منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 31 - 05 - 2025, 03:31 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,336,394

التجسد والصليب والقيامة والصعود كأساس للإيكونوميا


التجسد والصليب والقيامة والصعود كأساس للإيكونوميا

يظن بعض الباحثين في كتابات وفكر ذهبى الفم بأنه (لاهوتى الأخلاقيات)؛ بمعنى أن اهتمامه كان متجهًا بالأكثر نحو الوصايا السلوكية أكثر من تركيزه على جوهر التعليم الروحى[10].
وفي الحقيقة لا يستطيع الباحث المطلع على فكر ذهبى الفم أن يقبل هذا الرأى، وذلك لأن يوحنا مثل شفيعه بولس يخلط بمهارة روحية كبيرة، بين التعليم العقائدى واللاهوتى وبين السلوك بالروح، وسنرى أنه لا يطلب من الناس تطبيق وصية، قبل أن يقدم النعمة الساندة (ويسمى الوصايا ...... أى الوصايا المخلّصة أو الحاملة قوة الخلاص)
لها من حياة المسيح وأسرار الكنيسة، ولعل الرأى السابق يعود إلى المدرسة الغربية في التفسير، والتي انفصل فيها التعليم عن الثالوث عن الحياة الكنسية، وانفصلت التعاليم اللاهوتية عن السلوك والحياة اليومية، والنعمة عن الأخلاق، والروح القدس عن حياة المؤمنين، ورسالة رومية في التبرير بالإيمان انفصلت عن رسالة يعقوب في أهمية الأعمال.
مع أن بولس لا يمل من الدعوة إلى السلوك بالروح والعبادة الروحية ومحبة الاخوة (انظر رو12) ويعقوب لا يكل من الإشارة إلى الإيمان وكلمة الحق والنعمة والكلمة القادرة أن تخلّص نفوسكم (يع8:1، 6).
والدارس للآباء من خلال كتاباتهم ورؤيتهم من خلال مسيرة الكنيسة الشرقية واللاهوت الأرثوذكسى، لن يجد عندهم هذا الفصام بين التعاليم اللاهوتية والسلوك الذي هو نتيجة الصراعات الغربية بين الكنيسة والواقع اليومى إبان عصر النهضة، والذي اكتشف فيه الإنسان نفسه، وأمسك زمام أموره بيده، ووقف وقفة حاسمة ضد الخرافات غير اللاهوتية، وهذا ما أدى بالثورة الفرنسية إلى (العلمانية أو الدنيوية أو العولمة) في فهم الأمور.
ومن أهم مبادئ الثورة الفرنسية، فصل الدين عن الحياة، وتحول التعليم المسيحى إلى تعليم عن الأخلاق. وأما الآباء فقد نجحوا في تحاشى هذه الثنائية بين تراث العبادة والحياة الشاهدة والفكر؛ وفي هذا يقول المطران جورج خضر[11] (ما توخاه الآباء من الفكر هو القربى فما كان الفكر (اللاهوتى) هذا سوى التعبير عن السفر في الله والإقامة فيه. فالعلاقات القائمة بين الأقانيم؛ هى علاقة محبة، وهنا أتجاسر على طرح هذا، أن يوحنا الحبيب في رسالته الأولى الجامعة، لما قال (الله محبة) (8:4) إنما أراد أن يجعل المحبة الاسم الحقيقى لله. فالله تسمية مأخوذة من اللغات السامية، ومرتبطة بتصور للألوهية، قائم في حضارات الشرق الأدنى لكن المضمون التوراتى للكلمة هو أن طبيعة الله أو وحدته هى المحبة. هذا ما رآه القديس كيرلس قديمًا.
