منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 28 - 03 - 2013, 06:02 PM
 
كيلارا Female
..::| مشرفة |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  كيلارا غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1049
تـاريخ التسجيـل : Jan 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 10,034

الإيغومانس يؤانِّس قمص شيهيت

يقول المؤرخون إن القرن السابع كان من أزهى العصور الروحية التي عبرت فيها برية القديس مقاريوس، سواء من جهة العبادة وتدبير طقوسها وصلواتها، أو من جهة القديسين الذين عاشوا في هذا القرن، وإن كان لم يُكتب عنها إلاَّ القليل، أو من جهة العمارة التي قامت داخل الدير وخارجه.

وفي هذا القرن السابع بزغت شخصية رائدة مُلْهَمَة - قلما يجود التاريخ بمثلها إلاَّ كل مئات السنين - وليس التاريخ هو الذي يجود بها بل الله الذي لا يترك نفسه بلا شاهد طالما وجد النفوس الباذلة الطائعة لتكون أداة في يد مدبِّر الكنيسة وربَّانها. هذه الشخصية هي القديس أنبا يؤانِّس إيغومانس شيهيت.

+ وقد وُلد في أواخر القرن السادس (حوالي سنة 585م)، وبدأ حياته الرهبانية مع بداية القرن السابع (سنة 603م، أي منذ 1401 سنة).

+ وبالرغم من النشاط الزاخر الذي قام به القديس يؤانس إلاَّ أن المصادر التاريخية الرهبانية كانت شحيحة جداً في ذِكر تفاصيل حياته ورهبنته. ومن سيرة القديس أنبا صموئيل عرفنا أنه التقى وهو في الأَسْر بالقديس يؤانس الذي وقع في أسْر البربر ثلاث مرات. وكما يقول كتاب تاريخ البطاركة: "إنهم استعبدوه وأذلُّوه وحمَّلوه آلاماً كثيرة"، حيث كان يعمل راعياً للجمال إلى عدة سنوات حتى بعد عودة الأنبا صموئيل إلى برية شيهيت بعد قيامه بشفاء زوجة رئيس القبيلة. ويبدو أنه رجع إلى برية شيهيت في بداية دخول العرب مصر.

إقامته إيغومانساً على أديرة برية شيهيت:

وبعد رجوع الإيغومانس يؤانس من الأَسْر، أُقيم إيغومانساً (أي مدبِّراً) على شيهيت وذلك سنة 641م. ويذكر كتاب تاريخ البطاركة أنه كانت العادة في برية شيهيت أن الكاهن الذي يُرسم على مذبح كنيسة أنبا مقار كان يُعيَّن إيغومانساً (أي مدبِّراً) على كل برية شيهيت.

وحينما نال الأنبا يؤانس هذه الخدمة، بدأ ببناء كنيسة أنبا مقار الكبرى بهيكلها المشهور المسمَّى على اسم القديس أنبا مقار، والذي حضر البابا بنيامين (البطريرك الثامن والثلاثون) بعد رجوعه من منفاه ليُكرِّسه، ما ذكرناه في الحلقة 13 من هذه السلسلة من المقالات (عدد ديسمبر 2003، ص 27و28).

بصيرته الداخلية لتدبير نفوس الرهبان:

تظهر بصيرته الروحية الداخلية لتدبير نفوس الرهبان وتهذيبهم من هذه القصة التي وردت في السنكسار، أنه بينما كان أحد القسوس في طريقه إلى باب الكنيسة، رأى الأب يؤانس بالبصيرة الروحية الباطنية، فإذا بهذا القس تحيط به الشياطين من كل جهة ويضعون شيئاً في فمه. ولكنه حينما همَّ بالدخول إلى الكنيسة، رأى وإذا ملاك بيده سيف من النار، يطرد الشياطين عنه. إلاَّ أنه عندما انتهى القس من خدمة القداس الإلهي، وارتدى ملابسه وهمَّ بالخروج من الكنيسة، إذا بالشياطين يحتاطون به مرة أخرى ويسيطرون عليه. بهذه الرؤيا كان القديس يؤانس يُعلِّم تلاميذه أن خدمة الكاهن للأسرار لا تتدنَّس بسيرته السيئة، لأن الأسرار الإلهية هي مقدَّسة وطاهرة مهما كانت خطايا البشر، فهي قادرة على التطهير والتقديس ولا يمكن أن تتدنس بخطايا البشر. وهذا هو رجاؤنا الدائم في الله أن تبقى الأسرار الإلهية الكائنة على المذبح منبعاً دائماً للتطهير والتقديس.

