![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() اَعْطُوا مُسْكِرًا لِهَالِكٍ، وَخَمْرًا لِمُرِّي النَفْسِ [ع 6]. تحسب هذه الأم الحكيمة أن من يسرف في الشرب يُدعى هالكًا ومُر النفس. وكأنه في شيء من التهكم تقول: لتُعطَ الخمر (والمسكر) للهالك ومُر النفس لعله ينسى إلى حين ما هو فيه من هلاك ومرارة، دون أن تنزع عنه دماره أو مرارة نفسه. * اسمع ما يقوله الكتاب المقدس: "اُعطوا مسكرًا لهالكٍ، وخمرًا لمُرّي النفس" [6]. بحق يُمكن للخمر أن تخفف من الآلام والحزن، وتسحب الغيوم عن الجبين، وكما يقول المرتل: "الخمر يُفرح قلب الإنسان" (راجع مز 104: 15). كيف إذن يسبب الخمر سكرًا؟ فإنه لا يمكن للخمر أن يقوم بهذا الدور وذاك بطريقة متناقضة. بلا شك لا يصدر السُكر عن الخمر، بل عن سوء التصرف. لقد أُعطيت الخمر لنا، لا لهدفٍ آخر سوى سلامة الجسد، لكن هذا الهدف قد ضاع بإساءة استخدامها. اسمع أيضًا ما يكتبه الرسول الطوباوي لتيموثاوس: "استخدم قليلًا من الخمر لأجل معدتك وأسقامك الكثيرة" (1 تي 5: 23). هذا هو السبب الذي لأجله شكَّل الله أجسادنا في حجمٍ معتدلٍ نافعٍ فنكتفي بالقليل. بهذا يُعلمنا أنه خلقنا لكي نناسب حياة أخرى (سماوية). نحن غير مستحقين لهذه الحياة (الأخرى)، وفي الوقت الذي فيه أرجأها، لا يسمح لنا بهذا التدليل المبالغ فيه، فإن كأسًا صغيرًا من الخمر ورغيف خبز واحد يكفي لإشباع الجموع. الله رب كل الخليقة خلق الإنسان لكي يطلب طعامًا أقل من الحيوانات، وجعل جسمه صغيرُا ليُعلن لنا بهذا أننا نسرع في طريقنا إلى حياتنا الأخرى، وليس شيئ آخر غير ذلك. قيل: "لا تسكر بالخمر التي فيها المبالغة"، فإنها لا تخلص، بل تحطم، لا الجسد وحده، بل والنفس أيضًا. * بالتأكيد يقوم السكر لا من الخمر، وإنما من المبالغة. وُهب لنا الخمر لا لهدفٍ آخر غير صحة الجسم، ولكن هذا الهدف أيضًا يُعاق بالاستخدام غير المعتدل. القديس يوحنا الذهبي الفم |
|