسرده، وأيضاً تحمل معنى يصلي بنغم مع لحن (وقور) يُناسب الكلمات، أو باختصار تعني: أنشودة مرتلة، وفي اليونانية الكلاسيكية والعهد القديم يُقصد بلفظة psallo أو psalmos شعر، أو رنين وتر قوس، ومن ثمَّ سحب أوتار قيثارة أو أية آلة وترية أُخرى، ويُشير الاسم بصفة عامة إلى صوت الآلة أو إلى نتاج الصوت الفعلي، أما اسمه في العربية "مزامير" فهو من الفعل "زمَّرَ" أي غنى أو أنشد بمصاحبة المزمار أو غيره من الآلات الموسيقية.
+ أهمية المزامير في حياتنا اليومية
سفر المزامير هو سفر الصلاة الأول في الكتاب المقدس، أو يُسمى كتاب الصلاة والتسبيح، لأن يصحبه دائماً الآلات الموسيقية للتنغيم، والتي تُعبر عن مشاعر الإنسان وأحاسيسه الخاصة التي يرفعها لإلهه على نحو شخصي، ولا يُمكن لإنسان ولد ميلاد ثاني بالمعمودية، والروح القدس سكن هيكله الخاص، واقتنى المسيح في قلبه ليكون مقراً لسكناه، يستطيع أن يستغنى عن سفر المزامير بأي حال من الأحوال أو بأي شكل، لأنه ممتلئ أولاً بالنبوات عن شخص المسيح المًخلِّص وأيضاً ممتلئ بكل مشاعر الإنسان بكل أحوالها، فحال النفس الدائم هو العطش للإله الحي، لذلك دائماً تتراءى أمامه باشتياق عظيم:
عطشت نفسي إلى الإله الحي (فـ) كما يشتاق الأيَّل إلى جداول المياه كذلك تشتاق نفسي إليك يا الله.