![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() "فِي اللَّيْلِ عَلَى فِرَاشِي طَلَبْتُ مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي، طَلَبْتُهُ فَمَا وَجَدْتُهُ، دعوته فما سمع ليّ، إِنِّيّ أَقُومُ وَأَطُوفُ فِي الْمَدِينَةِ، فِي الأَسْوَاقِ وَفِي الشَّوَارِعِ، أَطْلُبُ مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي، طَلَبْتُهُ فَمَا وَجَدْتُهُ، وَجَدَنِي الْحَرَسُ الطَّائِفُ فِي الْمَدِينَةِ فَقُلْتُ: أَرَأَيْتُمْ مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي؟ فَمَا جَاوَزْتُهُمْ إِلاَّ قَلِيلًا حَتَّى وَجَدْتُ مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي، فَأَمْسَكْتُهُ وَلَمْ أَرْخِهِ حَتَّى أَدْخَلْتُهُ بَيْتَ أُمِّي وَحُجْرَةَ مَنْ حَبِلَتْ بِيّ. أُحَلِّفُكُنَّ يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ بِالظِّبَاءِ وَبِأَيَائِلِ (قوي) الْحَقْلِ أَلاَّ تُيَقِّظْنَ الْحَبِيبَ حَتَّى يَشَاءَ" [1-5]. حديث النفس البشرية: إن كانت الكنيسة قد طلبته ثلاث مرات، وهو على الصليب، وهو في القبر، وأخيرًا بعد قيامته عند القبر الفارغ... وفي اليوم الثالث وجدته، فإن النفس البشرية في بحثها عنه قد تطلبه ثلاث مرات أو بثلاث طرق لكنها لا تجده إلاَّ في الطريق الأخير: تطلبه بمجهودها الذاتي، أو تطلبه خلال الخدام وحدهم، وأخيرًا تطلبه بثقة في إمكانيات عمل الله فيها دون تجاهل لجهادها أو لخدمة العاملين في كرمه. أ. طلب الرب بالمجهود البشري الذاتي: لقد بدأت النفس حديثها: "فِي اللَّيْلِ عَلَى فِرَاشِي..." لعلها في وقت ضعفها حلمت حلمًا مزعجًا أنها قد فقدت عريسها، فخرجت تبحث عنه بمجهودها الذاتي لكنها لا تقدر أن تلتقي معه إن لم يجتذبها هو إليه. ربما عنت بالليل إنها صارت مسترخية في ظلمة الاستهتار، تطلبه وهي مستلقية على فراشها في تواكل بلا جهاد روحي حق... لذلك طلبته فما وجدته. إنما لم تسترح على السرير الذي وصفته قبلًا "سريرنا أخضر" (نش 1: 16)، لكنها أرادت أن تستلقي على سريرها البشري. رأينا أن الحديث عن "سريرنا الأخضر" يُشير إلى اتحاد الله الكلمة ببشريتنا، فحمل جسدنا فيه، أما الحديث عن "سريري" أو "فراشي" فيُشير إلى "جسدي" أو "بشريتي" في اعتزالها أو اعتدادها بذاتها. لقد طلب القديس أغسطينوس الرب وهو مستلقي على فراشه حين خرج يبحث عنه في كبرياء فلم يجده إذ قال: [إننيّ أغلقت على نفسي باب إلهي... وعندما أردت القرع عليه ليفتح ليّ كنت أعمل بالأكثر على إحكام غلقه لأننيّ تجاسرت بالبحث بكبرياء، عن ذاك الذي لا يعرفه غير المتواضعين... بينما كنت أنا هالكًا كنت أظن أنيّ قادر على الطيران فتركت العش وسقطت قبل أن أطير، ولكن إله الرحمة أقامني حتى لا يطأني المارة بأقدامهم حتى الموت، ووضعني في العش]. ويرى القديس غريغوريوس أسقف نيصص أنها تدعوه هنا "مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي" ولا تعطه اسم، لأنها حين طلبته باسم له، ذاك الذي لا يسمى، لم تجده... سألت عنه القوات الملائكية المجتمعين يسبحون معًا في أعداد بلا حصر فصمتوا... إذ هي تطلب ذاك الذي لا يُدرَك بطريقة محدودة مدركة... وفي صمتهم أدركت خطأها. لهذا فإنها تحرص الآن ألاَّ تلقبه باسم ما. ب. في المرحلة الثانية خرجت النفس من ذاتها، إذ تركت فراشها قائلة "أقوم"، ودخلت المدينة تبحث عن عريسها، تبحث عنه داخل المدينة في الأسواق والشوارع. خرج أغسطينوس إلى الأسواق بالبحث عن الله خلال كتب الفلاسفة، وإلى الشوارع بالبحث عنه في الطبيعة، لكنه لم يجد الله، إذ لغباوته خرج يطلب الله خارج نفسه، مع أن الله كان في داخله عميقًا أعمق من عمقه وعاليًا أعلى من علوه. ولعل المدينة هنا تُشير إلى الكتاب المقدس، فدخلت النفس إلى أسواق الكتاب وشوارعه أي رموزه ونبواته ومع هذا لم تستطع أن تلتقي بعريسها، لأنها لم تطلب عون الله الذي يجتذبها إليه. هذا ما صنعه رؤساء الكهنة وكتبة الشعب حين فتشوا في الكتاب وعرفوا عن المسيا أنه يولد في بيت لحم اليهودية (مت 2: 4-6)، مخبرين هيرودس بذلك دون أن يلتقوا هم بمسيحهم! ج. في المرحلة الثالثة بحثت عنه خلال "الحراس" الذين هم خدام الكلمة الإلهي وفي هذه المرة أيضًا لا تقدر أن تلتقي بعريسها إلاَّ بعد تجاوزهم قليلًا. فالعاملون في الكرم يسندون النفس للدخول إلى العريس، لكنهم لا يقدرون أن يدخلوا بها إليه إلاَّ بعمله هو، إذ وحده يقدر أن يجتذب القلب نحوه. حقًا، إن الكهنة ملتزمون بالحراسة، لكن "إن لم يحرس الرب المدينة فباطلًا سهر الحراس" (مز 27: 1). إن كانوا يقومون بالعمل الكهنوتي فمن خلال العريس نفسه "الكاهن على رتبة ملكي صادق إلى الأبد". لقد أدرك الرسول بولس التزام شعبه أن تجاوزه هو ورفقاءه، إذ أكد لأهل كورنثوس "من هو بولس ومن هو أبلوس... أنا غرست وأبلوس سقى، لكن الله كان ينمي" (1 كو 3: 5-6). بالمسيح يسوع نفسه تختبر النفس الاتحاد معه، فتدخل به إلى أعماقها إلى القلب الداخلي، يتناجيان بعيدًا عن كل الأنظار، يكشفان أسرارهما لبعضهما البعض بغير تكلف! إنها تسأل بنات أورشليم، أي المقربات إليها، أن يتركونها مع عريسها في حياة السكون والصلاة الخفية... فإنها تود ألاَّ يشغلها شيء عن بقائها في أحضان هذا العريس الواهب الحياة. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
وعد جديد من الرب: ميثاق أبدي للجنس البشري |
لا تُقتنى الحكمة بالمجهود البشري ذاته |
إنها بعد الرب الحماية الأعظم للجنس البشري |
أيُّها الرب يسوع، أن تعرف ضعفنا البشري |
الإحتراق الذاتي البشري |