" صوت صارخ "

[هناء2012]

احتار اليهود في يوحنا المعمدان وسألوه : من أنت ؟ حسبوه المسيح الذي ينتظرونه ، قال : إني لست المسيح . فسألوه : أإيليا أنت ؟ قال : لست أنا . أنبي ؟ أجاب لا . احتاروا أكثر وتحيروا والحوا عليه : فمن أنت ؟ قال أنا صوت صارخ في البرية قوموا طريق الرب .( يوحنا 1 : 19 – 23 ) . وبرغم انه لم يكن الا صوت صارخ في برية ، لكنه بقي يصرخ حتى اليوم . يصرخ ويعلن ويشهد للمسيح . حُفرت كلمته في التأريخ ، وبقيت خالدة ً دائما ً .
قد لا تكون موهوبا ً متميزا ً لك المكانة الأولى والمكان المتقدم ولكنك تترك أثرا ً كبيرا ً وعلامة مميزة على وجه الأحداث . يوحنا المعمدان لم يفعل آية واحدة ولا آية خارقة لكنه تكلم ، تكلم عن خطية هيرودس فارهبه وارعبه . أقلقه وافزعه هو وهيروديا والقصر الملكي كله ، وتصور الملك الشرير أن قتله سوف يُسكت صوته فقتله . ( متى 14 : 1 – 11 ) لكن كلمات يوحنا لم تضع في الهواء ، هزت العرش واسقطته .
وتكلم يوحنا ، لم يفعل آية ، تكلم . وكل ما قاله يوحنا كان حقا ً. ( يوحنا 10 : 41 ) . تكلم عن المسيح ، قال : هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم . والذي يأتي بعدي صار قدامي الذي لست مستحقا ً أن أحل سيور حذائه .( يوحنا 1 : 27 ، 29 ، 30 ) . لم يكن يوحنا هو المسيح ، لكنه شهد للمسيح . لم يكن يوحنا هو النور ، لكنه شهد للنور . ( يوحنا 1 :7 – 8 ) . وبرغم ذلك شهد المسيح عن يوحنا وقال عنه : لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان .( متى 11 : 11 ) .
قد لا تكون في المقدمة . قد لا يكون مكانك على القمة . قد لا تكون الرأس لكنك الرقبة التي تحت الرأس ، والرقبة هامة جدا ً للرأس ، ليست هي الرأس لكنها هامة جدا ً للرأس . لا تستصغر نفسك ، لا تقلل من قيمة عملك . يوحنا لم يكن هو المسيح ، لكنه أعلن عن المسيح . وأنت حين تُعلن عن الحق تكون مثل يوحنا في الأهمية . لك عمل هام أعدك الله له واعده الله لك . حين تفعله بكل القوة والقدرة والأمانة يُسر الله بك ويكافئ عملك ويقدر أمانتك . قد لا تعمل ولا آية واحدة ، لكن كل ما تقوله وتفعله لا يقل شأنا ً عن الآية .