نياحـتـه:

وعندما قربت أيام هذا الكاهن البار، علم بساعة انتقاله بإعلان سماوي. فلما اجتمع الإخوة حوله أعطاهم نصيحته الأخيرة، ثم مرض قليلاً. وفي لحظة انتقاله رأى جماعة القديسين في انتظار خروجه، وكان ذلك يوم 30 كيهك.

وقد عاش هذا الأب تسعين سنة (585-675م)، قضى منها حوالي السبعين سنة راهباً، إذ ترهَّب سنة 603م. وقد جعلته الكنيسة ضمن قديسيها الذين تتشفَّع بهم وتذكرهم في مجمع القديسين، وتقيم لهم التذكار السنوي لنياحتهم.

عظمة القديسين تبدو في كثرة تلاميذهم وعلوِّهم في القداسة والعلم والسيرة الصالحة:

القديسون تظهر عظمة قداستهم في ثمارهم التي تمتد في تلاميذهم ونبوغهم في القداسة والسيرة الصالحة والعلم. وقد امتدت خدمة هؤلاء التلاميذ إلى مدى قرن من الزمان.

وقد رأى بعض المؤرخين الثقاة أن يُقسِّموا أبناء القديس يؤانس إلى مجموعتين: المجموعة الأولى: وتتميز بالحفاظ على قانون تدبير الحياة التوحُّدية الذي كان سائداً في برية شيهيت منذ القِدَم؛ والمجموعة الثانية: وتتميز بالاتجاه نحو التجديد في الحياة التوحدية.

المجموعة الأولى: القديسون المتوحدون:

ومن بين أشهر مَن تضمهم المجموعة الأولى التي تميَّزت بالحفاظ على تراث التوحُّد، القديسان المعروفان باسم: إبراهيم وجورجي، اللذين يُذكر اسمهما في السنكسار تحت يوم 9 طوبة و18 بشنس.

القديس إبراهيم:

وتذكر سيرة القديس إبراهيم أنه ترهب على يد القديس يؤانس الإيغومانس وأنه "عاش في الطريق المستقيم أي طريق الطاعة في كل ما هو صالح، واقتنى الاتضاع وحُسن الظن بكل الناس". وقد نما إبراهيم في طريق القداسة واشتهرت حياته بين الرهبان سريعاً. ويُقال إن ملاكاً كان مُعيَّناً لحراسته وتعزيته، وإن هذا الحارس كان يوبِّخه على أفكار إدانة الآخرين التي كانت تدور في ذهنه تجاه أحد الإخوة، فانتبه القديس وتخلَّص سريعاً من هذه الزلَّة وأصلح قلبه، فابتدأ يتقدَّم بسرعة في طريق القداسة.

وقد أخبر عنه كاتب سيرته، الأنبا زخارياس أسقف صا (وهو أيضاً أحد تلاميذ القديس يؤانس)، أن أحد الإخوة ذهب إليه فجر يوم الأحد ليسأله عن أمر قبل دخول الكنيسة، فلما قرع بابه وجده في حالة تهليل وفرح مفرط، ولما سأله عن سر فرحه أجابه بصعوبة أن القديس غريغوريوس النيسي (وهو قديس من القرن الرابع وأخو القديس باسيليوس الكبير، والاثنان عاشا في منطقة آسيا الصغرى) ظهر له وكان يتحدث معه. ويُفهم من هذه القصة ضمناً أن الاتصال الروحي والفكري مع آباء الكنيسة الأعلام في القرن الرابع والقرن الخامس كان مستمراً لدى نُسَّاك برية شيهيت حتى القرن السابع وما بعده، قبل غياب الفكر اللاهوتي والروحي عن الكنيسة القبطية ابتداءً من القرن العاشر.

