![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() يهوياكين وسبي أورشليم 6 ثُمَّ اضْطَجَعَ يَهُويَاقِيمُ مَعَ آبَائِهِ، وَمَلَكَ يَهُويَاكِينُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ. 7 وَلَمْ يَعُدْ أَيْضًا مَلِكُ مِصْرَ يَخْرُجُ مِنْ أَرْضِهِ، لأَنَّ مَلِكَ بَابِلَ أَخَذَ مِنْ نَهْرِ مِصْرَ إِلَى نَهْرِ الْفُرَاتِ كُلَّ مَا كَانَ لِمَلِكِ مِصْرَ. 8 كَانَ يَهُويَاكِينُ ابْنَ ثَمَانِي عَشَرَةَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ فِي أُورُشَلِيمَ، وَاسْمُ أُمِّهِ نَحُوشْتَا بِنْتُ أَلِنَاثَانَ مِنْ أُورُشَلِيمَ. 9 وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ حَسَبَ كُلِّ مَا عَمِلَ أَبُوهُ. 10 فِي ذلِكَ الزَّمَانِ صَعِدَ عَبِيدُ نَبُوخَذْنَاصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، فَدَخَلَتِ الْمَدِينَةُ تَحْتَ الْحِصَارِ. 11 وَجَاءَ نَبُوخَذْنَاصَّرُ مَلِكُ بَابِلَ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَ عَبِيدُهُ يُحَاصِرُونَهَا. 12 فَخَرَجَ يَهُويَاكِينُ مَلِكُ يَهُوذَا إِلَى مَلِكِ بَابِلَ، هُوَ وَأُمُّهُ وَعَبِيدُهُ وَرُؤَسَاؤُهُ وَخِصْيَانُهُ، وَأَخَذَهُ مَلِكُ بَابِلَ فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ مِنْ مُلْكِهِ. 13 وَأَخْرَجَ مِنْ هُنَاكَ جَمِيعَ خَزَائِنِ بَيْتِ الرَّبِّ، وَخَزَائِنِ بَيْتِ الْمَلِكِ، وَكَسَّرَ كُلَّ آنِيَةِ الذَّهَبِ الَّتِي عَمِلَهَا سُلَيْمَانُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ فِي هَيْكَلِ الرَّبِّ، كَمَا تَكَلَّمَ الرَّبُّ. 14 وَسَبَى كُلَّ أُورُشَلِيمَ وَكُلَّ الرُّؤَسَاءِ وَجَمِيعَ جَبَابِرَةِ الْبَأْسِ، عَشَرَةَ آلاَفِ مَسْبِيٍّ، وَجَمِيعَ الصُّنَّاعِ وَالأَقْيَانِ. لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ إِلاَّ مَسَاكِينُ شَعْبِ الأَرْضِ. 15 وَسَبَى يَهُويَاكِينَ إِلَى بَابِلَ. وَأُمَّ الْمَلِكِ وَنِسَاءَ الْمَلِكِ وَخِصْيَانَهُ وَأَقْوِيَاءَ الأَرْضِ، سَبَاهُمْ مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى بَابِلَ. 16 وَجَمِيعُ أَصْحَابِ الْبَأْسِ، سَبْعَةُ آلاَفٍ، وَالصُّنَّاعُ وَالأَقْيَانُ أَلْفٌ، وَجَمِيعُ الأَبْطَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ، سَبَاهُمْ مَلِكُ بَابِلَ إِلَى بَابِلَ. ثُمَّ اضْطَجَعَ يَهُويَاقِيمُ مَعَ آبَائِهِ، وَمَلَكَ يَهُويَاكِينُ ابْنُهُ عِوَضاً عَنْهُ. [6] ما ورد هنا يشير أن يهوياقيم رقد بسلام في مسكنه. وقد جاء في (2 أي 36: 5-6) وصف لأَسْرِه وترحيله إلى بابل بواسطة نبوخذناصَّر، مما يشير أن يهوياقيم مات ميتة بشعة في أرض غريبة. في الحقيقة لم تحدد الفقرتان أين مات يهوياقيم. الترحيل الوارد في (2 مل 24: 10-16) ليس هو ما جاء في (2 أي 36: 5-8). يوجد اختلاف فيما عمله نبوخذناصَّر. حيث أن (2 أي 36: 7) تشير أنه أخذ فقط يهوياقيم وبعض آنية بيت الرب، أما في (2 مل 24: 13) فيشير أن نبوخذناصَّر أخذ جميع خزائن بيت الرب، وسَبَى كل أورشليم. وهذا يوضح أن الحدثين مختلفان، لذلك