جيروم...هو صديق جون هٍس

[بيدو توما]

ساحة الأعدام
جون هٍس وكذلك جيروم

كم هو عزيز فى عينى الرب أن يتألم قديس من أجل اسمه وأن يهان ويعذب وهو يتمسك بحق الله مُعلناً نعمته وكفاية عمل المسيح للخلاص. بل ماأعظم المكافأة التى أعدها لمن يبقى أميناً حتى الموت، ألم يَقُل الرب «كن أميناً إلى الموت فسأعطيك اكليل الحياة» (رؤيا2: 10)، حتى إن خارت النفس يوماً وضعفت تحت وطأة الألم وقسوة العذاب، فهو مقوّم كل المنحنين وعاضد كل الساقطين. وهو الذى يعرف أن يُغيث المُعيى بكلمة، وهو الذى يدعم شهادة قديسيه إلى النهاية. وهذا مانراه فى حياة وشهادة هذا البطل العظيم.

كان جيروم أستاذاً فى اللاهوت وكان مشهوداً له بالتقوى والعلم. هذا الرجل المسيحى المحترم الذى كانت له مكانة عظيمة فى أرقى الهيئات الاجتماعية فى بوهيميا
(جزء من جمهورية التشيك حالياً).

إيمان جيروم
كان جيروم يؤمن - كما آمن جون هس - بأن الخلاص هو بالنعمة بالايمان بالرب يسوع المسيح وقد نادى - فى ذلك الوقت الذى ساد فيه الظلام والجهل بأمور الله (أوائل القرن الخامس عشر) بأن لا أحد يستطيع أن يخلص بمجهوداته وأعماله وهو الفكر الذى كان سائداً وقتئذ.

جيروم وهس
كان جيروم صديقاً محبوباً لهس وأخاً وفياً. وحينما سمع جيروم بمحاكمة هس تبعه إلى المجمع ولكن هس أنذره بالخطر الذى قد يصيبه. ولما تأكد أن وجوده فى كونستانس غير مأمون العواقب رحل إلى بوهيميا إلا أن أعداء انجيل المسيح لاحقوه فى بوهيميا وقبضوا عليه وأتوا به مكبلاً بالأغلال. وبعد القبض عليه مباشرة أتوا به إلى المجمع للفحص والتحرى، وهناك قام الكثيرون يتهمونه ويعيرونه ولكنه أعلن بثبات أنه مستعد لأن يبذل حياته فى سبيل الدفاع عن الانجيل الذى يكرز به. وهنا قرر المجمع تأجيل موضوعه حتى الانتهاء من قضية جون هس، فأودعوه فى سجن مُظلم ورجليه ويديه مربوطة إلى عامود خشبى طويل. وظل عدة أشهر يقاسى السجن والأغلال والظلمة والطعام القليل دون أن يكون له مَنْ يشجعه أو يعزيه، حتى صغرت نفسه وضعفت روحه وخارت قواه تحت ثقل الآلام المُبرحة واستطاعوا أن يؤثروا عليه حتى ينكر تعاليمه. وبالأسف أنكر جيروم آراءه السابقة فأطلقوا حريته، ولكن سرعان ماقبضوا عليه مرة أخرى وسجنوه بحجة أنهم يشتبهون فى إخلاصه فيما قام به من تراجع وإنكار. وبتصرفهم هذا انفتحت عينا جيروم واستخدم الرب ذلك لرَّد نفسه فندم ندماً مراً على إنكاره وتراجعه، وعادت له شركته مع الرب، وابتهج من جديد بضياء وجهه. فوجهوا إليه تُهماً جديدة ليقودوه إلى مذلة أعمق.

محاكمة جيروم
وعند المحاكمة الأخيرة لما سمحوا له بأن يتكلم عن نفسه فاجأ أعداءه بأن إدانته لويكليف وهس وإنكاره لتعاليمهما كانت خطية شنيعة من جانبه يندم عليها ندماً مُراً. وابتدأ بالصلاة طالباً من الله أن يسود على قلبه بالنعمة حتى لاتنطق شفتاه بأى شئ سوى مافيه مجده وبركة نفسه. وأخذ يتكلم عن الرجال الأمناء الأفاضل الذين كانوا فريسة الشهود الزور ذاكراً يوسف وإشعياء ودانيال ويوحنا المعمدان والرب المبارك نفسه ورسله واسطفانوس.

كان جيروم بليغاً وفصيحاً، حتى أثّرت أقواله على أعدائه وأثارت إعجابهم وخصوصاً لما علموا أنه قضى 340 يوماً محبوساً فى سجن مظلم. وقد رجعت إليه كل شجاعته الهادئة، أو بالحرى أصبح يتكلم بقوة الروح القدس وصرّح أنه يتمسك حتى الموت بتعاليم الكتاب كما أعلنها ويكليف وهس، وإزاء هذا التصريح حكموا بهرطقته ومن ثم إعدامه.

إعدام جيروم
وفى يوم 30 مايو 1416 سُلم جيروم لتنفيذ حكم الموت. وجاء جيروم إلى عمود الحريق فرحاً مسروراً كما لو كان ذاهباً إلى احتفال بهيج، وعندما أراد الجلاد أن يشعل النار من ورائه قال له جيروم. ضع النار أمامى من فضلك. فلو كنت أخشاها لكان فى مقدورى أن أتجنبها وأنجو منها. وقد استمر جيروم يرنم ويسبح بصوت عميق رزين وأنشد إحدى ترانيم القيامة التى كانت مشهورة فى ذلك الوقت التى تقول «ياله من يوم سعيد فيه تدعو النفس للسجود، يوم قهر جهنم رب المجد العظيم» ولم يتفوه بكلمة تدل على خوف أو جزع بل قال «أنت تعلم يارب إنى أحببت حقك» وظل يرنم وسط اللهب حتى انطلقت نفسه إلى سيده.
أشكرك أحبك كثيراً
الرب يسوع المسيح يحبكم
جميعاً فتعال...هو ينتظرك