* الذين يؤمنون أن الأمور البشرية تقودها العناية الإلهية لا ينسبون شيئًا تحقق بواسطة البشر إلى مجهودهم الذاتي. "إن لم يبن الرب البيت باطلًا يتعب البناءون. وإن لم يحرس الرب المدينة باطلًا يتعب الحراس" (مز 127: 1). إنه لا يقول إنه لا يجوز لأحدٍ أن يبني، أو لأي أحدٍ أن يحرس المدينة، بل يليق بهذا أن يتذكر بأنه إن لم يعطِ الله نجاحًا للمجهود المبذول، فإن كلًا من المجهود والذين يصارعون لأجله يصيرون بلا نجاحٍ. إنه من جانبنا لنا أن نبدأ، ولكن من جانب الله أن يهب النجاح. نحن نبدأ نبني البيت، والله يعيننا ويكمل العمل. نحن نحرس مدينتنا، ونراعي القرار بأن نحرسها، لكن الله هو الذي يحفظها دون أن تُدمر أو تُهزم من المعتدين عليها. هذا عبَّر عنه سفر الأمثال: "فوق كل تحفظ احفظ قلبك" (أم 4: 23). مع هذا فإنك وإن كنت بنفسك تحفظ قلبك بك احتراسٍ، لكنك تقول لله: "أنت أيها الرب تحرسنا وتحفظنا" . هذا الفكر يؤكده بولس إذ يقول: "فإن ليس لمن يشاء، ولا لمن يسعى، بل لله الذي يرحم" (رو 9: 16). إنه لا يمنع الركوض نحو تحقيق أهدافنا في السعي وأن ترغب فيها، وإنما يمنعنا من أن نظن أننا نبلغها بمجهودنا الذاتي. كثيرون من الذين كان لهم هذا التوقع وُجدوا غير ناجحين في جهودهم.
القديس ديديموس الضرير
كيف نتمسك بالوديعة ونحفظها؟ "بالروح القدس الساكن فينا".
يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [ليس في قدرة نفس بشريّة أن تحفظ أمورًا عظيمة كهذه؛ لماذا؟ لأنه يوجد لصوص كثيرون يتربصون لها، وظلمة كثيفة، وشيطان على الأبواب يدبر خططًا ضدها! كيف إذن يمكننا أن نحفظها؟ بالروح القدس؛ بمعنى إن كان الروح ساكنًا فينا، إن كنا لا نطرد النعمة يقف (الله) معنا. فإنه "إن لم يبن الرب البيت فباطلًا يتعب البناؤون، وإن لم يحرس الرب المدينة فباطلًا يسهر الحراس" (مز ١٢٧: ١). هذا هو حصننا، هذه هي قلعتنا. هذا هو ملجأنا! إن كان الروح ساكنًا فينا وهو حارسنا، فما الحاجة للوصية؟ لكي نتمسك بالروح، ولا نجعله يهجرنا.]
* لقد ذهب بولس إلى هنا وهناك كطائرٍ ذي أجنحة. وبفمٍ واحدٍ (بالتبشير) حارب ضد العدو... كان الخيام (بولس) أقوى من الشيطان... إذ نال العربون، وحمل خاتم الزواج.
رأى كل البشر الله قد خطب طبيعتنا، ورأى الشيطان ذلك وتقهقر. رأى العربون (الروح القدس) وارتعب منسحبًا، رأى ملابس الرسل فهرب (أع ١٩: ١١). يا لقوة الروح القدس. لقد أعطى سلطانًا لا للروح ولا للجسد فحسب، بل وللثوب أيضًا، وليس فقط للثوب بل وللظل.
القديس يوحنا الذهبي الفم