![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() بمحبة داود للأعداء سما إلى مَرْتَبةِ الشهداء لم نسمع عن داود أنه تذمَّر على الله الذي سمح بوجود شاول مُقاوِمًا له بكل عنفٍ. لقد حسب وجوده إحدى بركات الرب له، إذ مارس الصلاة لأجله، وطلب له الرحمة من الله، فارتفع إلى رُتْبَةِ الشهداء، ونال إكليلاً مُضاعَفًا ثلاث أو أربع مرات. بينما حُسِبَ شاول كمن قتل داود مرات ومرات، حُسِبَ داود كمن استُشهِد مرات ومرات، فهو شهيد الحب والصبر وطول الأناة. كثيرًا ما نخسر بسبب مُداهنة الأصدقاء لنا بكلمات معسولة، أما الأعداء فيدفعوننا إلى التعرُّف على أخطائنا إن انتقدونا عن حقٍ، أو إلى التمتُّع ببركات الصبر والاستشهاد. v ألم يُخَطِّطْ ليُحَطِّمَ حياتي، ويسعى نحو قتلي؟ يُحسَب هذا العمل بالنسبة لك استشهاد، بشرط أن تَعتبر من بين البركات التي قُدِّمَت لك هو من يُخَطِّط (مؤامرات) في عداوة ضدّك، وتبقى مُصَلِّيًا لأجله، بل تطلب من الله أن يرحمه. ليت انطباعنا في كل شيءٍ أن الله لم يمنع (شاول) من قتل داود، بل بالحري لنضع في اعتبارنا أن داود نال إكليلاً مُضاعَفًا ثلاث أو أربع مرَّات خلال مكائد شاول. ها أنتم ترون أن الذي أنقذ حياة العدو الذي ألهب رمحه ليصوبه نحو رأسه (1 صم 19: 9، 10)، والذي كان في وضع يسمح له بطرده، ومع ذلك عفا عنه داود، مع إدراكه أنه بعد العفو عنه سيعود إلى حيله القديمة، وقد قتله مرات بلا عدد، غير أن بقتله مرات بلا حصر، نال داود أكاليل الاستشهاد. يقول الرسول بولس أيضًا: "أموت كل يومٍ لأجل الله" (راجع 1كو 15: 31)... كثيرون يشعرون أنه إذا أُسيء إلى سمعتهم، وصاروا موضع شك بواسطة أعدائهم، فهذا أكثر من الموت، لا يمكن احتماله أيًّا كان نوعه. هلمّوا نفحص هذا جيدًا. هل تحدَّث أحد عليك بالشر، فدعاك زانيًا وداعرًا؟ إن قالوا هذا عن حق، أَصلِحْ طُرُقَك، أما إن كان كذبًا، فلتضحك عليه ولا تحتقره، بل افرحْ وتهللْ، حافظًا توجيه الرب في هذا الأمر: "طوبى لكم إذا عيَّروكم وطردوكم، وقالوا عليكم كل كلمة شريرة من أجلي كاذبين. افرحوا وتهللوا، لأن أجركم عظيم في السماوات" (مت 5: 11-12). وأيضًا: "افرحوا وتهللوا إذا أخرجوا اسمكم كشريرٍ باطلاً" (راجع لو 6: 32-33). حتى إن كانوا مُحقّين فيما يقولون، فإن قبلتَ كلماتهم بلطفٍ بدون أن تؤذيهم أو تشتمهم، بل تتنهد بمرارة، وتدين أخطاءك، تحصد مكافأة ليست بأقل من الحالة الأولى (أي قبولك الإهانة والتعيير ظلمًا)... الأصدقاء غالبًا ما يُداهِنوننا لأجل منفعة، بينما الأعداء يضعون خطايانا أمامنا، إذ لمحبتنا لذواتنا لا نرى سقطاتنا. في مرات كثيرة يقتني الأعداء نظرة