![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
روح الله يرف على وجه المياه يقول الوحي الإلهي: "وكانت الأرض خربةً وخاليةً وعلى وجه الغمر ظلمة وروح الله يرفُّ على وجه المياه" (تك 1: 2). هذا هو عمل الروح القدس، أنه في بدء الخلقة كان يرف على وجه المياه ليخلق العالم الصالح الجميل من الأرض الخالية الخربة. ولا يزال الروح الإلهي يحلّ على مياه المعمودية ليقدسها، فيقيم من الإنسان الذي أفسدته الخطيئة سماوات جديدة وأرضًا جديدة، عوض الأرض الخربة والخالية من كل صلاح. إنه يخلق من الإنسان الترابي (الأرض) نفسًا مقدسة متجددة (سماوات جديدة) وجسدًا مباركًا تُحسب أعضاؤه آلات برّ لله (أرضًا جديدة). * لقد أنجبت المياه الأولي حياة، لا يتعجب أحد إن كانت المياه في المعمودية أيضًا تقدر أن تهب حياة. * كان روح الله محمولًا على المياه هذا الذي يعيد خلقة من يعتمد. كان القدوس محمولًا على المياه المقدسة، أو بالأحرى على المياه التي تتقبل منه القداسة. بهذا تقدست المياه بالروح وتقبلت إمكانية التقديس. هذا هو السبب الذي لأجله إذ كانت المياه هي العنصر الأوّلي (للخلقة) حصلت على سرّ التقديس خلال التوسل لله [21]. العلامة ترتليان * تتم الخلقة الجديدة بواسطة الماء والروح وذلك كخلقة العالم، إذ كان روح الله يرف على المياه [22]. القديس إكليمنضس السكندري * المياه هي بدء العالم، والأردن هو بدء الإنجيل [23]. القديس كيرلس الأورشليمي يربط القديس ديديموس بين عمل الروح القدس في بدء الخلقة، وعمله وهو حال أثناء العماد. * إذ رأى الثالوث غير المنقسم ولا منطوق به منذ الأزل سقوط الطبيعة البشرية، وفي نفس الوقت أوجد الماء من العدم، أعدَّ للإنسان الشفاء المزمع أن يتم في المياه. هذا هو السبب الذي لأجله إذ حُمل الروح القدس على المياه ظهر مقدِسًا لها... وربطها بعملية الولادة (الإنجاب). بهذا يليق بنا أن نقرن الحقيقة معًا، فإنه من المهم أن نعرف أنه في اللحظة التي اعتمد فيها يسوع نزل الروح القدس على أمواج الأردن واستقر عليها [24]. القديس ديديموس السكندري يسأل القديس أمبروسيوس: لماذا يتم الميلاد الجديد في المياه؟ ويجيب أنه مكتوب "لتفض المياه ذات أنفس حية" (تك 1: 20)، وأفاضت المياه كائنات حيّة (مثل الأسماك). هكذا أنجبت المياه كائنات حيّة طبيعيًا بكلمة الله، والآن تلد المياه المقدسة بكلمة الله كائنات حيّة حسب النعمة، إذ نعيش نحن كالسمك، متمثلين بالسيد المسيح "السمكة الحقيقية". وقد سبق فرأينا أن كلمة "سمكة" باليونانية (إخسوس) تحمل الحروف الأولي للعبارة "يسوع المسيح ابن الله المخلص"، فصارت رمزًا للسيد المسيح كما ترمز للمؤمنين [25]. هذا كله جعل العلامة ترتليان يربط بين الروح القدس وعمله في المياه المقدسة، حتى ليتصور أن الروح قد وجد له فيها مسكنًا. والعجيب أنه كان هناك تقليد سائد حتى بين اليهود بأن إبليس يحارب البشرية كتنين يسكن في المياه. لذلك جاء الطقس القبطي الخاص بالمعمودية المقدسة يحمل اتجاهين متكاملين هما تحطيم سلطان التنين (إبليس) القاطن في الأعماق، وقبول ملكوت المسيح الغالب للظلمة. ففي صلاة التقديس يقول الكاهن: "أنت رضضت رؤوس التنين على المياه". وكما يقول ليندبرج Lundberg: [في الليتورجيات القبطية والسريانية تستدعى قوة الله على المياه، فتُعلن كما أعلنت في الخلقة. إنها القوة التي تحوّل مياه الموت إلى مياه واهبة الحياة بطريقة سرية وذلك خلال التقديس [26].] وإنني أرجو أن أتحدث عن أهمية عنصر الماء في الخلقة الجديدة التي تتحقق في المعمودية عند حديثي عن "طقس المعمودية" في الباب الرابع. |
|