![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فرح السماء الذين هم خارج دائرة المسيح يظنون أن الحياة المسيحية في أعماقها تتسم بالكآبة والتجهُّم وفي ظنهم أن هذا ما يؤول إليه المسيحي، وهو ينشد تنفيذ الوصية، عندما يكتشف قصوره والبون الشاسع الذي يفصله عن بلوغ أبديته. والمسيحي بالفعل لا يستطيع وحده أن ينفِّذ أصغر الوصايا أو أن يغلب أهواءه ومحبته للعالم، فهذا هو عمل "نعمة الله المخلِّصة لجميع الناس" (تي 2: 11). وبقبوله لهذه النعمة والانصياع لها تحدث المعجزة ويصير المؤمن خليقة جديدة تغلب الضعف والنقص والهوان وحتى الآلام والأحزان والتجارب. والمؤمنون الذين يلوذون بالكآبة والتجهُّم خوفاً من السقوط هم مؤمنون مدَّعون، وما يجتازونه سقوط نفسي وحالة مَرَضيَّة وانحصار في الذات وضعف إيمان وتغرُّب عن النعمة. النفس المؤمنة غير المثقلة بالهمِّ يسهل عليها أن تبتسم وتمرح دون أن تخطئ، نعم، لم يذكر الكتاب عن الرب أنه ضحك، ولكننا لا نشكّ أنه كان مبتهجاً وهو يُشارِك في عرس قانا الجليل ويصنع فيه أولى معجزاته ويزيل الحرج عن أهل العُرس الذين نفد خمرهم. ولابد أنه ابتسم عندما نظر إلى الشاب الغني "وأحبه" (مر 10: 21)، ولابد أن وجهه كان يطفح سروراً عندما "تهلَّل يسوع بالروح" (لو 10: 21). وأغلب الظن أنه أَبْدَى فرحه وهو يذكر في أمثاله فرح السماء بتوبة الخاطئ (لو 15: 7و10)، وفرح الراعي الصالح بعثوره على خروفه الضال (لو 15: 5و6)، وفرح المرأة التي وجدت درهمها المفقود (لو 15: 9)، وفرح الآب وسروره بعودة ابنه الشارد (لو 15: 32)، وهو الذي أوصانا - على لسان بولس الرسول - بالفرح مع الفرحين (رو 12: 15). والكتاب حافل بكلمات من قبيل "العريس والعروس" (مر 2: 19و20)، و"العشاء العظيم" (لو 14: 16)، و"العُرْس" (مت 22: 2-12)، و"عشاء عُرس الخروف" (رؤ 19: 9)، و"تسابيح وأغاني روحية" (أف 5: 19، كو 3: 16)، وكلها تتشح بالبهجة التي تسود الحياة في المسيح.![]() الفرح المسيحي - مع هذا - لا يعرف الهزل أو النكات القبيحة، ولا يجرؤ على كسر الوصية، ولا يتشح بوسائل الفرح المصطنع كالخمر والصخب(1)، ولا بتغييب الوعي بالمخدرات. الإنسان الطبيعي لا يعرف غير الفرح السطحي المفتعل، بينما الهموم لا تفارقه أينما سار مهما اجتهد أن يهرب منها. حياة الفرح المسيحي هي من أعمال النعمة، وهي متاحة لكل مَن يؤمن "فالذين هم في الجسد لا يستطيعون أن يرضوا الله" (رو 8: 8). فالمسيحي ليس إنساناً أسطورياً، ولكنه إنسان أدركته نعمة الخلاص، فتغيَّر حاله من البؤس إلى الفرح المجيد. وباسم كل البعيدين الحائرين كانت صرخة القديس بولس: "أجد الناموس لي حينما أريد أن أفعل الحُسنى أن الشرَّ حاضرٌ عندي... وَيْحِي أنا الإنسان الشقي، مَن ينقذني من جسد هذا الموت" (رو 7: 12و24)، ثم كان إعلانه عن سر الفرح: "لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقني من ناموس الخطية والموت... وإن كان المسيح فيكم، فالجسد ميت بسبب الخطية، وأما الروح فحياة بسبب البر" (رو 8: 2و10). |
![]() |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|