![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() "قَدْ سَبَيْتِ قَلْبِي يَا أُخْتِي الْعَرُوسُ، قَدْ سَبَيْتِ قَلْبِي، بِإِحْدَى عَيْنَيْكِ، بِقَلاَدَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ عُنُقِكِ" [9]. في بدء علاقتها مع الله دخل بها إلى لبنان كما يفعل العريس مع عروسه إذ غالبًا ما يبدأ معها الحياة الزوجية في منطقة سياحية بعيدًا عن هموم الحياة، هناك يتعرفان على بعضهما البعض. لكن لن تبقى الحياة الزوجية هكذا على الدوام، إنما يلزمهما أن يتركا لبنان ليعيشا في بيت الزوجية يُجاهدان ويتعبان... وهكذا دعاها الرب أن تخرج معه من لبنان لتواجه الأسود والنمور في خدورها. أو تخرج معه من جبل لبنان إلى حياة الصراع ضد أعمال الإنسان العتيق التي كالوحوش الضارية. في وسط جهادها المرّ تئن في داخلها ويبكي قلبها، أما هو فلا يقدر أن يحتمل أنينها ودموعها... فينجذب قلبه إليها، ويأسره تنهدها الداخلي. لاحظ القديس غريغوريوس النيصي أن العريس هنا يقول "بِإِحْدَى عَيْنَيْكِ"، لأن الإنسان له بصيرتان، البصيرة الخارجية التي يرى بها الأمور المنظورة، والبصيرة الداخلية التي يعاين بها الله... التي هي القلب. هنا ما يأسر قلب الله هي دموع البصيرة الداخلية السرية. إنه كعريس سماوي يفهم قلب عروسه، يهتم بها وقت جهادها وآلامها، ولا يتطلب منها كلامًا، بل يفهم لغة عينيها الداخليتين... حين سقط بطرس الرسول في إنكار سيده لم تكن هناك كلمات يعتذر بها لكن الرب عرف ما في قلبه خلال دموعه. وحينما دخلت المرأة الزانية بيت سمعان الفريسي لم يوجد مجال للحديث، لكن الرب فاحص القلوب قال: "لقد غفرت خطاياها الكثيرة لأنها أحبت كثيرًا" (لو 7: 47). وقد علمتنا الكنيسة أن نتحدث مع الرب بهذا اللغة - لغة الدموع - في غروب كل يوم، قائلين: "إليك رفعت عينيّ يا ساكن السماء، فها هما مثل عيون العبيد إلى أيدي مواليهم، ومثل عيني الأمة إلى يدي سيدتها. كذلك أعيننا نحو الرب إلهنا حتى يترأف علينا. ارحمنا يا رب ارحمنا، فإننا كثيرًا ما امتلأنا هوانًا، وكثيرًا ما امتلأت نفوسنا عارًا أردده على المخصبين، والهوان على المتعظمين. هللويا" (مز 122). وتكون إجابة الرب: إننيّ لا أحتمل انكساركم وهوانكم. لقد سبيتم قلبي وكل حبي، فلا أدعوكم عبيدًا بل أحباء. أنتم أخوتي. أنتم عروسي! في رسالة بعث بها القديس چيروم إلى كاهن ضرير في Baetica بأسبانيا تحدث عن العين التي تسبي قلب الله قائلًا له: [يليق بك ألا تحزن بسبب حرمانك من العينين الجسديتين اللتين يشترك فيهما النمل والذباب والزحافات كسائر البشر، بل بالحري تفرح بأن لك العين التي قيل عنها في نشيد الأناشيد: "قَدْ سَبَيْتِ قَلْبِي بِإِحْدَى عَيْنَيْكِ". هذه العين تُعاين الله، وقد أشار إليها موسى عندما قال: "أميل الآن لأنظر هذا المنظر العظيم" (خر 3: 3). ونحن نسمع عن فلاسفة من هذا العالم فقؤا أعينهم حتى تتحول أفكارهم بالكامل إلى أعماق ذهنهم النقي...]. يسبى قلب الله بلغة العينين المنكسرتين أمامه، كما يسبى أيضًا بلغة البذل والطاعة؛ إذ يقول: "قَدْ سَبَيْتِ قَلْبِي... بِقَلاَدَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ عُنُقِكِ". ما هذه القلادة التي تزين العنق الداخلية للنفس إلاَّ حمل النير وطاعة الوصية الإلهية فقد جاء في سفر الأمثال: "اسمع يا ابني تأديب أبيك ولا ترفض شريعة أمك، لأنها إكليل نعمة لرأسك وقلائد لعنقك" (أم 1: 8-9). فالعروس تتزين بقبولها تأديبات أبيها (الله) بفرح وسرور وحفظها شريعة أمها (الكنيسة)! بمعنى آخر تحمل على عنقها نير الطاعة، الذي هو نير المسيح الهين. |
|