![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||
|
|||||||||
المكان : روسيا
الزمان : منتصف القرن العشرين عصر ازدهار الشيوعية الشخص : مجرد رقم وسط الأرقام .. لا اسم له ولا صفة فقط رقم في تلك المستعمرة النائية القابعة في سيبريا حيث الجليد الدائم والصقيع القاسي .. هو سجين لا حقوق له .. فقط قطعة خبز اسود ومتر في مترين لينام ..ثم يصحو ليعمل مثل آلاف المساجين أو الأرقام في الحقول .. وبدأ الموت يتسلل إلى قلب وروح هذا السجين ..بآلام الظهر التي لا تحتمل والتجويع البطيء واليأس الذي لا تبدو في الأفق بارقة أمل لتزيحه ..فقرر أخيرا أن يضع حدا لحياته ..بعد أن وجد انه لا طائل من مقاومته وان حياته وكفاحه لم يغيرا مما حوله .. بل الوضع يزداد سوءا .. ألقى بجاروفه وجلس بجواره .. منتظرا قدوم الحارس في اى لحظة .. ليأمره أن يواصل العمل .. وعندما يرفض طاعة الأمر .. سيموت ضربا بالهراوات أو حتى بجاروفه الخاص .. سيان .. وكم من حالات مماثلة رآها تموت أمامه دون أدنى رحمة وبينما هو في جلسته الحزينة هذه .. شعر بوجود احد حوله .. وبكل يأس رفع عينيه فوجد أمامه رجل عجوز .. التجاعيد أصابت وجهه بالجمود .. امسك العجوز بعصا صغيرة ..ورسم خطا عند أقدام صاحبنا الذي لم يفهم شيئا ..حتى أكمل العجوز الرسم على شارة الصليب + لم يستوعب السجين ما رسمه العجوز .. ولكن عندما دقق النظر تحقق من علامة الصليب .. استنارت روحه .. وتغير فكره كلية ..نعم هو رجل وحيد واعزل في مواجهة الإمبراطورية السوفيتية بكامل عدتها .. ولكن أليس أمل البشرية كلها في هذه العلامة الصغيرة .. التي كانت عارا فصارت مجدا .. وكانت ضعفا فصارت قوة .. وشيئا فشيء تسللت روح الصليب إلى قلب هذا السجين البائس .. فقام مدفوعا بقوة غير مرئية ليواصل عمله .. غير عالما أن الله يدخره لعمل عظيم .. فقد كان كاتبا موهوبا أشعلت كتاباته عن الحق والحرية العالم كله فيما بعد .. نعم خرج بعد السجن منفيا من بلاده ولكنه عاد إليها منتصرا مزهوا وشاهدا على سقوط الشيوعية إلى الأبد هل تعرف يا عزيزي من هو هذا السجين .. انه الأديب الروسي العالمي : ألكسندر سولجستين أعظم أدباء روسيا في القرن العشرين .. سجن عشر سنوات ( 1945 -1956) ثم نفى من بلاده وحصل على نوبل 1970 وأخيرا في عام 1994 عاد ليجول روسيا في قطار قشاش يتوقف في القرى والمدن يطالب أبناء وطنه بالتمسك بالقيم والحياة يا ترى لو لم يرى الصليب في ذلك اليوم البعيد .. لأصبح اليوم رفات مدفونة في حفرة مجهولة |
|