القديس جورجي:

وهو الرفيق الدائم للقديس إبراهيم، ويذكر عنهما معاً كتاب تاريخ البطاركة أنهما: "سارا معاً في طريق أنطونيوس الكبير وأكملاه حتى النهاية". وتتلمذ وترهب على يد القديس يؤانس. وقد جُرِّب القديس جورجي بمرض طال زمنه 18 عاماً، ثم لما قربت أيامه طلب أن يتناول من جسد الرب ودمه. وقد حضر إليه أبوه الروحي أنبا يؤانس ودعاه قائلاً: إن الرب يدعوه إلى الوليمة العظمى. فرقد في سلام كامل وهو ابن خمس وثمانين سنة، عاش منها 34 سنة في العالم و51 سنة راهباً.

قلاية القديسَيْن إبراهيم وجورجي:

وتسمى هكذا لأن هذين القديسَيْن عاشا فيها معاً، وكانت تجاور قلاية أبيهما الروحي أنبا يؤانس إيغومانس شيهيت. وظلت هذه القلاية من معالم برية شيهيت البارزة حتى بعد القرن الرابع عشر، حيث كُتب عن البابا بنيامين الثاني (1330م)، أنه في دورته الطقسية يوم أحد الشعانين "زار مغارة الآباء" ثم زار "مقبرة الآباء الرهبان حيث صلَّى صلاة الترحيم على مقبرة إبراهيم وجورجي".

هكذا كانت ذكرى القديسَيْن مستمرة طوال الأجيال وتتداول سِيَر حياتهما بين رجال الكنيسة إكليروساً وشعباً ورهباناً.

القديس أغاثو العمودي:

وهو من أهالي تنيس (جزيرة ببحيرة المنزلة على بُعد 9 كيلومترات جنوبي غرب بورسعيد، وهي الآن مغمورة). وكان يشتاق إلى الرهبنة منذ حداثة سنِّه، ولكن تعوَّق كثيراً إلى أن بلغ الأربعين من عمره. ولما وصل برية القديس مقاريوس تتلمذ على القديسَيْن إبراهيم وجورجي ثلاث سنوات، ثم قدَّماه أمام المذبح إلى القديس يؤانس إيغومانس شيهيت، حيث صلُّوا على ملابسه ومنطقوه بالإسكيم الرهباني.

ثم عاش أغاثو عيشة نسكية قاسية مُكثراً من الصلاة، وشغف جداً بحياة القديس سمعان العمودي (الذي عاش في شمال سوريا من سنة 389-459م). ولما اشتاق إلى أن يقتفي سيرة حياته استشار الآباء (طقس التوحد لا يدخل فيه أحد بمشورة نفسه، بل بتدبير الأب الروحي وتزكية آباء المجمع). وبعد أن حصل على موافقتهم وصلواتهم ترك شيهيت واستقر في مكان قريب من "سخا" (محافظة كفر الشيخ)، حيث بنى له المؤمنون عموداً صعد عليه وعاش عيشة العموديين. وقد تنيح عن مائة عام في 14 توت، قضى منها 50 عاماً في طقس العموديين.

ومن بين الإنجازات التي أكملها القديس أغاثو أنه أقنع الرهبان بضرورة الصلاة بالساعات السبع القانونية كلها، بعد أن كانت قاصرة على صلاتَي الغروب ونصف الليل فقط، كما رأى ذلك يوحنا كاسيان في القرن الرابع.

هذه لمحات مختصرة تلقي الضوء على 3 قديسين عاشوا في القرن السابع متتلمذين على يد القديس يؤانس الإيغومانس، وهم من المجموعة الأولى الذين خلَّدوا الحياة التوحدية. ونكمل في العدد القادم سيرة بعض قديسي المجموعة الثانية الذين دُعوا للأسقفية وخدموا في العالم بعيداً عن التوحُّد، لكنهم كانوا خير رُسل لحياة التوحُّد( ).
رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
سيرة القس إسحق قس شيهيت
الانبا بيشوي في شيهيت
القس إسحق قس شيهيت
أديرة برية شيهيت
شهداء شيهيت الشيوخ | التسعة والأربعون شهيدًا شيوخ شيهيت


الساعة الآن 08:28 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025