دقيقة فينا، وذلك بسبب عداوتهم. وإذ يُوبِّخوننا، يجتذبوننا لإدراك حاجتنا إلى الإصلاح. بهذا فإن عداوتهم لنا تصير مَصْدَرًا لمنفعة عُظْمَى، ليس فقط لأننا نشكرهم على أنه بذكرهم إيَّاها ندرك خطايانا، وإنما لأننا بذلك نتخلَّى عنها. أقصد أنه عندما يُوَبِّخك عدو عن خطية يعرفها ضميرك، فتئن بمرارة وتسأل الله عنها، فإنك للحال تَتَخلَّى عن كل خطية. بالتأكيد، ليس أمر أكثر تطويبًا عن هذا؟ أي طريق أكثر سهولة للتحرُّر من الخطايا مثل هذا؟ القديس يوحنا الذهبي الفم في مَثَلِ الفرِّيسي والعشَّار (لو 18: 14) يُصَوِّر القديس يوحنا الذهبي الفم الفرِّيسي وقد هاجم العشَّار حتى في صلاته قائلاً إنه ليس مثله يرتكب خطايا كثيرة وخطيرة. وقد انتفع العشَّار من مَوْقِف الفرِّيسي، فلم يُعاتِبه بكلمة، ولا برَّر نفسه، كما يفعل كثيرون، إنما بانسحاق قلب قال: "اللهم ارحمني أنا الخاطي"، فخرج مُبَرَّرًا. يُعَلِّق القديس يوحنا الذهبي الفم، قائلاً: v أترون اليقظة؟ لقد قَبلَ التوبيخ، وطهَّر نفسه. لقد عرف خطاياه، وتَرَكَها. الاتهام بالخطية أدَّى إلى ترك الخطية، وبغير قصد، صار عدوُّه نافعًا له. أقصد أي مجهود طُلِبَ من العشَّار لكي يسرع وينبطح أرضًا، ويسهر، ويعطي خيراته للمحتاجين، ويجلس طويلاً في التراب، حتى يتخلَّى عن هذه الخطايا؟ قيل إنه بدون أي شيء من هذا النوع ترك كل شرِّه بكلمة، بالتوبيخات وإساءة الأعداء لنا، إن قبلناها بروحٍ صادقة! فإنها نافعة لنا سواء كان ما يقولونه كذبًا أو حقيقيًا، فلماذا ننزعج؟ لماذا نبكي؟ إن لم تؤذِ نفسك، يا من أنت قابل للموت، لا يستطيع صديق أو عدو أو الشيطان نفسه أن يؤذيك. بالحقيقة حيث أن الذين يُسيئون إلينا وينشرون الإشاعات، هؤلاء الذين تبلغ مؤامراتهم الحياة نفسها (أي يُدَبِّرون لقتلنا)، فإنهم يعملون لصالحنا، ويُضَفِّر بعضهم لنا إكليل الاستشهاد، إن قدَّمنا البرهان (العملي)، بينما يستهجن البعض خطايانا، إذا بهم يجعلوننا أبرارًا كما في حالة العشَّار، فلماذا نثور عليهم؟ ليتنا لا نقول: هذا وذاك أثارني، وفلان قادني للتصرُّف بطريقة مُشِينة. فإننا في كل حالةٍ نحن مسئولون عن ذلك. أقصد، إن كنا قد أعددنا أنفسنا لإظهار القِيَم السليمة، حتى الشيطان لا يقدر أن يدفعنا إلى الغضب. هذا واضح في داود! القديس يوحنا الذهبي الفم |
![]() |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
بمحبة داود للأعداء فرَّح قلوب البشر وأبهج السمائيين |
يشعر داود بمحبة الله الذي سر بأن باطن داود |
تذكرنا بمحبة الشهداء للرب علي من التعذيب |
نتمسك بالمحبة الطاهرة حتى للأعداء |
تأمل الشهداء - أبونا داؤد لمعى |