من المُحتمَل أنه بعد السبي الأول عندما أُخذ يهوياقيم إلى بابل بحسب ما ورد في (2 أي 36)، سُمِحَ ليهوياقيم أن يعود إلى أورشليم في وقتٍ لاحق ومات هناك. ومن المُحتمَل أيضًا أن يكون يهوياقيم قد مات في السبي. واضح أن الأسفار صمتت عن هذه النقطة[4]. جاء في سفر إرميا: "قال الرب عن يهوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا: لا يندبونه قائلين: آه يا أخي، أو آه يا أخت. لا يندبونه قائلين: آه يا سيد، أو آه يا جلالهُ. يُدفن دفن حمارٍ، مسحوبًا ومطروحًا بعيدًا عن أبواب أورشليم" (إر 22: 18-19). سبق فقال عنه [ويل لهذا الرجل] [راجع (إر 22: 13)]... وعلامة الويل الخارجية أنه بنى قصرًا فخمًا بمال الظلم، ولم يجد جثمانه قبرًا يُدفَن فيه، ولا من يبكيه. فكما لم يسمع لدموع المظلومين والمحتاجين، لا يجد من يسكب دمعة واحدة عليه. ليس من يندب قائلاً: "آه يا أخي، أو آه يا أخت... آه يا سيد، أو آه يا جلالهُ" ماذا يعني بهذه الأسماء الأربعة (الأخ، الأخت، السيد، الجلالة)؟ أولاً: يرى البعض أن العبارة الأولى تصدر عن الحاضرين في الجنازة، ليس منهم من يقول للذين حوله: آه يا أخي، أو آه يا أختي، لأنه لا يشعر الرجال ولا النساء بالحزن على موت الملك. أما العبارة الثانية فيوجهها المشتركون في الجنازة نحو الميت، ليس منهم من يندب الملك كسيدٍ أو صاحب جلاله. ثانيًا: يرى البعض[5] أن العبارة الثانية تعني بالسيد الأب، وبالجلالة الأم أو السيدة. وقد وُجدتْ في بعض النقوش الفينيقية عن الملك Azitawadda العبارة: [جعلني البعل أبًا وأمًا]. وكأن الملك في اللغة التقليدية يُتَمِّم كل دور الأسرة كأبٍ وأمٍ وأخٍ وأختٍ. هنا لا يندب الحاضرون الملك، لأنه لم يحقق شيئًا في حياته. لم يقم بدور الأخ أو الأخت أو الأب أو الأم. يُدفن دفن حمار، أي لا توجد له مقبرة لدفنه، بل يُسحَب جثمانه إلى موضع القمامة خارج أبواب المدينة. يقول المؤرخ اليهودي يوسيفوس بأن نبوخذناصَّر قتله في أورشليم وترك جثمانه بلا دفن بعيدًا خارج أبواب المدينة. كيف يمكن التوافق بين ما ورد هنا عن موت يهوياقيم وعدم دفنه، وبين ما ورد في (2 مل 24: 6)، أنه رقد مع آبائه، مما يُشتَّم منه أنه قد دفن في مقبرة آبائه. يرى البعض أن ما ورد في (2 مل 24: 6) لا يعني بها دفنه، إنما هي عبارة مستخدمة للتعبير عن الموت أيَّا كانت ظروفه. ويرى آخرون أن عبارة إرميا "يُدفَن دفن حمار، مسحوبًا ومطروحًا بعيدًا عن أبواب أورشليم" (إر 22: 18-19) تعبير مجازي عن حال الملك، فإنه وإن كان قد دُفِنَ رسميًا، لكنه كان في عيني شعبه كحمارٍ ميتٍ لا يستحق إلا إلقائه خارج أسوار المدينة. هذه هي مشاعر شعبه! وَلَمْ يَعُدْ أَيْضاً مَلِكُ مِصْرَ يَخْرُجُ مِنْ أَرْضِهِ، لأَنَّ مَلِكَ بَابِلَ أَخَذَ مِنْ نَهْرِ مِصْرَ إِلَى نَهْرِ الْفُرَاتِ، كُلَّ مَا كَانَ لِمَلِكِ مِصْرَ. [7] إذ تنحني أنفسنا فلا نتطلع إلى الساكن في السماء، بل نطلب عونًا من الأرض نفشل. فقد تظاهر المصريون أنهم حلفاء لهم، لكنهم كانوا عاجزين عن مساندتهم، وغير راغبين في ذلك. قيل: "ولم يعد أيضًا ملك مصر يخرج من أرضه، لأن ملك بابل أخذ من نهر مصر إلى نهر الفرات كل ما كان