* [عن (مز 127: 1) "إن لم يبن الرب البيت"]: مثل هذه البركة قد تكون فوق حدود اختيارنا، فإن قوة الرب هي التي تضع الأساس الذي يعمله البنّاء، وهي التي تعمل معه حتى الانتهاء منه، الأمر الذي لا يقوى على تنفيذه بنفسه... ذلك مثل الزراعة التي تأتي بمحصولٍ وفيرٍ، فتحقق ما هو تحت سلطان الزارع مثل مهارته في عمله، وما هو ليس تحت سلطانه معتمدًا على العناية الإلهية مثل وجود مناخ ملائم ونزول مطرٍ كافٍ. هكذا أيضًا بالنسبة للخير الذي يسعى لأجله الإنسان العاقل، فإنه يعتمد على أعماله ومجهوداته التي يقدمها بمحض اختياره، كما على القوة الإلهية التي تؤازر من يختار الحياة الأسمى هدفًا له. فإننا في حاجة إلى اختيارنا نحن مع المؤازرة الإلهية ليس فقط في تحقيق الكرامة والصلاح، وإنما للاستمرار فيهما.
* لاحظوا إننا نقول بأنه ليس شيء ما يتم بدون عنايته ولم نقل بدون إرادته؛ فقد تحدث أمور كثيرة بخلاف إرادته، لكن أمرًا ما لا يتم بدون عنايته التي بها يهتم ويوزع ويقسم الأنصبة، ويمنح ويتمم كل ما يحدث.
* نتعلم من هذا (مز 127: 1) أنه ليس لأن الله هو الذي يبني، يجلس الإنسان خاملًا، وأن الله يبني له البيت. وإنما لأنه يعمل ويهتم قدر إمكانياته البشرية، لكن الله يزيل كل العقبات ويتمم العمل. هكذا يدعى الإنسان للعمل قدر ما يستطيع في جديةٍ، لكن الله هو الذي يكلل العمل بالنجاح. لهذا يليق بالإنسان بحقٍ وفي تقوى أن يترك إتمام عمله لله، وليس لإنسانٍ بشريٍ آخر. على هذا بولس غرس، وأبولس سقى، والله هو الذي كان ينمي، إذ ليس الغارس شيئًا، ولا الساقي، بل الله الذي ينمي (1 كو 3: 6-7). بنفس الطريقة يمكننا القول إن هذا يعتمد لا حسب مشيئة إنسان أو جهاده إنما على مراحم الله.
العلامة أوريجينوس