![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() العصيان مع العناد يشبه التجديف ولا بُد من معاقبته بنفس العقاب، والمفروض أن ذلك يتم بعد أن فشل الوالدان في تقويمه. ويلاحظ في العقوبة هنا الآتي: أ. تتم جريمة التمرُّد ليس بسبب عجز الابن أو عدم قدرته على تنفيذ طلبات والديه أو عجزه في إدراكها، وإنَّما عن إرادة شرِّيرة وعنادٍ. أنَّه يبغض أن يصلح من شأنه، أو يخجل من انتسابه لوالديه أو عائلته، ممَّا يحزن قلبيهما ويحطِّمهما. ب. يركِّز على خطيَّة الإسراف والسكر [20]، فإنَّها تفقد الابن عقله ليسلك بعنادٍ، مقاومًا والديه. فإن السكر يجعل الإنسان ينسى كل الشرائع. لذا كانت وصيَّة الأم لابنها لموئيل الملك: "ليس للملوك يا لموئيل، ليس للملوك أن يشربوا خمرًا ولا للعظماء المسكر، لئلاَّ يشربوا وينسوا المفروض ويغيِّروا حجَّة كل بني المذلَّة" (أم 31: 4-5). يربط النص العناد بالإسراف والسكر؛ وكان ذلك في نظر اليهود جريمة كبرى. عندما تحدَّث السيِّد المسيح عن الابن الضال ذكر أنَّه بدَّد ميراثه في عيشة مسرفة. وفي سفر الأمثال يعطي الويل "للذين يدمنون الخمر الذين يدخلون في طلب الشراب الممزوج" (أم 23: 30). كما قيل: "الحافظ الشريعة هو ابن فهيم وصاحب المسرفين يُخجل أباه" (أم 28: 7). ج. لا ينفرد الأب ولا الأم بالشكوى ضد الابن، بل يلزم أن يتَّفق الاثنان معًا على أنَّه معاند ومسرف وسكِّير. وحتى في اتِّفاقهما معًا لا يستطيعان الحكم عليه دون الالتجاء إلى الشيوخ، حيث يذهبان إلى موضع القضاء، ويدرس الشيوخ الأمر ويتحقَّقان منه قبل صدور الحكم. د. يقدِّم الوالدان الشكوى للشيوخ، "فيرجمه جميع رجال مدينته بحجارة حتى يموت، فتنزع الشرّ من بينكم ويسمع كل إسرائيل ويخافون" [21]. يصعب جدًا على الوالدين أن يشتكيا ابنهما المتمرِّد وهما يعلمان أنَّه يُحكم عليه بالرجم حتى يموت. لكن الله سمح بذلك في العهد القديم لكي يُدرك الكل خطورة تربية الأبناء. فإن كان الإنسان بحسب مشاعره الطبيعيَّة يصعب عليه قبول ذلك، فماذا يكون موقفه وهو يدرك أنَّه بإهماله يسلِّم أولاده لا للرجم بل للنار الأبديَّة؟! إن ما يشغل فكر الله لا المشاعر الإنسانيَّة المجرَّدة، وإنَّما الخلاص الأبدي والمصير النهائي للإنسان. لقد طالبت الشريعة أن تكون المحاكمة علنيَّة يقوم بها الشيوخ؛ هذا يعطي الفرصة لأهل المدينة أن يشهدوا إن كان هذا العقوق بسبب إهمال الوالدين أو عنفهما أو انحلالهما، حتى لا يُظلم الأبناء. ه. وُضع هذا القانون لكي يراجع الإنسان نفسه، فإن كان العناد مع الوالدين يدفع بالإنسان إلى الرجم، فماذا يكون العناد مع الله نفسه؟! و. الخطيَّة، خاصة العناد، تفسد الأرض، لذا قيل: "فتنزع الشر من بينكم". وكما يقول المرتِّل: "باكرًا أبيد جميع أشرار الأرض لأقطع من مدينة الرب كل فاعلي الإثم" (مز 101: 8). خطيَّة العقوق مع الإسراف والسكر موجَّهة ليس فقط ضد الوالدين بل ضد الجماعة كلَّها، لهذا تتم عقوبة المصرّ على العصيان علانيَّة أمام كل الجماعة التي يخطئ الابن العاق في حقِّها. الإنسان العاق يحطِّم سلام بيته، وينقل هذا الوباء إلى زملائه ليفسد الآخرين. لقد حذَّرنا الرسول بولس من تصرُّفات الآباء التي تسبِّب هذا الوباء، إذ يقول: "أيُّها الآباء لا تغيظوا أولادكم". فالابن يحتاج أن يعيش في جو من الحب حتى لا ينحرف إلى العنف والفساد. إنَّها مسئوليَّة الوالدين. ز. يحكم على الابن العاق بالرجم (تث 21: 18-21)، هكذا يكشف عن خطورة العقوق. |
|