لا بدّ أنّ الرّبّ قد أعطاكم أن تكتشفوا مظاهر أخرى لهذا الجواب الأمين للعذراء الكلّيّة القداسة؛ مظاهر تطلّ علينا عفويًّا وتدعونا لاتّخاذها مثالاً: طهارتـها، وتواضعها، وقوّة طبعها، وكرمها، وإخلاصها … وإنّي أودّ أن أكلمكم عن واحدة منها، تحويها كلّها، إذ هي شرط للتّقدّم الرّوحيّ: حياة صلاة. فإذا أردنا أن نستفيد من النّعم الّتي تغدقها علينا أمّنا اليوم، وأن نتبع في كلّ آن إلهامات الرّوح القدس، راعي نفوسنا، علينا أن نتعلّق جدّيًّا بتطوير حياتنا الحميمة مع الله. إذ إنّنا لا نستطيع أن نتستّر بالخفاء. والحياة الباطنة إذا لم تكن لقاء شخصيًّا مع الله، فهي غير موجودة. فالسّطحيّة لا تمتّ إلى المسيحيّة بصلة. والقبول بالجمود في المقاومة النّسكيّة، يعني توقيع قرار إعدام النّفس المتأمّلة. إنّ الله يسأل عنّا واحدًا فواحدًا وعلينا أن نجيبه واحدًا تلو الآخر: “هاءنذا، إنّك دعوتني”.