يقول الفريد دي موسيه:"الإنسان تلميذ والألم معلّمه ولا أحد يعرف نفسه ما لم يتألم". فمن على الصليب نفرّغ ذواتنا من التصلّب والكبرياء والإدّعاء ونلتحق بمريم ويوحنا وندخل في جماعة التلاميذ حيت يتجلّى الحبّ الإلهي ونستقي من ينابيع الروح القدس الذي يكشف لنا نهاية كل حياة ومجانيّة الحبّ الحقيقي:"إذا أحبني أحد، حفظ كلامي فأحبّه أبي. ونأتي إليه فنجعل لنا عنده مقاماً" (يو14/23) .
وفي هذا الصدّد يردّد القديس بولس:"أتمُ في جسدي ما نقص من آلام المسيح في سبيل جسده الذي هو الكنيسة" (قول1/24) . لذا فكل ما يمر به المؤمن من آلام وعذابات يحوّله الروح القدس إلى قوة خلاصية، إذ يوحّد المسيحي المؤمن بيسوع المسيح المتألم والمصلوب والقائم من الموت. لذلك فالآلام هي لنا فرصة خلاصيّة مدعوون إلى ننتهزها ليشترك كلّ منّا في فداء نفسه والكنيسة والعالم.
فإذا كانت الآلام ترافق الإنسان في تلك الطريق التي تمرّ في وسط الحياة، إلاّ ان هذه الطريق تسير بنا نحو مسيرة النضج النفسي والروحي، إنها الولادة إلى حياة روحيّة حقيقية. ولا بدّ من أن يرافق الولادة ألم لا يبرح أن يتبدّد ليحلّ مكانه فرح في حياة تنمو لأنها تختبر دائماً الحبّ المجاني الذي يتجلىّ بموت يسوع على الصليب.