كان يمكن لداود النبي أن يقدم لنا الكثير في كلماته الأخيرة في كل جوانب الحياة. عاش تحت ظروف كثيرة: اختبر الغنى وذاق الفقر، تمتع بالمجد ولحقه الهوان، أحبه الكثيرون وحقد عليه البعض فصار طريدًا، سلك الحياة البارة واختبر السقوط فالتوبة والتأدب. عاش كنبي وملك وقاضٍ ورجل حرب وصاحب مزامير وكزوج وأب وكراعٍ لغنمات قليلة كما لمملكة ممتدة... لكنه اختصر الحديث الختامي جدًا، وذيّله بأسماء أبطاله الجبابرة وأعمالهم [8-39]، ولم يكن هذا بلا سبب. وإنما أراد الكتاب تأكيد أن من أهم سمات داود النبي هو تشغيله للطاقات التي بين يديه. هذا هو دور النبي وكل قائد روحي حقيقي، كما هو دور الأب والأم، حتى الشاب والطفل، يلزم أن يتدرب الكل على عدم التمركز بل على تشغيل الغير في غير انعزالية فكر أو انفرادية وأنانية!