لملك مصر" (2 مل 24: 7). "فإن مصر تعين باطلاً وعبثًا، لذاك دعوتُها رهب الجلوس" (إش 30: 7). كان قادة يهوذا يتطلّعون إلى مصر والتحالف معها كمصدر رجاء للخلاص من الكلدانيين (37: 3-10). وكان ذلك موضوع خلاف بين إرميا والملك، بل ومع مشيري الملك ورجال الدولة ورجال الدين والشعب. الكل حسبوا التحالف مع مصر ضد الكلدانيين، وليس التوبة، هو الرجاء في الخلاص من هجوم الكلدانيين. وعندما حذَّر إرميا النبي صدقيا من ذلك، أودعه في دار السجن (إر 37: 5-21). كَانَ يَهُويَاكِينُ ابْنَ ثَمَانِي عَشَرَةَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ فِي أُورُشَلِيمَ. وَاسْمُ أُمِّهِ نَحُوشْتَا بِنْتُ أَلْنَاثَانَ مِنْ أُورُشَلِيمَ. [8] "يهوياكين" معناها "الرب يعيِّن". يصف الكتاب المقدس يهوياكين كشابٍ ناضجٍ (إر 22: 24-30؛ حز 19: 6). "ابن ثماني عشرة سنة" وجاء في (2 أي 9:36) "كان ابن ثماني سنين". وهناك حلان لهذه المشكلة: الأول أنه جلس مع أبيه على العرش وملك معهُ وكان عمره ثماني سنين كما هي عادة ملوك هذا الزمان. والثاني مدة الثماني سنين محسوبة من مدة السبي الأول أو من جلوس نبوخذناصَّر على العرش. الأرجح أن عُمر يهوياكين كان 18 سنة حين ملك وليس ثماني سنين، لأنه كان لهُ نساء [15]. كذلك وُصِف بأنه "عمل الشر في عيني الرب حسب كل ما عمله أبوه" (2 مل 24: 9)، وهذا وصف لشاب كبير أكثر منه وصف لفتى. بالإضافة إلى ذلك، يشير حُكم الكلدانيين عليه بالسجن عام 597 ق.م إنهم عاملوه كرجلٍ كبيرٍ مسئول[6]. تنبأ إرميا في أيام يهوياكين الذي لم يدم ملكه سوى ثلاثة شهور، وجاء نبوخذناصر إلى أورشليم وأخذه هو وعائلته ورؤساء الشعب مع خزائن بيت الرب إلى بابل (2 مل 8:24-16)، وعاش أسيرًا في السبي. مما يجدر ملاحظته أن السلطات اليهودية تطلعت إلى نبوات إرميا وكلماته أثناء حصار أورشليم بمنظار سياسي حربي لا ديني، فرأت فيها تحطيمًا لمعنويات الجيش ونفسية الشعب، فحسبته خائنًا وطنيًا. في هذه المرة عالج نبوخذناصَّر الموقف بطريقة لطيفة غير متوقعة، إذ لم يقم بتدمير المدينة ولا الهيكل ولا المنشآت العامة ولا حتى أسوارها الحربية، إنما اكتفي بأخذ الملك الشرير يهوياكين الذي لم يدم ملكه سوى ثلاثة شهور، كما أخذ عائلته ورؤساء الشعب وخزائن بيت الرب إلى بابل (2 مل 24: 8-16). لقد انكسر قلب حزقيال الذي رأى الهيكل المحبوب لديه وقد نُهِبَتْ أدواته التي يرجع عمرها إلى حوالي 300 عامٍ منذ أيام سليمان وصُهرت، ووُضعت في زكائب البابليين، وقد قام الملك الجديد صدقيا ابن أخ يهوياكين (2 مل 24: 17) بتدنيس الهيكل، وصار الوثنيون الغرل يُنجِّسون المواضع المقدسة. هذا وقد نصب نبوخذناصَّر شباكه في بلاد يهوذا ليصطاد كل شابٍ له قدرة أو موهبة أو مركز وحملهم إلى بابل، وكان من بينهم حزقيال نفسه، لكي يضمن عدم حدوث أية ثورات ضده في يهوذا، تاركًا الفلاحين والمُعدَمين جدًا غير القادرين على الثورة (2 مل 25: 12). وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ حَسَبَ كُلِّ مَا عَمِلَ أَبُوهُ. [9] كان يهوياكين مثل أبيه يهوياقيم شريرًا (2 مل 24: 8-17)، خلفه في المُلْكِ، وكان في بلده أورشليم. كان يمكن بالبرّ أن يعيش آمنًا كخاتمٍ ثمينٍ في يد الله، لا يقرب إليه أحد، لكنه بسبب شره انتزعه الله بعد ثلاثة شهور من مُلْكِه، وهو بعد في الثامنة عشر من عمره مع أهل بيته، وسُبي عام 597 ق.