فالكلام عن الله ليس مبحثًا نظريًا ولا هو ترجمة فلسفية للوحى ولكنه رؤية. الآباء اللاهوتيون في تعليمهم عن السلوك، تكلموا في الإلهيات، والإلهيات تقودهم إلى التأمل في الجماليات الإنسانية أينما وجدت، وهذا نجده واضحًا وسلسًا وجليًا عند يوحنا ذهبى الفم الذي يكتب تعاليم لاهوتية للجميع، والذي بحنكة ومعاناة وضع لهذه التعاليم أرجلاً تسير عليها على الأرض، فلم تعد التعاليم هى البحث عن قطة سوداء في حجرة مظلمة، بل هي شركة النور الإلهى الذي لا يدنى منه! وهكذا أسس قديسنا الإيمان العامل بالمحبة، ولهذا لا يطالب قديسنا الناس بشىء، بل يكشف لهم واقعهم المهلهل من خلال الكشف عن عمل الله وعطاياه.
وفي عظة له عن "يوم ميلاد مخلّصنا يسوع المسيح"[12]، يرد ذهبى الفم على الوثنيين الذين يحتقرون التجسد متهكمًا (هل سكن الله في جسد بشرى إهانة أم سكنه في الحجارة والخشب. ولعل أصحاب هذا الرأى يرون الإنسان أقل وأحط من الحجر والخشب، ونحن نعترف بأن المسيح أخذ جسدًا مقدسًا ونقيًا من رحم عذراوى، وهذا الجسد طاهر من كل خطية. وهذا لكى يعيد الإنسان مخلوقه إلى رتبته الأولى ويشترك مع هؤلاء المانويين غير الأتقياء الذين يرون أن جوهر الله موجود في الحيوان والخشب).
ويكرر في موضع آخر (نحن نتمسك بالرأى القائل أن الله اتخذ لنفسه هيكلاً بشريًا، وبهذا الشكل صارت حياتنا مدينة سماوية، ويسمى كل هذا "إيكونوميا" (إنه من الأقدس والأكرم أن يسكن الله جسد مقدس، وهذا يجلس الآن عن يمين عرش الآب المهيب.
والسؤال هل في هذا التدبير ما يحط من كرامة الله في شئ) الدليل على أن التجسد عند الآباء هو منهج حياة لاهوتية متاحة للجميع، وليس نظريات أكاديمية ينفرد بها القلة، نقول أن هذا الدليل نجده في نفس العظة، حينما ينتقل بسلاسة وبدون تكلف من الحديث عن التجسد إلى الحديث عن الإفخارستيا وضرورة التناول من جسد الرب ودمه، ويسميها المائدة المقدسة والميستاجوجية (السرية)[13] التي للإفخارستيا المقدسة، وكيف أنه يجب أن نتقدم إليها بخوف ورعدة وصوم وصلاة وضمير نظيف[14]. ويسمى الإفخارستيا (دواء يخلّص من الأوجاع).
وبخصوص الإفخارستيا وعلاقتها بالعقائد الخلاصية، يقول ذهبى الفم في تفسيره للإصحاح السادس من إنجيل يوحنا الحبيب [ مَن يأكل هذا الخبز يحيا إلى الأبد]. والخبز هنا يشمل العقائد الخلاصية. وعن الأثر الروحى الذي يحدث في المتناولين [ نحن نخرج من المائدة المقدسة كالأسود][15].

