إنّ هذا الإيمان يرتبط بالرجاء الذي هو جوهر الحقائق المرجوّة والبرهان عن الحقائق التي لا ترى. ليس الإيمان إنجذاباً شخصياً نحو الخيور الآتية فحسب بل أنه يعطينا منذ الآن شيئًا من الواقع المنتظر. هكذا عاش المسيحيون إيمانهم المليء بالرجاء منذ عصر الاضطهادات وعلى مرِّ العصور، لأنهم يعرفون أنهم يمتلكون خيرات أفضل من الخيرات الآنية. لذلك كانوا قادرين على ترك كل شيء، لأنهم وجدوا أساسًا لحياتهم، أساسًا باقيًا، لا يستطيع أحد أن ينزعه منهم.
وهكذا أيضاً من رجاء الذين مسّهم المسيح ظهر الرجاء للاخرين الذين كانوا يعيشون في الظلمة واليأس " بدون رجاء وبدون اله في العالم" (اف 2: 12). وعد المسيح لهم لم يكن فقط حقيقة منتظرة بل حقيقة حاضرة في حياتهم. هذا ما جعل إيمانهم بالرجاء إيمانًا حيًّا ومثمرًا. لقد أظهر الله ذاته في المسيح، وأشركنا منذ الآن في جوهر الخيور الآتية. وانتظار الله هو إنتظار خيور مستقبلية إنطلاقًا من حاضر هو هنا. ولكن أن نعرف كيف ننتظر فذلك يتطلب منا الثبات حيث نحن اينما كنّا لنستطيع نوال " تحقيق الوعد" (عب 10: 36).