م إلى بابل، ليعيش غريبًا مسبيًا في حالة رعبٍ! حُرِمَ الملك من وطنه ومن شعبه، فصار في مذلةٍ داخليةٍ مهما قُدِّم له من كرامة أو إمكانيات. جاء في سفر الملوك (2 مل 24، 25) عن يهوياكين أنه قد رُفع شأنه في بابل في أواخر حياته، لكنه بقى مسبيًا ولم يرجع إلى وطنه. ومع أنه كان له عدة أبناء (1 أي 3: 17)، فإن أحدًا منهم لم يجلس على عرش إسرائيل، لذلك حُسب عقيمًا. فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ صَعِدَ عَبِيدُ نَبُوخَذْنَاصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، فَدَخَلَتِ الْمَدِينَةُ تَحْتَ الْحِصَارِ. [10] خلف يهوياكين أباه يهوياقيم ليواجه أقوى جيش على وجه الأرض في ذلك الحين. بعد اعتلائه العرش بأسابيع قليلة تم الغزو الثاني حيث نهب البابليون الهيكل وأسروا غالبية القادة بما فيهم الملك. واضح هنا أن حصار أورشليم قد تمَّ. فسُجن الملك وعائلته ورجال القصر [12]. وسُلب الهيكل وقصر الملك [13]، وسُبي الجيش [14]. أقام نبوخذناصَّر صدقيا، أحد أبناء يوشيا، ملكًا على يهوذا، لكن اليهود لم يقبلوه حاسبين ملكهم هو يهوياكين. وَجَاءَ نبوخذناصَّر مَلِكُ بَابِلَ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَ عَبِيدُهُ يُحَاصِرُونَهَا. [11] صعد عبيد نبوخذناصَّر أولاً ليحاصروا المدينة، ثم جاء نبوخذناصَّر بنفسه. غالباً كان آتيًا من صور التي كان يحاصرها في نفس الوقت. جاء صدقيا خلفًا للملك يكنيا أو كنياهو (2 مل 24)، وقد رأى في سلفه ثمار رفض الكلمة الإلهية، لكنه لم يتَّعظ هو ورجاله وشعبه. اُستخدم اسم كنياهو اختصارًا لكلمة "يكنيا"، وفيه نوع من التوبيخ. رفض الملك وعبيده وشعبه أن يسمعوا لكلام الله على لسان إرميا، ففقدوا سلامهم الداخلي. ظنوا أن في حبس إرميا إراحة لضمائرهم، ونُصرَة لأفكارهم، لكن بقى النبي المُفتَرَى عليه يحمل قوة وحرية داخلية داخل السجن، لأنه ملتصق بالكلمة الإلهية، بينما شعر الملك بالضعف، يطلب كلمة من شفتي إرميا لعله يستريح. لعل إرميا النبي كان في أعماقه يُرَدِّد كلمات داود الملك: [تكلمتُ بشهاداتك قدام الملوك ولم أخزَ] (مز 119: 46)، ويُعَلِّق الأب أنثيموس أسقف أورشليمعلى هذه العبارة، قائلاً: [علامة محبة الله... هي أن تتكلم بشهاداته قدام الملوك جهرًا وبشجاعة، كما تَكلَّم الرسل والشهداء... لا نخزى إن كانت أعمالنا وأقوالنا لائقة بملك الملوك المُتكلِّم فينا، وأن نهذّ بوصاياه بالمحبة والثقة، لا بضجر أو تهاون.] v يُعطَى للشر سلطان ضدنا حسب خطايانا كما هو مكتوب:" من دفع يعقوب إلى السلب وإسرائيل إلى الناهبين؟! أليس الرب الذي أخطأنا إليه، ولم يشاءوا أن يسلكوا في طرقه، ولم يسمعوا لشريعته، فسكب عليه حمو غضبه" (أش 24:42-25). مرة أخرى عندما أخطأ سليمان، وترك وصايا الرب وطرقه، كُتِبَ: [وأثار الرب الشيطان ضد سليمان نفسه] (1 مل 14:11)... يحثنا الرب أن نقول في الصلاة: "ولا تدخلنا في تجربة"، إذ بهذه الكلمات يظهر أن العدو لا يقدر أن يفعل شيئًا ضدنا ما لم يسمح له الله بذلك مقدمًا، حتى تتحول مخافتنا وتقوانا وطاعتنا نحو الله. إذ في تجاربنا لا يُسمَح بالشر ما لم يُعطَ سلطان من الله. هذا يتحقق من قول الكتاب المقدس: [وجاء نبوخذناصر ملك بابل على المدينة وكان عبيده يحاصرونها، وسلَّمها الرب ليده] (راجع 2 مل 24: 11) LXX. القديس كبريانوس فَخَرَجَ يَهُويَاكِينُ مَلِكُ يَهُوذَا إِلَى مَلِكِ بَابِلَ، هُوَ وَأُمُّهُ وَعَبِيدُهُ وَرُؤَسَاؤُهُ وَخِصْيَانُهُ، وَأَخَذَهُ مَلِكُ بَابِلَ فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ مِنْ مُلْكِهِ. [12] مات يهوياقيم قبل وصول نبوخذناصَّر إلى أورشليم، لذلك سُبي يهوياكين مع بقية قادة يهوذا مثل حزقيال (حز 1: 1-2). ملك لمدة ثلاثة أشهر فقط [8] في عام 598 ق. م. سلَّم يهوياكين نفسه وكل أهل بيته حتى يحفظ المدينة من الهدم. جاء في إرميا: "كل رعاتك ترعاهم الريح، ومُحبُّوكِ يذهبون إلى السبي، فحينئذٍ تخزين وتخجلين لأجل كل شركِ" (إر 22: 22). ربما قصد بـ"رعاتك" ملوك يهوذا ورجالهم الذين كان يجب أن يرعوا الشعب، فصاروا في حاجة إلى رعاية من الخارج. لقد سقطوا تحت السبي عام 597 ق.م، فصارت أورشليم في خزي وعارٍ بلا رعاية، يرعاها الريح الباطل. لعله أيضًا يقصد بالرعاة هنا أولئك الذين كانت تظنهم رعاة لها، سواء ملوك الأمم المتحالفة معهم أو آلهتهم، فإنهم هم أنفسهم يحتاجون إلى رعاة، وقد صارت الريح هي راعية لهم، لا تُقدِّم لهم إلا رياحًا مُهلِكة! إنها رياح شرقية تبدد الشعب (إر 18: 17). باتكالها على ملوك الأمم وآلهتهم قبلت الرياح المُحطِّمة عوض روح الله القدوس الواهب الحياة والنصرة والنجاح، يهب على النفس، فيحوِّلها إلى مقدسٍ سماويٍ لا تستطيع كل قوات الظلمة أن تفسده. هكذا دفعها شرها إلى الاتكال على الذراع البشري والآلهة الكاذبة فتحطَّمتْ معهم! وَأَخْرَجَ مِنْ هُنَاكَ جَمِيعَ خَزَائِنِ بَيْتِ الرَّبِّ وَخَزَائِنِ بَيْتِ الْمَلِكِ، وَكَسَّرَ كُلَّ آنِيَةِ الذَّهَبِ الَّتِي عَمِلَهَا سُلَيْمَانُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ فِي هَيْكَلِ الرَّبِّ، كَمَا تَكَلَّمَ الرَّبُّ. [13] غالباً في هجومه الأول [12] أخذ الآنية الخفيفة، وفي هذا الهجوم [13] كسر الأواني الكبيرة والمذابح (مذبح البخور والموائد) ليأخذ الذهب الذي فيها، لأن بيلشاصر شرب في آنية الهيكل. "كما تكلم الرب" أي كما ذكر إشعياء لحزقيا الملك. هاجم نبوخذناصَّر الهيكل 3 مرات: أ. أخذ الآنية ووضعها في هيكل إلهه، وهذه أعادها كورش مع عزرا عند الرجوع من السبي. ب. حين كسر الأواني الكبيرة وحملها معه. ج. حين هدم الهيكل وأخذ كل النحاس. v يلزمنا أن نعترف ونكرر مرارًا أنه من الأفضل بكثير أن نحفظ النفوس عن حفظ الذهب للرب. لأن ذاك الذي أرسل الرسل بدون ذهب (مت 10: 9) يطلب أن يُحضر الكنائس بدون ذهب فلا لتقوم بتخزينه، وإنما تنفقه وتستخدمه دائمًا للمحتاجين. ما هي الضرورة أن نحتفظ بما هو ليس صالحًا (في ذاته)؟ ألسنا نعرف كيف أخذ الأشوريون الكثير من الذهب والفضة من هيكل الرب؟ أليس من الأفضل للكهنة أن يستخدموه في مساندة الفقراء، عوض أن يسلبه الأعداء الدنسين ويدنِّسوه؟ القديس أمبروسيوس وَسَبَى كُلَّ أُورُشَلِيمَ وَكُلَّ الرُّؤَسَاءِ وَجَمِيعَ جَبَابِرَةِ الْبَأْسِ. عَشَرَةَ آلاَفِ مَسْبِيٍّ، وَجَمِيعَ الصُّنَّاعِ وَالأَقْيَانِ. لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ إِلاَّ مَسَاكِينُ شَعْبِ الأَرْضِ. [14] تضم المملكة الجنوبية (يهوذا) سبطي يهوذا وبنيامين، سباهم البابليون عام 586 ق.م. قيل عن نبوخذناصَّر: "وسبى كل أورشليم وكل الرؤساء وجميع جبابرة البأس عشرة آلاف مسبي وجميع الصناع والأقيان. لم يبقَ أحد إلا مساكين شعب الأرض... سباهم ملك بابل إلى بابل" (2 مل 24: 14-15). رقم عشرة آلاف غالبًا هو رقم تقريبي عن المرَّحلين من كل صنف من يهوذا وأورشليم، من فئات كثيرة مثل أولئك الذين أشير إليهم في عدد 16. اختلفت سياسة البابليين عن الأشوريين في التعامل مع المسبيين، فالأشوريون يجلون غالبية السكان، ويعمرون البلاد بجنسيات أخرى تختلط بالقلة القليلة من أهل البلد، أما البابليون فكانوا يأخذون العظماء والقادة والصناع الماهرين ويتركون المساكين والضعفاء لحُكْمِ البلاد. يقيمون منهم حكامًا يخضعون لهم. أما الأسرى إلى بابل، فيُسمَح لهم أن يعيشوا معًا، ليصبحوا جزءًا هامًا من المجتمع في بابل. هذا ما ساعد اليهود أن يلتحموا معًا في السبي إلى حين عودتهم في أيام عزرا وزربابلإلخ. لكي يذل أورشليم ترك المساكين فقط، وأخذ الرؤساء وأصحاب البأس والصنَّاع المهرة مثل الأقيان أي الحدادين والمهرة. يتطلع المرتل إلى ما حلَّ بمدينة الله، ويصرخ قائلاً: "اللهم إن الأمم قد دخلوا ميراثك، نجَّسوا هيكل قدسك، جعلوا أورشليم أكوامًا. دفعوا جثث عبيدك طعامًا لطيور السماء. لحم أتقيائك لوحوش الأرض. سفكوا دمهم كالماء حول أورشليم، وليس من يدفن. صرنا عارًا عند جيراننا، هزءًا وسخرة للذين حولنا. إلى متى يا رب تغضب كل الغضب، وتتقد كالنار غيرتك؟ّ" (مز 79: 1-5). لعل البابليين أدركوا أن هؤلاء الفقراء لم يكن لهم دور في القرار الخاص بعدم الاستسلام أثناء الحصار، لذا تركوهم في أرضهم. ومن جانب آخر، فإنه من الحكمة أن يرضوا الفقراء حتى متى عاد الكلدانيون إلى بابل ورحلت الجيوش عن أورشليم لا تحدث ثورة ضد بابل. ليس فقط تُرَد ممتلكات هؤلاء الفقراء الذين نهبهم أغنياء بني جنسهم واستغلوهم، وإنما ينالون ما كان للأغنياء. v يقودني نبوخذناصَّر الحقيقي مربوطًا بالسلاسل إلى بابل، أي إلى بابل الفكر المرتبك. هناك يضع عليَّ نير العبودية، هناك يضع خزامة من حديد في أنفي، ويأمرني أن أُرَنِّمَ بتسبحة من تسابيح صهيون (2 مل 19: 28؛ مز 136: 3). القديس جيروم v إنها خطايانا التي تجعل البرابرة أقوياء، إنها رذائلنا التي تقهر جنود روما... يا لبؤس الإسرائيليين الذين عندما قورنوا بنبوخذناصر دُعي هو عبد الله (إر 27: 6). يا لبؤسنا نحن أيضًا الذين إذ نُغضِب الله، يستخدم غضب البرابرة ليصب غضبه علينا. ومع هذا عندما تاب حزقيا هلك 185000 جندي أشوري بواسطة ملاكٍ واحدٍ (2 مل 19: 35). وعندما رنَّم يهوشافاط للرب تسابيح وهب الله ذاك الذي تعبَّد له النصرة (2 أي 20: 5-25). أيضًا عندما حارب موسى ضد