وينتقل من التجسد والافخارستيا إلى الحياة العملية والسلوكية، وذلك في نهاية العظة: [ ويجب أن تفعلوا كل شئ بخوف الله سواء سماع العظات أو الصلاة أو الاقتراب من الشركة الإلهية أو عمل أى شئ، وذلك حتى لا تجلبوا على أنفسكم بسبب عدم مبالاتكم غضب الله ].
وفي عظة أخرى عن ميلاد المخلّص يقول في بدايتها: [ إن القوات السمائية تتهلل لأنهم يرون الله على الأرض والإنسان في السماء. ويرون ذاك الساكن في أعلى السموات يسير على الأرض، وذلك بسبب (الإيكونوميا) تدبيره من أجل الإنسان، لكى يرفعه من الأرض ويضعه عاليًا في السماء، وذلك بسبب أنه محب البشر. واليوم صارت بيت لحم مساوية للسماء.
ويرد قديسنا على العقلانيين الذين يسألون عن كيفية حدوث ذلك: [ ولا تسأل كيف حدث ذلك، لأنه حيث تُعلن مشيئة الله تُهزم القوانين الطبيعية ][16].
ويحاول بكل تقوى وإخلاص عقلى وروحى أن يقترب من سر التدبير الإلهى: [ يجب علينا أن نبحث الظواهر الطبيعية، وأن نحترم بصمت الظاهر فوق الطبيعة، وذلك ليس لأنها ممنوعة على البحث، ولكن لأنها تشكل سرًا، وهو ما نقدم له الاحترام الواجب بالصمت اللائق ].
وهذا يذكرنا بموقف القديس كيرلس الكبير في بداية تفسيره لإنجيل يوحنا حينما يقول أن خير ما نواجه به هذا السر هو الصمت، ويقول اللاهوتى المعاصر قسطنطينوس باباتروس في دراسته الهامة عن تفسير القديس كيرلس الكبير لإنجيل يوحنا الحبيب[17] [ إن الموقف الإنسانى الصحيح أمام السر الإلهى هو موقف الصمت والتمجيد]، ويذكر أن كلمة أرثوذكسية معناها (التمجيد الصحيح)؛ أى أن التمجيد الصحيح يسبق الرأى السديد، والعبادة والسجود بالروح تمهد الطريق لرؤية سديدة، والصمت أمام السر الإلهى عند الآباء ليس هو حالة نفسية من البلاهة العقلية، بل هو عمل دؤوب وتوبة قلبية، وتقديم الجسد في عبادة عقلية (انظر رو12).
وينتقد ذهبى الفم طريقة البحث العقلانية والحرفية التي تعيق انطلاق الروح حينما يقول: [ بينما يفحص اليهود حرفية الكتاب تستمتع الأمم بثمر الروح ]. ويستمر في التمعن في السر ليقربه من أذهان السامعين فيقارن مقارنة رائعة بين آدم والعذراء:
[ فكما صار لآدم امرأة بدون امرأة (أم) هكذا العذراء اليوم ولدت رجلاً بدون رجل (أب)][18].
وعن الصليب ونزول الرب إلى الجحيم يستمر واعظ إنطاكية المفوه في التعمق في فهم سر التدبير [ اليوم الرب افتقد الذين في الجحيم وكسر مصاريع النحاس (مز16:106) ولنلاحظ أن المرنم لم يقل (فتح الأبواب النحاسية)، بل (كسر) فهو لا يرفع الآلام بل يسحقها!] ويقارن مرة أخرى بين سبب هزيمة آدم وانتصار المسيح! [ إن أسباب هزيمتنا كانت ثلاثة: عذراء، وخشبة، وموت. العذراء كانت حواء لأنها لم تكن بعد قد عرفت زوجها. والخشبة هى شجرة. والموت هو عقاب آدم. ومرة أخرى صارت الثلاث رموز للانتصار، فبدلاً من حواء عندنا العذراء مريم، وعوضًا عن شجرة أو خشبة معرفة الخير والشر نجد خشبة الصليب، وبدلاً من موت آدم نلتقى بموت المسيح على خشبة الصليب. وهكذا هزم الشيطان بنفس أسلحته وفي عقر داره ][19].
رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
الإيمان بحقيقة التجسد والقيامة بهاتين الحقيقتين بالقلب
أقوال القديس أغسطينوس عن : طاعة المسيح للآب في التجسد والصلب والقيامة
التجسد والصليب
ليه؟؟؟؟-معلومات عن الآلام والقيامة والصعود
التجسد والصليب


الساعة الآن 03:52 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025