لِئَلاَّ يَشْرَبُوا وَيَنْسُوُا المَفْرُوض،َ وَيُغَيِّرُوا حُجَّةَ كُلِّ بَنِي الْمَذَلَّةِ [ع 5].
إذ يطلب الإنسان ملذاته الخاصة بانغماسه في شرب الخمر ينسى التزاماته ومسئولياته من نحو خلاص نفسه، كما من نحو الخاضعين له الذين يرعاهم. ينسى دوره كقائدٍ يهتم بفحص قضايا الناس بالعدل، ورفع الظلم والمذلة عنهم. فقد كان دور الملك لا يقف عند الدور السياسي للبلد، وإنما يمارس السلطة التشريعية والقضائية والتنفيذية أيضًا. فإن كانت الخمر تسلب الإرادة، فكيف يسند المظلومين.
* من في العالم لا يعرف أن شرب الخمر بغير اعتدال بما يزيد عن الضرورة، هو اندفاع نحو الانحلال، وطريق لتسيب الإنسان، وأذية للشباب، وتشويه للسن، وخزي للنساء، وسم يؤدي إلى الجنون، وعون للعهة، ودمار للنفس، وقتل للفهم، وتغرُّب عن الفضيلة؟ منها ينبع المرح الدنيء، والمرارة بلا سبب، والدموع بلا معنى، والزهو بلا أساس، والكذب المعيب، والشوق نحو الوهم الكاذب، وتوقع التهديدات العنيفة الهائلة، والخوف بلا سبب، وعدم الحذر مما هو بالحق مخيف، والحسد بلا داعي، والأنس المبالغ فيه، والوعد بأمور مستحيلة - هذا دون الإشارة إلى انحناء الرأس بطريقة غير لائقة، والرعشة، والسير برأسٍ مثقلةٍ - ... وحركة الأعضاء غير المتزنة، وانحناء الرقبة التي لا تقدر بعد أن تسند نفسها على الكتفين، حيث يحل الهزال بعضلات الرقبة بواسطة الخمر.