القس يدمر تمثال مريم العذراء - ثم يشهد على شيء لن ينساه أبدا

[souad jaalouk]

القس يدمر تمثال مريم العذراء - ثم يشهد على شيء لن ينساه أبدا

1. المدينة وكنيستها

في مدينة سيداربروك الهادئة، حيث قبلت الحقول المتدحرجة الأفق، وقفت كنيستان كعلامات للإيمان - ولكن أيضا الانقسام.

على الجانب الشرقي كانت كنيسة القديسة آن الكاثوليكية، كانت جدرانها ذات الطوب الأحمر تتسم بالكرامة، وتمثالها الرخامي للعذراء المباركة يقف برشاقة في الفناء، ويداها ممدودة دلالة على حنان الأم. بالنسبة للكاثوليك في المدينة، كانت أكثر من مجرد حجارة. كانت تذكيرًا بشفاعة مريم الدائمة بتوليتها وبأم تستمع وتحمل صلواتها إلى ابنها.

وفي مكان آخر عبر المدينة، في مستودع محوّل، وقفت جماعة القس مارك رينولدز، كنيسة نور الحقيقة. كان مارك واعظًا ناريًا في أوائل الأربعينات من عمره، ذو عيون ثاقبة وصوت يحمل قناعة. كان كاثوليكيًا ذات مرة، ولكن بعد أزمة روحية في العشرينات من عمره، غادر الكنيسة، مقتنعًا بأن الإخلاص لمريم غير موجود بل للمسيح فقط.

لسنوات حملت خطبه منحنى حاد: "لماذا ينحنون أمام التماثيل؟ لماذا نصلي لمريم عندما يكون المسيح كافياً؟ إنهم يتشبثون بالحجارة بدلاً من الكلمة الحية! صفقت جماعته وصرخوا "آمين! "

ولكن تحت شغفه يوجد شيئاً أعمق - الألم والغضب وربما الخوف غير المعلن من أنه ترك وراءه شيئاً حقيقياً.

2. التوتر المتنامي

في كل ربيع، تستضيف كتيسة القديسة آن موكب العذراء مريم في المدينة. حملت العائلات شموعًا، ونثر الأطفال بتلات الزهور، ورفع تمثال العذراء عالياً حيث ملأت الترانيم الهواء.

كان القس مارك يغلي غضبا عندما رأى الموكب يمر. وقال "أصنام! "كان يتمتم ، ويومئ جماعته بالاتفاق.

لكن هذا العام كان مختلفاً. ازدادت خطبته عدوانية، وانتشرت الهمسات عبر سيداربروك. ذات صباح يوم الأحد، بعد الوعظ بالوصايا العشر، أعلن مارك:

"في الأسبوع المقبل، سنري هذه المدينة الحقيقة. سنهدم الأصنام الزائفة. سنثبت أن المسيح الوحيد هو الرب! "

هتف بعض أعضاء كنيسته بالموافقة آخرون تململوا بشكل غير مريح في مقاعدهم.

3. القانون

في فترة ما بعد الظهر ، بينما أشرقت الشمس بحرارة ، جمع القس مارك مجموعة من الأتباع المتحمسين. ساروا عبر المدينة، والأناجيل في متناول اليد، حتى وصلوا إلى فناء كنيسة القديسة آن.

كان الكاثوليك قد أنهوا للتو صلاة المساء، وكان القس، الأب أندرو، لا يزال في الداخل. بقي عدد قليل من النساء المسنات بالقرب من التمثال، وتتدلى المسابح في أصابعهم بصلاة وخشوع.

"ماذا تفعل هنا؟ "سأل أحدهم بعصبية.

عيون مارك مثبتة على التمثال. "هذه ليست مريم. هذا حجر. والحجر ليس له قوة! "

رفع مطرقة كان قد أحضرها. النساء لهثن. وصرخ أحدهم، "أرجوك، لا تفعل! هذا التمثال مبارك! "

لكن مارك، يرتعد ويرتجف من الغضب، ضرب قاعدة التمثال. صوت المطرقة على الرخام يردد صدى مثل الصاعقة. قطع من الجص انقطعت متناثرة عبر الفناء.

ضرب مرة أخرى - أقوى. بدأ شرخ ينتشر أسفل جانب التمثال.

سقطت النساء على ركبتيهن وصلين بصوت عالٍ: "يا قديسة مريم،يا والدة الله، صلي لأجلنا نحن الخطاة... "

صرخ مرقس فوقهم: "صلوا إلى يسوع! هذا الحجر لا يمكنه إنقاذكم! "

أخيراً، مع ضربة أخيرة، أسقط التمثال، وتحطم على الرصيف وساد الصمت - ماعدا بكاء النساء.

4. الصمت الذي تبعه

وقف مارك يلهث، والعرق يقطر أسفل حاجبه. جماعته خلفه بدت غير متأكدة. البعض كان مذعوراً، والبعض الآخر صفق بضعف.