عماليق، غلب لا بالسيف، بل بالصلاة. لهذا إن أردنا أن نرتفع يلزمنا أولاً أن ننبطح! القديس جيروم v تنبأ النبي القديس إرميا أنه بعد سبعين عامًا سيعود الشعب من السبي، ويبنون مدينة أورشليم نفسها، التي بكوا عليها، التي دمَّرها الأعداء. لكن في ذلك الوقت وُجد أنبياء في السبي بين الشعب الساكن في بابل، من بينهم حزقيال النبي. هؤلاء كانوا ينتظرون تحقيق الوعد الخاص بالسبعين عامًا حسب نبوة إرميا (إر 25: 11؛ 29: 11). حدث هذا عندما تمت السبعين سنة، فأُصلح الهيكل الذي دُمِّر، وعاد من السبي عددٌ كبيرٌ من الشعب. القديس أغسطينوس وَسَبَى يَهُويَاكِينَ إِلَى بَابِلَ. وَأُمَّ الْمَلِكِ وَنِسَاءَ الْمَلِكِ وَخِصْيَانَهُ وَأَقْوِيَاءَ الأَرْضِ سَبَاهُمْ مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى بَابِلَ. [15] مرَّتْ بيهوذا فترة هدوء نسبي، شجعت يهوذا على الثورة ضد بابل، لكن الأخيرة أرسلت فرقًا من الجيش إلى فلسطين. وفي عام 598 ق.م وصل جيشها إلى يهوذا، وفي هذا الوقت مات يهوياقيم بطريقة غامضة، وتوِّج ابنه يهوياكين (يكينا) الذي كان في الثامنة عشرة من عمره وكان مملوءًا شرًا. لم يدم ملكه سوى ثلاثة شهور، وجاء نبوخذناصَّر إلى أورشليم وأخذه هو وعائلته ورؤساء الشعب مع خزائن بيت الرب إلى بابل (2 مل 24: 8-16)، وعاش أسيرًا في السبي. بعد سنوات (سنة 562 ق.م) حُرِّر لكن لم يُسمَح له بالعودة إلى بلاده (إر 52: 31-34؛ 2 مل 25: 27-30). سقط التاج عن رأسه وعن رأس أمه، وضاع من بين أيديهما المُلك. واضح هنا أنه كان للملكة الأم دور رئيسي في إدارة المملكة في يهوذا، وكان لها سلطانها في أيام الملك آسا حتى تخلَّص منها (1 مل 15: 13). حين حلَّت الكارثة لم يجد الملك وأيضًا الملكة لهما ملجأ في منطقة الجنوب أو مدن نجب Negeb (القسم الجنوبي من يهوذا) المعروفة بخصوبتها ومدنها الكثيرة، لأن جيوش الغازين عزلت أورشليم عن مدن الجنوب حتى لا يجد سكان أورشليم مجالاً للهروب؛ أو لأن هذه المدن إذ أدركت الخطر الذي حلَّ بأورشليم أغلقت أبوابها وخشت أن تفتحها حتى لقيادات يهوذا عند هروبهم. من الجانب التاريخي هدَّدتْ أدوم مدن نجب ألا تقبل اللاجئين من أورشليم حتى يملك الغازون تمامًا. فعلت هذا إما لمصلحتها الشخصية حيث أرادت خراب يهوذا، أو لحساب البابليين، وقد وُجِدَتْ نقوش تؤكد ذلك[13]. يرى البعض أن هذه المدن كانت مخازن للملك، لذلك حاصرها الأعداء لمنع وصول مؤونة إلى أورشليم أثناء حصارها. سبي يهوياكين ورد في (2 أي 36: 9-10)، تنبأ عنه إرميا النبي (إر 22: 24-27). على خلاف يهوآحاز الذي حُمِلَ إلى مصر ثم اختفى، إذ لا يذكر التاريخ المقدس عنه شيئًا. أما يهوياكين فقد سجَّل موضوع تحرره مرتين (2 مل 25: 27-30؛ إر 52: 31-34). "وأسلمك إلى يد طالبي نفسك، وليد الذين تخاف منهم وليد نبوخذراصر ملك بابل وليد الكلدانيين. وأطرحك وأمك التي ولدتك إلى أرض أخرى لم تُولدا فيها، وهناك تموتان. أما الأرض التي يشتاقان إلى الرجوع إليها، فلا يرجعان إليها" (إر 22: 25-27). عوض أن يكون مكانه في يد الله حيث الحرية والمجد، يصير موضعه هو وأمه في السبي حيث العبودية والذُل. لقد سُبيت نحوشتا بنت