![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() من أبرز الفصول في العهد الجديد التي تُوضح لنا الدور الذي يشغله الروح القدس في الإعلان والوحي والإدراك لأقوال الله؛ أعني به ١كورنثوس ٢: ٩-١٣ حيث يقول الرسول بولس: «مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ: مَا أَعَدَّهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ. فَأَعْلَنَهُ اللهُ لَنَا نَحْنُ بِرُوحِهِ. لأَنَّ الرُّوحَ يَفْحَصُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى أَعْمَاقَ اللهِ. لأَنْ مَنْ مِنَ النَّاسِ يَعْرِفُ أُمُورَ الإِنْسَانِ إِلاَّ رُوحُ الإِنْسَانِ الَّذِي فِيهِ؟ هكَذَا أَيْضًا أُمُورُ اللهِ لاَ يَعْرِفُهَا أَحَدٌ إِلاَّ رُوحُ اللهِ. وَنَحْنُ لَمْ نَأْخُذْ رُوحَ الْعَالَمِ، بَلِ الرُّوحَ الَّذِي مِنَ اللهِ، لِنَعْرِفَ الأَشْيَاءَ الْمَوْهُوبَةَ لَنَا مِنَ اللهِ، الَّتِي نَتَكَلَّمُ بِهَا أَيْضًا، لاَ بِأَقْوَال تُعَلِّمُهَا حِكْمَةٌ إِنْسَانِيَّةٌ، بَلْ بِمَا يُعَلِّمُهُ الرُّوحُ الْقُدُسُ، قَارِنِينَ الرُّوحِيَّاتِ بِالرُّوحِيَّاتِ». في هذه الأقوال نجد الفارق بين أمرين وثيقي الصلة ببعضهما، هما: الوحي والإعلان. الإعلان مشغول بالمحتوى، وأما الوحي فمشغول بالتركيب. ومن الأهمية بمكان أن ندرك أنه في كلمة الله فإن المضمون إلهي (وهذا هو الإعلان)، والكلمات ذاتها إلهية (وهذا هو الوحي). في الأعداد السابقة توجد آية هامة، كثيرًا ما أُسيء فهمها، وهي: «قَارِنِينَ الرُّوحِيَّاتِ بِالرُّوحِيَّاتِ»؛ يفهمها البعض خطأ بأنها تعني مُقارنين الرُّوحيَّات بالرُّوحيَّات، أو مُقارنين أقوال الكتاب المقدس ببعضها. وهذا في حد ذاته حسن وجميل، لكنه ليس معنى هذه الآية، بل إنها تعني موصلين الأفكار الروحية (الإعلان الذي أعطاه الله للأنبياء)، بأقوال روحية (هي ذات وحي الله). وبعد دور الإعلان والوحي في أناس الله القديسين، يأتي دور المؤمن كمُتلقّن لتلك الأفكار (١كو٢: ١٤، ١٥)، فيُوضح الرسول أن الروح نفسه الذي تكلَّم من خلال الأنبياء، هو الذي يعمل في قلوبنا وعقولنا ليجعلنا نؤمن بأن هذا هو إعلان الله، ويُنير لنا الفهم من جهة المكتوب، وبدون ذلك يظل العقل في حيرة وارتياب، ولا يقدر أن يقف على صخرة الإيمان الراسخة، بل تُحيط به رياح الشكوك العاتية من كل جانب. لهذا فإن الرسول في ع١٠ من الفقرة السابقة لا يقول: “فَأَعْلَنَهُ اللهُ لَنَا نَحْنُ بِكَلِمَتِهِ“، بل «فَأَعْلَنَهُ (اللهُ) لَنَا نَحْنُ بِرُوحِهِ»؛ فالروح القدس يستخدم الكلمة لتوصيل أفكاره إلينا. فأقوال الله هي عربات لتوصيل أفكاره إلينا. وهذا يُبين لنا ضرورة دراسة كل جزء في الكتاب المقدس. كما أنه يوضح لماذا يُسمى المكتوب: ”سَيْفَ الرُّوحِ“ (أف٦: ١٧). ونحن بالإجمال لن يُمكننا أن نفهم الكتاب المقدس إلا بالروح القدس عينه، الذي أوحى للأنبياء والرسل بكتابته. |
![]() |
|