ولكن بعد ذلك... الهواء تحول.

سقط سكون مفاجئ فوق الفناء غير طبيعي وثقيل توقفت الرياح. حتى الطيور بدا أنها توقفت عن الغناء.

شعر مارك بالبرد يزحف فوق عموده الفقري. بدأت يده التي، لا تزال تمسك بالمطرقة، ترتعد.

كانت القطع المكسورة من التمثال متناثرة على الأرض، لكن الوجه - بشكل ملحوظ - ظل سليماً. ومن زاوية عين التمثال المنحوتة شيء لمع.

في البداية، اعتقد مارك أنه غبار أو ماء. ولكن بعد ذلك لهثت إحدى النساء، "إنها تبكي... "

نظر مارك عن قرب. تشكلت قطرة واضحة عند عين التمثال وتدحرجت ببطئ أسفل الخد الرخامي.

5. الرؤية

دندن الحاضرون بشيئ غير مفهوم ،د وآخرون سقطوا على ركبهم في رهبة.

مارك تراجع إلى الوراء. صرخ عقله العقلاني، مستحيل! هذه خرافة! لكن قلبه ينبض بشدة بينما ثبتت عيناه على التمثال.

ثم حدث ذلك.

للحظة حارقة وجيزة، بدا أن الرخام المكسور يذوب في الضوء. وفي هذا الضوء، رأى مارك امرأة - ترتدي ملابس لونها أزرق وأبيض، يداها ممدودة تمامًا كما كان التمثال.

نظرت إليه مباشرة و عينيها المملوءة بالحزن ولكنها تفيض بالشفقة. لم تتحرك شفتيها، لكنه سمع صوتها في الداخل:

"لماذا تجرحني يا طفلي؟ "أنا فقط أمك، أقودك إليه."

مارك أسقط المطرقة. ركبتيه مربوطة. لم يستطع التحدث. الدموع -إنها دموع بشرية حقيقية - تتدفق أسفل وجهها.

وبعد ذلك، فجأة، اختفى الضوء. صمت الفناء مرة أخرى. لم يبقى سوى التمثال المكسور.

6. الأثر

مارك لا يستطيع التحرك. وقف أتباعه متجمدين، غير متأكدين مما يجب فعله. الأب أندرو خرج رأى المشهد - التمثال المحطم، والنساء الباكيات، والقس المرتعد.

"أبي... أنا—" حاول مارك التحدث، لكن صوته ارتجف.

وضع الأب أندرو يدًا لطيفة على كتفه. "إنها لا تكرهك يا مارك. تريدك فقط أن تعرف ابنها بعمق أكبر. "

بكى مارك علناً الآن كبريائه ينهار. ركع بين شظايا الرخام، القطع ذاتها التي كسرها، وهمس: "أنا آسف... سامحني. "

صلّت النساء بصوت عالٍ مرة أخرى، ولكن هذه المرة لسنا خائفات - هذه المرة صلاة الشكر.

7. رجل متغير

انتشرت الأخبار بسرعة عبر سيداربروك. البعض اعتبرها كهيستيريا، والبعض الآخر كخدعة من الضوء. لكن لمن كانوا هناك، لم تتلاشى الحادثة من الذاكرة أبداً.

اما القس مارك لم يعد كما كان ابدا تنحى عن منبره ، غير قادر على الوعظ بنفس الغضب ضد الكنيسة التي كان يكرهها ذات مرة. ببطء، بهدوء، بدأ يحضر القداس في كنيسة القديسة آن، جالسًا في المقعد الخلفي.

ذات مساء، اقترب منه الأب أندرو بمسبحة خشبية صغيرة. "إنها تدعوك للصلاة. هل ستفعل ذلك؟ "

أخذها مارك بتردد. ارتعشت يداه وهو يهمس بأول سلام له منذ أكثر من عشرين عاماً.

واعترف لصديقه لاحقًا: "ظننت أنني حطمت تمثالها. لكن حقًا... لقد حطمت كبريائي. "

8. الدرس

تم إصلاح التمثال المكسور لمريم العذراء ووضعه مرة أخرى في الفناء، أكتدثر إجلالا من أي وقت مضى. ادعى الكثيرون أن شرائط ملح ضعيفة ظلت على وجنتيها، وكأنها تتذكر الدموع التي ذرفتها في ذلك اليوم.

بالنسبة لبلدة سيداربروك، أصبحت القصة عبرة: التماثيل ليست أصنام، لكنها تذكير. وفي بعض الأحيان، حتى من خلال الحجر المكسور، تتحدث السماء.

بالنسبة لمارك، كان اليوم الذي فتحت فيه عيناه - يوم أصبح حزن الأم خلاصه.
يا قديسة مريم يا والدة الله صلي لأجلنا نحن الخطأة الآن وفي ساعة موتنا آمين.