القتل نهاية من يخالف "المافيا"
نشأت جمعية المافيا فى جزيرة صقلية، وعرفت بقوانينها ومجالس قضائها وشرطتها وجواسيسها وجامعى الضرائب لها، وأساليبها فى معاقبة من يتصدى لمنافستها، وخوف الناس منها، فلم تصبح مجرد دولة داخل الدولة، وإنما أصبحت دولة فوق الدولة.
وتكونت الجمعية فى بادئ أمرها من الحراس المسلحين الذين كان ملاك الأرض يتخذونهم لحماية أنفسهم وبسط نفوذهم، والمحافظة على أملاكهم، وفى مطلع القرن الـ19 تبدد شمل جيش الإقطاعيين المكون من هؤلاء الحراس المسلحين الذين اجتمعوا وكونوا هذه الجمعية.
ويقدم الناس لهذه الجمعية قدرا من المال مقابل حمايتهم من الجرائم على اختلاف أنواعها، وكان الأغنياء والفقراء على السواء يؤدون هذه الضريبة، وكان الذى يؤدى الضريبة يظفر بالأمن الذى لا تستطيع الحكومة أن توفره له، وإذا وقع عليه أى اعتداء فإنها تبادر فى الحال إلى الانتقام له وإعادة الطمأنينة إليه.
وفى حال تأخر أحد الناس عن تقديم القسط المطلوب منه فى الميعاد المعهود، فإنهم يذكرونه به بطريقة مقبولة، فإذا أصر على المماطلة تبدأ الجمعية فى معاقبته بإحراق داره أو إتلاف مزروعاته، أو ما شابه ذلك، ثم قتله فى النهاية، حيث يكون أمرا محتوما وقضاء لا مرد له.
وكان المرء يتجنب ذلك بدفع الأقساط فى مواعيدها المعهودة دون تردد وإبطاء، ومعقل الجمعية كان يقع فى سلسلة الجبال التى يعد الوصول إليها شاقا، وبالرغم من ذلك فإن السلطات الحكومية فى صقلية تمكنت من القضاء عليها فى النهاية
الفجر الاليكترونية