المخافة : لقد اعتمد المترجمون في اختيارهم لهذه الكلمة على التقليد الكتابي. فمنذ أيّام موسى، يعتبر العبرانيّون أنّ مَن يرى الله يهلك. لأنّ موسى سأل الله أن يريه وجهه، فأجابه الرب: "أمّا وجهي، فلا تستطيع أن تراه، لأنّه لا يراني الإنسان ويحيا " (خر 33/20). وحين رأى أشعيا الله صاح مذعوراً: "ويل لي، قد هلكتُ، لأنّي رجل نجس الشفتين ... وقد رأت عينايَ الملك ربّ القوّات" (أش 6/5، را. قض 13/22-23). فبما أنّ الورع يرتبط بالعلاقة مع الله، لابدّ لهذه العلاقة أن تولّد شعوراً بالخوف. وحين نقل آباؤنا العرب نصوص الكتاب المقدّس إلى اللغة العربيّة، لاحظوا أنّ لكلمة خوف معنىً سلبيّاً. فالإنسان يخاف حين يواجه شرّاً. لذلك صحّفوها وجعلوها " مخافة "، كي لا تعبّر الكلمة عن الشعور الّذي ينتاب الإنسان أمام الشرّ والخطر. لأنّ الحضور أمام الربّ مصدر للسلام والأمان. ولكنّه يُشعِرُ الإنسان في الآن نفسه بالهيبة والرهبة.