ألناثان (2 مل 24: 8، 15) مع ابنها الملك يهوياكين إلى بابل. فقد الملك عرشه، وأُلقي في أرض السبي كما في موضع القمامة خارج أبواب أورشليم، وصار كبواقي إناء خزفي مكسور لا قيمة له. لقد نادى الأنبياء الكذبة[14] بأنه سيرجع من السبي، وذلك لكي يعطوا رجاءً لرجال الدولة والشعب ويسرونهم، فكان كثيرون يعتبرونه الملك الرسمي بالرغم من سبيه، لكن إرميا النبي في جرأة نطق بما تكلم به الرب. بقى يهوياكين في بابل إلى أيام مردوخ بن نبوخذناصَّر، أي أكثر من 37 سنة. وَجَمِيعُ أَصْحَابِ الْبَأْسِ، سَبْعَةُ آلاَفٍ، وَالصُّنَّاعُ وَالأَقْيَانُ أَلْفٌ، وَجَمِيعُ الأَبْطَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ، سَبَاهُمْ مَلِكُ بَابِلَ إِلَى بَابِلَ. [16] نجد في آية 14 أنه سبى 10,000 وفي آية 16 نجده سبى 7,000. فجميع أصحاب البأس سبعة ألاف وكل الرؤساء ألفان والصناع والأقيان ألف. لقد سبى ملك بابل جميع الأبطال أهل الحرب إلى بابل. إذ اقترب موعد سفر القديس غريغوريوس العجائبي من قيصرية فلسطين بعد أن قضى عدة سنوات، تتلمذ على يدي العلامة أوريجينوس حوالي عام 238م، ألقى خطابا وجهه إلى مُعلِّمه شبَّه نفسه فيه بآدم وهو يرحل من الفردوس، والابن الضال الذي يهجر بيت أبيه، وترحيل اليهود إلى بابل. جاء في هذا الخطاب الآتي: v إنني كأحد هؤلاء (المُرَحَّلين إلى بابل) بالحق تبدو لي نفسي، كمن يُطرَد من مدينته، ومن أرض أبيه المقدسة التي عليها تُعلق الشرائع المقدسة نهارًا وليلاً، وتُسمَع فيها التسبيح والأغاني والكلمات الروحية. فيها أيضا نور الشمس الدائم وفي النهار نتمتع برؤية ونحن في يقظة نقترب من أسرار الله. وفي الليل في الأحلام لا نزال ننشغل بما رأته النفس ولمسته في النهار. ويسيطر إعلان الإلهيات على الكل باستمرار . أقول من هذه المدينة أنا مطرود، وأُحْمَل أسيرا إلى بلدٍ غريبٍ، حيث لا قدرة لي على التزمير، وذلك مثل الرجال القدامى، أُعَلِّق قيثاراتي على الصفصاف، وتكون الأنهار هي مكان غربتي. أعمل في الوحل، وليس لي قلب ينشد التسابيح حتى إن تذكرتها . نعم فإنني إذ أنشغل على الدوام بأمور أخرى أنساها كمن فسدت ذاكرته... إنني إذ التزم أن أرحل، إنما بغير إرادتي كأسير أفعل هذا، لكنني أرحل أيضًا بإرادتي، وليس تحت ضغط من آخرين. وبتصرفي أترك هذه المدينة حين تُعطَى لي فرصة اختيار البقاء فيها . ربما أيضا بتركي هذا الموضع أبلغ رحلة بلا أمان كما يحدث أن نسير في صحبة شخص يترك السلام ومدينة آمنة. وهذه حقيقة، لكنها تشبه من في رحلته أُسقط في أيدي لصوص وأُخذ سجينًا، وأُجلد وأُجرح بضرباتٍ كثيرة وطُرِحَ بين حي وميت. القديس غريغوريوس العجائبي v بائسون هم الإسرائيليون متى قورنوا بنبوخذناصَّر الذي دُعِيَ خادم الله ( إر 27: 6). نحن أيضًا نصير تعساء إذ لم نسر الله، فيستخدم عنف البرابرة ليحل بغضبه علينا. القديس جيروم |
![]() |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
يتنبأ إشعياء النبي عن حصار أورشليم وسبي أشرافها |
إرميا النبي | سبي يهوياكين هي عام 561 ق.مم |
يهوياكين أسره نبوخذنصر |
يهوياكين (يكُنيا/ كنياهو) |
الرد على شبهة فترة عمر يهوياكين |